د . عبد اللطيف معاليقي .
إن بين المراهق والراشد , من الناحية العضوية . فروقا كبيرة , فالمراهق يشعر بطاقات هائلة في ذاته تسعى إلى التعبير عن ذاتها من خلال قدرات كبيرة , بينما يميل الراشدون والكبار إلى الاقتصاد في بذل الجهد والمحافظة على ما تبقى لديهم من طاقات .
ومن الناحية النفسية , فإنه يلاحظ انخفاض في مستوى الآمال عند الراشدين فهم ينظرون إلى الأمور نظرة واقعية ويحسبون حسابات كثيرة لواقعهم الذي توصلوا إلى بناءه ولمكتسباتهم الاقتصادية , بينما المراهقون يمثلون الآمال , وحيويتهم ونقص خبراتهم وتجاربهم في الحياة تدفهم إلى المواقف لا تخلو من الرومانسية , وعدم الواقعية , والمغامرة , وهذا ما يهدد نظام الراشد الدفاعي كون الراشد يحتمي بمكانته وواقعه, فموقف الراشدين والكبار يتصف , بشكل عام , بأنه موقف عدواني من المراهق , ويتخذ أشكالا مختلفة منها :
- موقف الراشد صاحب الخبرة الذي يؤكد على قيمته ومكانته وتفوقه , فيما يحاول التشكيك في قيمة المراهق وفي كل ما يصدر عنه .
- موقف الراشد الواعظ الذي يدفع المراهق إلى الامتثال بالقيم والمعايير والطاعة والاحترام , فهو يلعب دور الحليف للأهل.
- موقف الراشد المتقرب الذي يقابل المراهق بالتودد وإظهار الرعاية والعطف , ممثلا صورة الأب المثالي الذي لا يجوز مجابهته .
- موقف الراشد الذي يعتبر نفسه في حالة شباب دائم لخداع المراهقين وتسييرهم بحسب رغباته.
إن هذه المواقف العلائقية جميعها تبين أن المراهق لم يكتسب بعد الوسيلة الملائمة لمجابهة ذاته والآخرين , وإن الراشدين لا يعرفون كيف يواجهونه , فهنا تطرح مشكلة إعادة تنظيم العلاقات بين الأهل والراشدين والمراهقين.
إن انخفاض السلطة الأسرية الظاهري من قيل المراهق , لا ينبغي أن يدفع إلى الاعتقاد بأن الهدف في النظام العلائقي الصحيح هو القضاء على هذه السلطة فالواقع أن أسبابا كثيرة تعود إلى مواقف الأهل والراشدين وليس إلى مواقف المراهق , ويتبين من التحقيقات التي أجريت مع كثير من المراهقين , أن المعارضة والثورة ومجابهة النظام والسلطة مصدرها أما سلطة الأهل التعسفية وأما , على العكس , غياب كلي لهذه السلطة.
ففي مثل هذه الأوضاع لابد من التأثير على الجيلين : بالنسبة للمراهقين يجب أن تتوضح لهم إيجابيات القبول بحرية الخضوع للسلطة , وبالنسبة للراشدين , فمن الضروري أن يتفهموا المراهقين ويتقبلوهم .
المصدر : موقع بلاغ .