صفوان بن أميّة بن خلف بن وهب الجمحي القرشي، أسلم بعد فتح مكة قُتِلَ أبوه يوم بدر كافراً، وكان من كبراء قريش، وكان صفوان أحد العشرة الذين انتهى إليهم شَرَفُ الجاهلية، ووصله لهم الإسلام من عشر بطون، شهد اليرموك وكان أميراً على كُرْدُوس من الجيش.
كان صفوان بن أمية من الذين دَعَا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الحارث بن هاشم وسهيل بن عمرو فنزلت الآية الكريمة.
قال الله تعالى: {ليس لكَ مِنَ الأمْرِ شيءٌ أو يتوبَ عليهم أو يُعذِّبَهُم فإنّهم ظالمون}... (آل عمران 128). فاستبشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهدايتهم، فتِيْبَ عليهم كلهم...
وفي يوم الفتح العظيم، راح عمير بن وهب يُناشد صفوان الإسلام ويدعوه إليه، بيْد أن صفوان شدّ رحاله صوب جدّة ليبحر منها الى اليمن، فذهب عمير الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له: (يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر، فأمِّـنه صلى الله عليك)... فقال النبي: (هو آمن)... قال: (يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك)... فأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمامته التي دخل فيها مكة.
فخرج بها عمير حتى أدرك صفوان فقال: (يا صفوان فِداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تُهلكها، هذا أمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جئتك به)... قال له صفوان: (وَيْحَك، اغْرُب عني فلا تكلمني)... قال: (أيْ صفوان فداك أبي وأمي، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضـل الناس وأبـر الناس، وأحلـم الناس وخيـر الناس، عِزَّه عِزَّك، وشَرَفه شَرَفـك)... قال: (إنـي أخاف على نفسـي)... قال: (هو أحلم من ذاك وأكرم).
فرجع معه حتى وقف به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال صفوان للنبي الكريم: (إن هذا يزعم أنك قـد أمَّـنْتَنـي)... قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: (صـدق)... قال صفـوان: (فاجعلني فيها بالخيار شهريـن)... فقـال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أنت بالخيار فيه أربعة أشهر)... وفيما بعد أسلم صفوان.
لمّا أجمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السير إلى هوازن ليلقاهم، ذُكِرَ له أن عند صفوان بن أمية أدراعاً له وسلاحاً، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك، فقال: (يا أبا أمية، أعرنا سلاحك هذا نلقَ فيه عدونا غداً)... فقال صفوان: (أغصباً يا محمد ؟)... قال: (بل عارِيَةٌ ومضمونة حتى نؤديها إليك)... قال: (ليس بهذا بأس)... وقد هلك بعضها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن شئت غَرِمتُها لك ؟)... قال: (لا، أنا أرغبُ في الإسلام من ذلك).
لمّا فرّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غنائم حُنَين، رأى صفْوان ينظر إلى شِعْبٍ ملآن نَعماً وشاءً ورعاءَ، فأدام النظر إليه، ورسول الله -صلى اللـه عليه وسلم- يَرْمُقُـهُ فقال: (يا أبا وهب يُعْجِبُـكَ هذا الشّعْبُ ؟)... قال: (نعم)... قال: (هو لك وما فيه)... فقبـض صفوان ما في الشّعْب و قال: (ما طابتْ نفسُ أحدٍ بمثل هذا إلا نفسُ نبيّ، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبدُهُ ورسوله)... وأسلم في مكانه...
وأقام صفوان بمكة مسلماً بعد عودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فقيل له: (لا إسلام لمن لا هجرة له)... فقدم المدينة فنزل على العباس، فقال: (ذاك أبرَّ قريش بقريش، ارجع أبا وهب، فإنه لا هجرة بعد الفتح... ولمن لأباطحِ مكة ؟!)... فرجع صفوان فأقام بمكة حتى مات فيها.
لمّا أعطى عمر بن الخطاب أوّل عطاء أعطى صفوان، وذلك سنة (15 هـ)، فلمّا دَعا صفوان وقد رأى ما أخذَ أهل بدرٍ، ومن بعدهم إلى الفتح، فأعطاه في أهل الفتح، أقلَّ مما أخذ من كان قبله أبَى أن يقبله و قال: (يا أمير المؤمنين، لست معترفاً لأن يكون أكرم مني أحد، ولستُ آخذاً أقلَّ ممّا أخذ من هو دوني، أو من هو مثلي ؟)... فقال عمر: (أنّما أعطيتُهُم على السابقة والقدمة في الإسلام لا على الأحساب)... قال: (فنعم إذن)... فأخذ وقال: (أهل ذاكَ هُمْ).
كان صفوان -رضي الله عنه- أحد المطعمين، وكان يُقال له: (سِداد البطحاء)... وكان من أفصح قريش لساناً.
توفي صفوان بن أميّة في مكة في نفس سنة مقتل عثمان بن عفان سنة (35 هـ).