أ. ريما عبد الرحمن الهويش .
بينما كان الزوج يسير مسرعًا وهو في طريقه لإنزال زوجته في بيت أهلها نتيجة خلاف حاد بينهما وأثناء انهماك كل منهما في الشجار والصراخ الذي أوشك أن يصل مداه للسيارات الأخرى وفي اللحظة التي أوشك فيها الزوج على التلفظ بالطلاق لزوجته ؛ اصطدم بسيارته فانحرفت عن مسارها وتقلبت ولم يوقفها إلا سيارة تقف في طرف الشارع .
بعد عدة دقائق تنبه الزوج إلى ما حدث والتفت مسرعًا ليتأكد أن زوجته بخير لكنه لم يجدها في مكانها فقام مسرعًا رغم الرضوض والدماء التي تخرج من جبينه وأخذ يجري هنا وهناك ويبحث عنها فقد تكون سقطت أثناء تقلب السيارة وبدأ يصرخ بأعلى صوته هدى ... هدى ... هدى ودموعه تنهمر ومئات الأفكار والاحتمالات مرت في ذهنه وكانت تلك الثواني كدهر .
اقترب منه بعض الأشخاص ليساعدوه فكان لا يرد على أسئلتهم وإنما يكرر هدى .. هدى ثم التفت إليهم وهو يقول فقدت زوجتي ... فقدت حبيبتي لا أدري أين سقطت!!!!! قد تكون في مكان وتحتاج مساعدتي .. أو أنها تتألم الآن ولم أنقذها .. ليتني لم أسئ إليها .. ثم يعود إلى صرخاته وندائه من جديد . وبعد هذيان ونحيب توجه مسرعًا إلى السيارة ونظر إلى المقعد الخلفي فوجد زوجته وحين أقبل ونظر إليها ورغم ما كانت تعانيه من فزع وألم رأى ابتسامة مشرقة ترتسم على شفتيها لم يرها من قبل إنها ابتسامة الشعور بالحب والترابط والشعور بالمكانة العظمى عند هذا الزوج . رفعت رأسها وقالت كنت أسمعك لكني أردت أن أستمتع بصوت لهفتك علي وحرصك على سلامتي فتعانقا وحمدا الله على السلامة وعادا لمنزلهما . إنه الحادث الأجمل في حياتهما .
ولولا رحمة الله لكان الحادث الأسوأ ولاستمر الذي نجا منهما في ندم طوال حياته على ما قاله وما فعله للطرف الآخر . هذه القصة أثارت في نفسي عدة تساؤلات !! لماذا ننتظر الكوارث والقواصم لنصفح ونتغاضى عن زلات أحبابنا ؟ ولماذا لا نشعر بالندم إلا بعد فوات الأوان ؟؟ لنغتنم الفرصة فمازلنا أحياء .. وما زال أحبابنا بجوارنا .. كما أن ساعة الفراق لا نعلمها ولذلك ليأخذ كل واحد منا بيد أحبابه ويتعاهد معهم على مبادئ تكون حصنًا لعلاقتنا وقاعدة لا نحيد عنها في تعاملنا . وهذه المبادئ يطبقها الزوجان ويعلمانها لأبنائهم فتكون شعارًا للأسرة :
المبدأ الأول : أن يتغافل كل منا عن هفوات الآخر فكثير من المشاكل الأسرية سببها التدقيق على التوافه والهفوات ، والحصيف من تمكن من الترفع عنها ليحقق الوئام والسكينة لنفسه ولمن حوله . يقول الشاعر حكمة رائعة :
ليس الغبي بسيدٍ في قومه لكن سيد قومه المتغابي
المبدأ الثاني : أن يضع كلا منا نفسه مكان الآخر بطريقتين :
1- أن يضع نفسه مكان الآخر ويفكر في أقواله التي وجهها للطرف الآخر ويتساءل لو كنت مكانه هل هذا الكلام يسيء لي ؟ هل هو جارح ؟ هل سيبقى له أثر سلبي يؤثر في علاقتنا .
2- أن يضع نفسه مكان الآخر ليرى التصرف الذي فعله الشخص المقابل فيسأل لو كنت مكانه هل أقصد بهذا التصرف الإساءة .
فحين تكون الإجابة :لا
يعذر ويحسن الظن ويتغاضى عن الهفوة
المبدأ الثالث : أن يسأل نفسه : لو كان هذا اليوم آخر يوم في حياتي أو حياته هل سيكون تصرفي بهذا الشكل ؟؟
إذا كانت الإجابة : لا .. فليكن شعارنا ( لا ندري متى نهايتنا ، فلنحسن علاقتنا ) .
وحتى نتمكن من ضبط أنفسنا والوقاية من الانفعال قبل وقوعه نتفق على كلمة يقولها أحدنا عند انفعال الآخر فعندما يعلق الزوج تعليقًا سلبيًا على أمر ما كان يمكن أن يتغافل عنه تقول الزوجة كلمة ( تغافُل ) لتذكره حتى لا يستمر في تعليقاته وما يترتب عليها من انفعالات ، ولكن ينبغي الانتباه إلى أمر هام وهو أن هناك بعض الأمور لا ينبغي التغافل عنها والتي يترتب عليها ضرر أو أذى لذلك لا تستخدم كلمة تغافُل لمجرد تحقيق هدف واحد وهو إسكات الطرف الآخر وإنما تستخدم لتذكير الطرف الآخر على أهمية التغافل عن الهفوات البسيطة التي يمكن تجاوزها وحلها بسهولة . وحين يقع الخلاف والانفعال وحتى لا نغفل عن هذه المبادئ الثلاثة نجمعها في كلمة واحدة يذكر فيها كل منا الطرف الآخر بقولها عند الغضب أو الانفعال ليتمكن من ضبط انفعالاته
وهي : ( تمكن حبيبي ) ت : تغافل مك : مكان الآخر ن : نهاية
وكلمة حبيبي للتودد وحتى لا يكون اللفظ بصيغة الأمر فيزيد الانفعال ويأتي بنتيجة عكسية وبطبيعة الحال لو كانت الزوجة هي المنفعلة يقول الزوج ( تمكني حبيبتي )