سالم، مولى أبى حذيفة

الناقل : mahmoud | المصدر : www.masrawy.com

سالم ، مولى أبى حذيفة

كان رقيقـا وأعتـق، وآمن بالله وبرسوله إيمانا مبكرا، وأخذ مكانه بين السابقيـن الأولين، هذا هو الصحابي سالم بن معقل أو سالم مولى أبى حذيفة، لأنه كان رقيقا ثم ابنا ثم أخاً ورفيقاً للذي تبناه وهو الصحابي الجليل أبو حذيفـة بن عتبة، وتزوج سالم ابنة أخيه (فاطمة بنت الوليد بن عتبة)، ولذلك عُدّ من المهاجرين.

فضله

 

كان سالم -رضي الله عنه- إمامـاً للمهاجريـن من مكة الى المدينة طوال صلاتهم في مسجد قباء وكان فيهم عمر بن الخطاب وذلك لأنه أقرأهم، وأوصى الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- أصحابه قائلا: (خذوا القـرآن من أربعـة: عبدالله بن مسعـود، وسالم مولى أبى حذيفـة وأبي بن كعب ومعـاذ بـن جبـل).

وعن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (احتبستُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما حَبَسَكِ ؟)... قالت: (سمعت قارئاً يقرأ)... فذكرتُ من حُسْنِ قراءته، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رِداءَ ه وخرج، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال: (الحمدُ لله الذي جعل في أمتي مثلك)... وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(إن سالماً شديد الحبِّ لله، لو كان ما يخاف الله عزَّ وجلّ، ما عصاه). 

وقد كان عمر -رضي الله عنه- يجلّه، وقال وهو على فراش الموت: (لو أدركني أحدُ رجلين، ثم جعلت إليه الأمرَ لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح).

كان فزعٌ بالمدينة فأتى عمرو بن العاص على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتَبٍ بحمائل سيفِه، فأخذ عمرو سيفه فاحتبى بحمائله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(يا أيها الناس! ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله)... ثم قال: (ألا فعلتم كما فَعَل هذان الرجلان المؤمنان

الجهر بالحق

كانت الفضائل تزدحم حول سالم -رضي الله عنه- ولكن كان من أبرز مزاياه الجهر بما يراه حقا فلا يعرف الصمت، وتجلى ذلك بعد فتح مكة، حين أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض السرايا الى ما حول مكة من قرى وقبائل، وأخبرهم أنهم دعاة لا مقاتلين، فكان سالم -رضي الله عنه- في سرية خالد بن الوليد الذي استعمل السيف وأراق الدم، فلم يكد يرى سالم ذلك حتى واجهه بشدة، وعدد له الأخطاء التي ارتكبت، وعندما سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- النبأ، اعتذر الى ربه قائلا: (اللهم إني أبرأ مما صنع خالد)... كما سأل: (هل أنكر عليه أحد ؟)... فقالوا له: (أجل، راجعه سالم وعارضه)... فسكن غضب الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

الرضاع

وقصة سالم والرضاع مشهورة، فقد أتت سهلة بنت عمرو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (إنّ سالماً بلغ ما يبلغ الرجال، وإنه يدخل عليّ، وأظنّ في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً)... فقال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرضِعيه تَحْرُمي عليه)... وقد رجعت إليه وقالت: (إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة)... وقد قال أزواج الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنّما هذه رخصة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسالم خاصة).

يوم اليمامة

تعانق الأخوان سالم و أبو حذيفة، وتعاهدا على الشهادة وقذفا نفسيهما في الخضم الرهيب، كان أبو حذيفة يصيح: (يا أهل القرآن، زينوا القرآن بأعمالكم)... وسالم يصيح: (بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قِبَلِي)... وسيفهما كانا يضربان كالعاصفة، وحمل سالم الراية بعد أن سقط زيد بن الخطاب شهيدا، فهوى سيف من سيوف الردة على يمناه فبترها، فحمل الراية بيسراه وهو يصيح تاليا الآية الكريمة: {وكأيّ من نبي قاتل معه ربيّون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}.

الشهادة

وأحاطت به غاشية من المرتدين فسقط البطل، ولكن روحه ظلت في جسده حتى نهاية المعركة، ووجده المسلمون في النزع الأخير، وسألهم: (ما فعل أبو حذيفة ؟)... قالوا: (استشهد)... قال: (فأضجعوني الى جواره)... قالوا: (إنه إلى جوارك يا سالم، لقد استشهد في نفس المكان !)... وابتسم ابتسامته الأخيرة وسكت، فقد أدرك هو وصاحبه ما كانا يرجوان، معا أسلما، ومعا عاشا، ومعا استشهدا، وذلك في عام (12 هـ).