د. عبدالله عبدالرحمن السبيعي .
"العقد شريعة المتعاقدين" مبدأ قانوني معروف، يؤخذ به في المحاكم .. وفي التجارة وفي كثير من العلاقات التي تحكم تواجدنا في المجتمع .. لكنه أيضاً يتفق من وجهة نظري مع إحدى أهم العلاقات الاجتماعية .. العلاقة الزوجية، وقديماً قالوا: "اتفقوا .. لن تختلفوا" لذلك رأيت وفي حضوركم وبشهادتكم، أن أرسي هذا المبدأ قبل أن أبدأ رسالتي هذه إلى زوجتي والتي لن تخرج في فحواها عن شكل أو آخر من الصور التي يعاني منها بعض الأزواج في بيوتهم، خاصة وأنني لاحظت مدى اهتمام الأعضاء والعضوات هنا بقضايا المرأة والفتاة والأدب العام، فرأيت أن آتي بشيء جديد، والله اسأل أن ينفع به. رسالتي تقول: "هذه رسالة إليك زوجتي العزيزة قبل أن نبدأ مشوارنا في هذه الحياة وقبل أن يشغلنا الوقت ومعترك الحياة وأعتقد بأنه الوقت المناسب لذكرها لأتأكد من أنك تدركين حقيقة أنني لست ذلك الرجل الذي عشتِ معه أيام طفولتك وصباك، ولست بذاك الرجل الذي سمعت عنه من أختك أو بنت عمك أو جارتك ولا يمكن أن أكون صورة مكررة لأي منهم سواء رغبت في ذلك أو كنت تعتقدين أو حتى تتمنين عكس ذلك حتى وإن تشابهت بعض أفكارنا أو ردود أفعالنا فالاختلاف بيننا كبير. فليس بيني وبين أي رجل آخر من الشبه غير أننا رجال ولكننا نختلف في العادات والطباع والتفكير والمعتقدات، نختلف فيما نحب أو لا نحب وتختلف أساليبنا في التعامل مع الآخرين، وتختلف دوافعنا للارتباط بالمرأة .. وتختلف خبراتنا وعلاقاتنا السابقة .. كل شيء ! فإن كنت عزيزتي أحببت أباك وتريدين مني أن أكون نسخة منه فهذا مستحيل لأنني شخص آخر مختلف عنه ولن أكون مثله أو مثيلاً لغيره من الرجال الذين سمعت عنهم، فأنا لي زماني .. وللآخرين زمنهم ولي كياني وللآخرين كيانهم، والحال ينقلب بين يوم وليلة، فأرجو ألا تقومي بأية مقارنة بيني وبين غيري لمحاولة أن تعرفي الأفضل أو لمحاولة أن تثبتي لنفسك بأن حياتك مع والدك كانت أفضل بكثير من حياتك مع زوجك، أو لتثبتي شيئاً ما أو تنفيه لأحدٍ مّا حولك، فهذا لن يكون أبداً في صالحك عزيزتي، فلا أنا قادر على منحك ما منحك إياه أبوك أو هو قادر على منحك ما سأهبه أنا لك .. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إنني قد أخفق فيما نجح هو فيه وقد أنجح فيما أخفق هو فيه .. وهذا أمر طبيعي لا يختلف عليه اثنان، إذا كنت مثلاُ لا تحبين طريقة والدك في المعاملة معك أو مع والدتك وتعتقدين بأنني سأكون مثله إلى حد كبير من منطلق "كل الرجال مثل بعض" وقد أعاملك مثلما يعاملك أو يعامل والدتك فأنت أيضاً ترتكبين خطأ في حق نفسك قبل أن يكون في حقي، وجميعنا يعلم أن أصابع اليد الواحدة ليست سواء ولو كنت تعتقدين أنني سأكون مثل زوج: أختك، صديقتك، ابنة عمك، زميلتك، ابنة خالك، جارتك، أو أي امرأة تعرفين سواء كانت صورته حسنة لديك أو سيئة، فهذا أيضاً تصور خاطئ لأنه لن يكون أبداً. مرة أخرى زوجتي العزيزة أرجو أن تمنحيني وتمنحي نفسك فرصة للتفكير في الموضوع وتتأكدي من أنني زوجك الذي ستعيشين معه حياة جديدة تختلف إلى حد كبير عن تلك التي عشتها مع والدك وعاشتها أمك معه، مختلفة عن حياة أختك أو صديقتك أو جارتك أو أي امرأة أخرى .. فأرجو عزيزتي أن تدركي بأنني زوجك لا صورة من أي رجل آخر، سواء أحببته أم لم تحبيه .. فأنا هو أنا وسأظل كما أنا وتأكدي زوجتي العزيزة من أنك تستطيعين بحكمتك ورجاحة عقلك أن تغيري من أفكاري وطباعي في المستقبل وقد تستطيعين تغيير مجرى حياتي كليةً لكنك لن تتمكني من تغييري أو تبديلي بغير ما أكون أنا، وتذكري أن قيمة الأشياء تكمن في صلابة معدنها لذلك أقول لك ارضي بما قسم الله لك طالما ارتضيت منذ البداية الزواج مني .. واجتهدي في تغيير ما تستطيعين تغيره مني .. ولا تنسي أن العقد شريعة المتعاقدين".