البابا شنودة.. والتطبيع.. ومنتخب مصر!

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : احمد جلال | المصدر : www.korabia.com

 
 
 

احمد جلال
* منذ بضع سنوات قليلة كان اللواء الدهشورى حرب رئيس اتحاد الكرة الأسبق حريصا فى كل مناسبة على أن يؤكد شعار «اتحاد الكرة سيد قراره» ليدلل من خلاله على أنه لا يجرؤ أحد على ممارسة أى ضغوط من أجل إصدار قرار.. وكان حرب يستنكر دائماً جملة «دى تعليمات من فوق» وكلما حدثه أحد عن وجود ضغوط من نوع ما يرد قائلاً: ممكن أعرف من هو الذى يمارس هذا الضغط..و مين اللى فوق ده؟! «اتحاد الكرة سيد قراره».. وذلك على طريقة مجلس الشعب سيد قراره التى ظهرت مع تولى الدكتور أحمد فتحى سرور رئاسة مجلس الشعب.. وأرجو ألا يسألنى أحد عن تاريخ توليه لأنى كنت أصغر من أن أدرك ذلك وقتها!

لكن الأحوال تبدلت مع تولى سمير زاهر رئاسة اتحاد الكرة.. ويبدو أن الأخير تعلم كثيرا من درس صديقه القديم، ودرسه هو أيضاً حين تم إجباره على الاستقالة بتعليمات من الدكتور كمال الجنزورى وذراعه اليمنى طلعت حماد بعد الخسارة الثقيلة أمام السعودية 1/5 فى كأس القارات عام 99، خاصة أن زاهر جاء إلى مقعده بالانتخاب بعد مرحلة تعيين انتقالية استمرت عاما كاملا تولى خلالها المسئولية عصام عبدالمنعم.. ولم يفكر زاهر للحظة فى أن يصطدم بالجهة الإدارية، بصرف النظر عن القائم عليها سواء كان الدكتور ممدوح البلتاجى وزير الشباب السابق أو المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة.

ومع كل موقف يحتاج إلى قرار صارم.. يلتزم زاهر ورفاقه الصمت، فعلوا ذلك بعد مباراة البليدة مع الجزائر التى خسرناها 1/3، ولم يعلنوا عن وجود أى تحرشات إلا بعد تصعيد الأزمة مع مسئولى الجزائر فى أعقاب أحداث مباراتى القاهرة وأم درمان.. وبرروا صمتهم المريب وقتها بقولهم إن الخارجية المصرية طلبت الصمت حتى لا تتوتر العلاقة بين البلدين.. وأوهموا الجميع بأن مؤتمراً صحفيا عالميا سوف يتم عقده لكشف ما أسموه تجاوزات الجانب الجزائرى فى أم درمان.. ثم عادوا ليرفعوا راية الاستسلام معلنين أن الخارجية «برضه» طلبت عدم فتح الملف بدعوى الحفاظ على العلاقات الأخوية «!!».. مع العلم بأن الملف المصرى وفقا لتصريحات أبوريدة نفسه ض. ج.. أى ضعيف جداً!

والآن.. يقف مسئولو اتحاد الكرة أشبه بكائنات عاجزة لا حول لها ولا قوة.. «عفوا لن استخدم ألفاظ ممدوح عباس.. برضه ميصحش».. انتظاراً لتعليمات «إللى فوق» كى تحدد لهم هل يسافر المنتخب الأوليمبى الذى يقوده الكابتن هانى رمزى إلى الأراضى العربية المحتلة لملاقاة نظيره الفلسطينى من أجل أداء مباراة ودية، أم يتم إلغاء هذه المباراة حتى لا يتم تلطيخ جوازات سفر نجوم مصر بنجمة داود التى يجب أن يوصم بها كل من يعبر الحدود بين مصر وفلسطين الواقعة تحت الاحتلال الصهيونى.

وبدا وكأن سمير زاهر وأعضاء اتحاد الكرة عاجزين عن اتخاذ القرار السديد.. رغم أن منهم أعضاء مجلس شورى ومجلس محلى.. وأعضاء فيما اصطلح على تسميته بلجنة السياسات فى الحزب الوطنى الحاكم، لكن كل هذه الخبرات التى يفترض أنها عميقة فشلت فى أن تكفل لأهل الجبلاية اتخاذ القرار السديد.. فى انتظار ما سيقوله «الناس اللى فوق»!

واللافت أن بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية شنودة الثالث كان حريصا فى عظته نصف الشهرية التى ألقاها فى 1 مار س الجارى على تجديد رفضه السماح للأقباط بزيارة الأراضى المحتلة فى فلسطين.. وربط هذه الزيارة بانتهاء الصراع والحروب الدائرة فى المنطقة وقال «القدس لم تعد بلدا آمنا بعد الأحداث الأخيرة بها ولا يجب أن يذهب الأقباط إلى هناك احتراما لمشاعر الفلسطينيين.. ويجب أن يصاحبهم فى الزيارة إخوانهم المسلمون»، إنه موقف يعكس رفض الرجل التطبيع وتلطيخ يد المصريين مع الصهيانة الذين ينتهكون أعراض الفلسطينيين ويستحلون دماءهم.

هكذا قال الأنبا شنودة الثالث.. وهكذا يجب أن تكون مواقف الرجال.. واضحة.. صريحة.. محددة، من دون تمييع غير مفهوم وغير مبرر.. ومن دون انتظار لقرار فوق.. ووصم جوازات سفر نجوم مصر بنجمة إسرائيل، عار على اتحاد الكرة قبل أن يكون عارا على اللاعبين وجهازهم الفنى.. ولن ينتهى الاحتلال بمباراة كرة.. ولن يرتعد الاحتلال من دخول منتخب مصر إلى فلسطين فيفر هارباً إلى حيث حدود عام 48 ليطبقوا القرار 242 الذى دفنته إسرائيل فى أدراج الأمم المتحدة.

لا تنتظر «الناس اللى فوق».. يا كابتن سمير.. وكن سيد قرارك.. إلا إذا كنت ترفض شجاعة القرار.. وترفض أيضاً تغيير انطباع ممدوح عباس عن أهل الجبلاية!