أنا أنفي .. إذن أنا موجود

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : وليد قاسم | المصدر : www.korabia.com


 

وليد قاسم

وسط التراجع الملحوظ لشعبية الصحافة الورقية الرياضية بين محبي وعشاق الرياضة في البلاد، والذي يعود بالأساس لأسباب خارجة عن إرادتها تتعلق بمواعيد الطبع وغيرها جعلتها وراء الخبر والمعلومة الصحيحة بخطوات، ووسط وصلات الردح والمستوى المتدني والضحل للحوار والتحاور الذي بات السمة المميزة لأغلب البرامج الفضائية الرياضية التي تعج ليلاً ونهاراً بالمفردات الغريبة والألفاظ الدخيلة على الوسط الرياضي، تقف المواقع الإلكترونية في الواجهة تحمل على عاتقها تلافي سلبيات هذه وتلك، يغلف موقفها صعوبة بالغة ما بين "فئة محترمة" لديها رغبة جامحة في تقديم المعلومة الصادقة بالسرعة والدقة اللازمتين، وفئة أخرى تبحث فقط عن الإثارة تخترع وتنقل تصريحات وأخبار مفبركة رغبة في المزيد من الجماهيرية على أنقاض عناصر المنظومة بالكامل.

ففي الآونة الأخيرة، تصاعدت نغمة غريبة يمكن إيجازها في عبارة وحيدة هي "أنا أنفي .. إذن أنا موجود"، فهذا لاعب يخرج بتصريح اليوم ويستعد للنفي غداً، وذلك حارس يؤكد اليوم إنه في سبيله للرحيل عن ناديه إذا انضم منافساً عتيداً له، ويخرج لينفي في اليوم التالي، وهذا مسئول باتحاد الكرة يؤكد أن العلاقات مع الجزائر باتت في الطريق الصحيح ثم يقوم بالنفي بعدها بساعات، وها هو لاعب يؤكد رفضه الإنضمام لفريق معين وعندما يقف أمام الجماهير والكاميرات يؤكد إنه يكن له كل الإحترام والتقدير وينتمي له منذ الصغر .. إنها مهزلة بحق أن يخدع القاريء ويصبح تائهاً بين الحقائق والشائعات، وحائراً بين الصح والخطأ، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب .......


فقد تعرض korabia.com لأكثر من موقف محير خلال مسيرة عمله القصيرة منذ أن خرج للنور، ووسط رغبته الصادقة في نقل المعلومة والخبر والأحداث بشكل سريع وفور وقوعها لجماهيره، وحرصه الشديد في الحصول على المعلومة من مصدرها الحقيقي، يفاجأ بنفس المصدر ينفي ما صرح به في موقع آخر ويعلن دهشته منها وتنكره لها في قناة فضائية أو برنامج إذاعي، وقد ساقتنا خبرتنا في المجال لأسباب تلك المهزلة التي تسخر في مضمونها من القاريء وتستهين به، وذلك عندما تيقنا من إنها خطوة محسوبة من قبل اللاعبين والشخصيات المعروفة في الوسط الرياضي، لإطلاق تصريحات وهم على يقين من أنها سوف تلقى رواجاً واسعاً على المواقع الرياضية يعمل على وصول رسالة معينة لمن يفهمونها، ثم النفي بعدها بساعات والتنكر لتلك التصريحات.

ويجدر الإشارة هنا إلى أن اللاعبين أو المسئوليين ليسوا وحدهم سبب الأزمة، بل أيضاً وسائل إعلام ومواقع ترغب فقط في بلبلة الرأي العام ولا تجد حرجاً في المشاركة بتلك الجريمة فقط من أجل الإيقاع بمنافسيها والحصول على نقاط جديدة في تنافس نشأ فقط ليخدم القاريء ويمنحه أبسط حقوقه في التنوع والإختلاف، لكنه تحول فجأة إلى صراع غير محسوب هدفه التضليل والخداع والإستهانة بمشاعر القاريء والتلاعب به.

إننا وسط كل هذا لا يسعنا سوى أن نعلن من جديد خوفنا على الإعلام الرياضي الذي يسير من سيء إلى أسوأ وأن نشير إلى خشيتنا على الصحافة الإلكترونية بوجود مثل هذه الفئة، ولا نعد سوى بمواصلة السعي الحثيث نحو المزيد من المصداقية ونقل الخبر من مصدره منزهاً من أي إضافات أو "توابل" تهدف للمزيد من الإثارة، يساعدنا في ذلك مواقع تسير على نفس الدرب وعلى رأسها "في الجول" و"يلا كورة" الثنائي العملاق الذي بدأ المسيرة، ، إذ نعترف بالإستفادة التي حصلنا عليها منهما والتي لا نعتبرها أبداً تقليلاً من شأننا، بل حق أصيل يجب أن يحصل عليه الآخرون.

وسيكون لجمهورنا وقارئنا العزيز وحده تحديد ما يريده بالاختيار ما بين صحف أصبحت وراء الخبر بخطوات، أو الاستمتاع بوصلات الردح الفضائي المدعومة مالياً والمخدومة بنجوم الإعلام الرياضي والوجوه المعروفة من لاعبين سابقين أو مقدمي برامج لا يعلم الكثير منهم شيئاً عن أسس العمل الإعلامي ومفرداته، واتخذوا من السخرية على بعضهم البعض وسيلة للنجاح، وهو نفس النهج الذي تتبعه بعض مواقع "الفتنة والإثارة"، أو أن تكافح معنا من أجل إعلام أكثر مصداقية وجرأة وسرعة لا يجيد الردح ولا يعرف فنون السباب والشتيمة ويخلو أيضاً من التوابل