أمس رحل أحد أكبر المشاكسين في الحياة الصحفية المصرية. بالأمس رحل الولد الشقي محمود السعدني. الكاتب.. الساخر.. أحد ملوك الكلام في مصر.. المشاغب الذي قضي جزءا كبيرا من حياته رحالة بسبب كتاباته التي أثارت غضب السلطة في مصر ودول أخري. محمود السعدني النواة الأساسية لخلية السخرية الأدبية. صاحب الولد الشقي والولد الشقي في المنفي, والولد الشقي في السجن وحمار ما الشرق والموكوس في بلاد الفلوس وأمريكا ياويكا ومسافر علي الرصيف ومسافر بلا متاع. محمود السعدني هو القاسم المشترك بين كل المثقفين المصريين. هو ابن البلد الذي قضي ساعات طوالا علي قهوة الجيزة يجري حوارات مع الناس العاديين يتفاعل معهم ويتفاعلون معه. شارك في تأسيس وتحرير عدد من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها. رأس تحرير مجلة صباح الخير في الستينيات. وسجن أيام السادات. هرب إلي لندن وأصدر مجلة23 يوليو وعاد من منفاه الاختياري عام1982. له ذكريات طويلة في بريطانيا والعراق وأبوظبي. تنقل بين هذه البلاد بحثا عن لقمة العيش. كلماته الساخرة لم توفر له ملجأ مريحا إذ كانت تؤذي السياسيين فينتفضون فيسعي إلي الابتعاد عن مرماهم عاش أيضا فترة في لبنان. رحل السعدني بشكل مأساوي أمس حين ناوبته أزمة صحية في عامه الـ82 ونتيجة لعدم امتلاء الأنبوبة التي تمده بالأكجسين جروا به إلي مستشفي الانجلو ليفارق الحياة بعد نضال طويل مع الحياة. لقد أدخل محمود السعدني البسمة علي شفاه الملايين من قرائه المصريين والعرب. لقد كرس السعدني مدرسة في الكتابة الساخرة بدون أن يقصد فقد كان كاتبا أصيلا ومثقفا متمردا.. رحمه الله.