«لن تستطيع معى صبراً» بقلم نادين البدير ٣٠/ ٤/ ٢٠١٠ تظلم الدنيا أمامك، كل ما حولك يغدو معتماً. تتقلص لحظات السعادة ويحل الحزن... نكبة من نكبات الحياة. لا تعلم ما الذى يصيبك. فالمصائب تتلاحق، والحلول مجهولة. كل شىء ضيق، وليس يحمل الأفق أى انفراجات. تبدأ الآن الأسئلة البشرية الروتينية: لماذا أوقعنى حظى العاثر؟ هل انتهت حلاوة الأيام؟ لماذا أنا؟ ماذا اقترفت يا ربى؟ لماذا ولماذا... وسلسلة من الاستفسارات موجهة للأرض والسماء، وللمجرات والنجوم عن المؤامرة التى ينشغل الكون وتنشغل الطبيعة بحياكتها ضد صاحب البلاء المسكين. هكذا هو الوضع الطبيعى لأكثر الناس وتلك كانت عباراتى اللوامة قبل سنين لدى مواجهة أى مصاعب. ألوم القدر. ألوم الناس والدنيا، والحظ الأسود. كان أعظم سؤال أحمله وأحلم بإجابة شافية عنه: لماذا؟ سمعت عبد الحليم يغنى قصيدة (لست قلبى)... كانت بمثابة دواء يشفى العليل، كلما وصلت للمقطع القائل.... قدر أحمق الخطا سحقت هامتى خطاه... أعيد سماعه عشرات المرات.. وصف دقيق لحياتى وأزماتى بعدها تعرفت على أناس يعتقدون أن قدرهم أحمق كذلك، أسمعتهم الأغنية وأعدتها عليهم فأكدوا انبهارهم بذلك الوصف الأدبى الدقيق لما يمرون به.. لماذا اجتمعوا معى بتلك الصفة القدرية؟ المفترض أن هذا البيت الشعرى قد صمم لأجلى فقط. ركزت أكثر بالوجوه من حولى وما تحكيه الألسن فاكتشفت أن أناساً كثيرين يجتمعون فى صفة الحظ العاثر.. أغلبهم يؤمنون أنهم محل شفقة. لابد أن هناك تفسيراً للموضوع.. أغنياء وفقراء، حسناوات وقبيحات، متعلمون وجهلاء، أولاد ناس وأولاد شوارع... كلهم مشتركون بحظهم الأسود ومعاكسة الدنيا لأحلامهم. جميعهم يبدأون الحديث عن أنفسهم بعبارة واحدة: الحمد لله، سعداء وراضين ومكتفين.. وبعد استجواب بسيط يكشفون عن ماض يجهلون أسبابه لكنهم لا يبحثونها، عن مشاكل يعتقدون أنها سلبتهم الراحة عنوة، عن موت وسرقة وطلاق وحوادث ألمت بهم وتركت جروحاً قلبية لا تشفى. لسانهم يقول: نحمده فتلك إرادته. لكن أعينهم تتساءل بحزن: لماذا؟ وفى مرة من المرات (قبل سنوات) تمعنت بآيات إحدى السور التى كنت أمر عليها كثيرا، وأقرؤها كثيراً. لكنى لم أفكر يوما أنها ستحمل لى تفسير كل سأم. أجمل حكمة كونية أقرؤها فى سورة الكهف قصة معروفة. يمر سيدنا موسى فى طريق سفره على حكيم فيسأله موسى: (هل أتبعك على أن تعلمنى مما علمت رشدا) فترد الحكمة وتقول: (إنك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا)؟ يوافقه النبى ويعده بالصبر وعدم المعصية فينطلق والحكيم. فى طريقهما يصادفان أقواما وجماعات ويأتيان على قرية، تحدث قصص عجيبة، إذ يخرق الحكيم سفينة، يقتل صبيا، يبنى سورا دون أجرة.. وفى كل مرة يعتقد النبى أن الحكيم إنما يحدث شيئا إمراً.. فيسأله عن ذلك الافتراء.. ويكرر الحكيم الإجابة: (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا)؟ وكما هو معروف، فقد أبلغ «الحكيم» النبى موسى تأويل (ما لم يسطع عليه صبرا) حين فارقه لعدم تمكن موسى من الصبر على أحداث الدنيا دون أن يكرر أسئلته التى تشبه السؤال (لماذا؟) فإذا المصائب التى فعلها بحق أولئك الناس إنما هى حماية مستقبلية لهم وتأميناً لحياتهم. الآن بدأت أطمئن للدنيا.. المصائب والأفراح فى حالة من التعاقب إذن. هكذا تنتظم الأمور.. الحكيم هو من يحاول فهم هذه المعادلة الإلهية فيرتاح لدنياه.. إن لكل حدث تفسيراً وحكمة ولكل أمر حدثاً يسبقه. من الصعب أن نطلق بعد اليوم مصطلحات تحمل معانى الخير المطلق أو الشر المطلق على المواقف. فما نراه شرا مطلقاً قد يكون مدخلاً لخير قادم. وما نراه خيرا مطلقاً ربما هو تمهيد لشىء مغاير ينتظرنا.. ليس هناك فرح أبدى ولا بكاء أبدى... هكذا خلقت الدنيا. هل عانى أحدنا من اسوداد دائم دون انقطاع؟ أم كانت السعادة كما الحزن تجىء وتغيب؟
تظلم الدنيا أمامك، كل ما حولك يغدو معتماً. تتقلص لحظات السعادة ويحل الحزن... نكبة من نكبات الحياة.
لا تعلم ما الذى يصيبك. فالمصائب تتلاحق، والحلول مجهولة.
كل شىء ضيق، وليس يحمل الأفق أى انفراجات.
تبدأ الآن الأسئلة البشرية الروتينية:
لماذا أوقعنى حظى العاثر؟
هل انتهت حلاوة الأيام؟
لماذا أنا؟ ماذا اقترفت يا ربى؟
لماذا ولماذا... وسلسلة من الاستفسارات موجهة للأرض والسماء، وللمجرات والنجوم عن المؤامرة التى ينشغل الكون وتنشغل الطبيعة بحياكتها ضد صاحب البلاء المسكين.
هكذا هو الوضع الطبيعى لأكثر الناس وتلك كانت عباراتى اللوامة قبل سنين لدى مواجهة أى مصاعب. ألوم القدر. ألوم الناس والدنيا، والحظ الأسود. كان أعظم سؤال أحمله وأحلم بإجابة شافية عنه: لماذا؟
سمعت عبد الحليم يغنى قصيدة (لست قلبى)... كانت بمثابة دواء يشفى العليل، كلما وصلت للمقطع القائل.... قدر أحمق الخطا سحقت هامتى خطاه... أعيد سماعه عشرات المرات.. وصف دقيق لحياتى وأزماتى بعدها تعرفت على أناس يعتقدون أن قدرهم أحمق كذلك، أسمعتهم الأغنية وأعدتها عليهم فأكدوا انبهارهم بذلك الوصف الأدبى الدقيق لما يمرون به.. لماذا اجتمعوا معى بتلك الصفة القدرية؟
المفترض أن هذا البيت الشعرى قد صمم لأجلى فقط. ركزت أكثر بالوجوه من حولى وما تحكيه الألسن فاكتشفت أن أناساً كثيرين يجتمعون فى صفة الحظ العاثر.. أغلبهم يؤمنون أنهم محل شفقة. لابد أن هناك تفسيراً للموضوع.. أغنياء وفقراء، حسناوات وقبيحات، متعلمون وجهلاء، أولاد ناس وأولاد شوارع... كلهم مشتركون بحظهم الأسود ومعاكسة الدنيا لأحلامهم. جميعهم يبدأون الحديث عن أنفسهم بعبارة واحدة: الحمد لله، سعداء وراضين ومكتفين.. وبعد استجواب بسيط يكشفون عن ماض يجهلون أسبابه لكنهم لا يبحثونها، عن مشاكل يعتقدون أنها سلبتهم الراحة عنوة، عن موت وسرقة وطلاق وحوادث ألمت بهم وتركت جروحاً قلبية لا تشفى. لسانهم يقول: نحمده فتلك إرادته. لكن أعينهم تتساءل بحزن: لماذا؟
وفى مرة من المرات (قبل سنوات) تمعنت بآيات إحدى السور التى كنت أمر عليها كثيرا، وأقرؤها كثيراً. لكنى لم أفكر يوما أنها ستحمل لى تفسير كل سأم. أجمل حكمة كونية أقرؤها فى سورة الكهف قصة معروفة. يمر سيدنا موسى فى طريق سفره على حكيم فيسأله موسى: (هل أتبعك على أن تعلمنى مما علمت رشدا) فترد الحكمة وتقول: (إنك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا)؟
يوافقه النبى ويعده بالصبر وعدم المعصية فينطلق والحكيم. فى طريقهما يصادفان أقواما وجماعات ويأتيان على قرية، تحدث قصص عجيبة، إذ يخرق الحكيم سفينة، يقتل صبيا، يبنى سورا دون أجرة.. وفى كل مرة يعتقد النبى أن الحكيم إنما يحدث شيئا إمراً..
فيسأله عن ذلك الافتراء.. ويكرر الحكيم الإجابة: (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا)؟
وكما هو معروف، فقد أبلغ «الحكيم» النبى موسى تأويل (ما لم يسطع عليه صبرا) حين فارقه لعدم تمكن موسى من الصبر على أحداث الدنيا دون أن يكرر أسئلته التى تشبه السؤال (لماذا؟) فإذا المصائب التى فعلها بحق أولئك الناس إنما هى حماية مستقبلية لهم وتأميناً لحياتهم. الآن بدأت أطمئن للدنيا.. المصائب والأفراح فى حالة من التعاقب إذن. هكذا تنتظم الأمور.. الحكيم هو من يحاول فهم هذه المعادلة الإلهية فيرتاح لدنياه.. إن لكل حدث تفسيراً وحكمة ولكل أمر حدثاً يسبقه.
من الصعب أن نطلق بعد اليوم مصطلحات تحمل معانى الخير المطلق أو الشر المطلق على المواقف. فما نراه شرا مطلقاً قد يكون مدخلاً لخير قادم. وما نراه خيرا مطلقاً ربما هو تمهيد لشىء مغاير ينتظرنا.. ليس هناك فرح أبدى ولا بكاء أبدى... هكذا خلقت الدنيا.
هل عانى أحدنا من اسوداد دائم دون انقطاع؟ أم كانت السعادة كما الحزن تجىء وتغيب؟