أ. نجيب الكيلاني .
إن "الحرية الحقيقة" هي المناخ الصحي الذي يتنفس فيه الشباب, ومن ثم تنمو اشرف القيم الإنسانية وأغلاها, وتبرز المواهب والكفاءات البناءة, فيولد جيل قوي يستطيع أن يؤدي واجبه نحو وطنه, ويحمل رسالة عقيدته في كل الأنحاء, ويحقق ما نحلم به من فوز وانتصار, لكن أية حرية نقصد؟ أهي حرية الانطلاق, والانفلات من آداب القيم الروحية, والإقبال على مختلف الملذات والشهوات والممارسات الطائشة, والهروب من المسؤولية ,والانغماس في ماديات الحياة, والتسيب الكامل باسم تحقيق الذات, والتخلص من عقد الكبت والخوف والشك والتردد ؟؟؟
لا أعتقد أن ذلك يعني الحرية الحقيقة الصادقة, فالحرية في أي عصر ,ومن صميم أية فلسفة لا يمكن أن تحمل هذا المعنى الفوضوي المدمر, وإلا انقلبت الحياة إلى سوق للتخبط والعبث, وتحولت إلى غابة تنضج بالوحشية والصراع الدامي, وتصادم المصالح والأهواء والآداب العامة, والقيم السائدة.
إذن كيف نحمي شبابنا من الانحراف والانفلات ؟ إن ذلك يكون في شيء واحد..ذلك هو العودة إلى الله والى كتابه.. إلى الحرية الحقيقة المنظمة التي رسمت حدودها يد القدرة الإلهية, تلك الحرية التي جعلت من الفرد والمجتمع شيئاً واحداً, وكياناً متكاملاً.
وشبابنا لا يريد منا مزيداً من النصائح بقدر ما يريد ممارسات عملية, عن طريق سلوك واقعي يراه ويلمسه ويقتدي به, عندئذ لا نرى شبابنا يبحثون عن انتماءات خارجية ولا يعتصمون بفلسفات مريضة مستوردة, ولا يهتمون بالشكل دون الجوهر.
وثقوا أيها - الشباب – أن أي تقدم علمي أو اقتصادي أو سياسي لن يكون له وجود واستمرار إلا بما تبذلونه من جهد مخلص فأنتم الرجاء والأمل وانتم العدد والعدة , وانتم الماضي والحاضر والمستقبل.. ولن تستطيعوا أن تقوموا بهذا الواجب المقدس إلا في ظل الاستقرار والتوازن النفسي والفكري قال الشاعر:
قل للشباب مقال صدق واقتصد ذرع الشباب يضيق بالنّصاح
انتم بنو اليوم العصيب نشأتمو في عصف أنواء, وهوج رياح
ورأيتم الوطن المحطم صخرة للنائبات وسيلها المجتاح.