د. فيصل بن سعود الحليبي .
تفتقر الحياة الزوجية إلى تجديد في أساليب الصلة بين الزوجين ، تلك الصلة التي وصفها الله تعالى بالسكن والمودة والرحمة في قوله سبحانه : ( ومن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( الروم : 21 ) .
وما ذاك إلا خشية أن تصاب تلك الصلة بالفتور ، أو تدب فيها الرتابة المملة ، والسآمة القاتلة ، فيتناسى الزوجان معاني الحب والألفة بالمعنى الذي كانا يطربان له في أول زواجهما ، وليس معنى هذا أنهما قد تخليا عن هذه المعاني بالكلية ، بل هي موجودة بلا ريب ، ولكنها تحتاج إلى تنشيط وتجديد .
وأتصور أن الأقدر من الزوجين على بعث روح المحبة في حياتهما من جديد هو الزوج ؛ لأن المرأة كالمرآة تعكس على الرجل ما تجده منه من تلك المحبة أو ضدها ، فإذا ما أحست الزوجة من زوجها تلك العودة الحميدة للحياة السعيدة ، مدت جسور وصلها له ، ورعت نبتة الحب بكل شوق وحنان .
وعليه ، فإن الزوج الذي يحب أن تقابله زوجته بابتسامة جميلة ، فليبدأها بها ، والرجل الذي يرغب في سماع الشكر على المعروف ، فليعودها الثناء على ما تبذله من حسن المعاشرة وطيب السكن ، والزوج الذي يفتقر إلى حنان في وقت التعب أو المرض ، فعليه أن يبادلها ذلك في حال تعبها ونصبها ، وقل مثل ذلك في كل أمر يؤلف بين القلوب ، ويجمع الشتات ، من التزين في الملبس ، والنظافة في البدن ، وعذوبة الكلام ، وغض الطرف عن الزلل ، وحسن الاستقبال ، وجمال التوديع ، والبهجة عند الفرح ، والمواساة عند المصيبة ، والإيثار عند الخصاصة ، والهدية بين الحين والآخر ، وإسقاط الكلفة ، وإبقاء الاحترام ، والاتزان عند بدء الخلاف ،والتودد في آخره ، وحصره في نقطة واحدة دون تشقيقها ، ومحاولة العلاج دون البحث عن الأخطاء أو التذكير بها ، وجعل كل منهما محل شكوى الآخر ، فالشكوى بينهما ملح الحياة ، إن تعدت إلى غيرهما صارت حنظلها وغصتها ، والمعاشرة رحمة ، والمداعبة مودة ، والستر جميل ، والعفو أجمل ، والتعاون على البر والتقوى سرّ الهناء والسعادة لزوجين صالحين .