المخاطر الصحية البيئية للشباب

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : khaledved2 | المصدر : www.startimes2.com

السلام عليكم

 

تستند مجموعة القوانين والأنظمة البيئية أساسا إلى إدراك الصلة بين صحة الإنسان والأوضاع البيئية. ويظهر العلم الآن أن الشباب الآخذين في النمو قد يتعرضون للمخاطر والسموم في البيئة أكثر من الكبار. وتستعرض خبيرة طبية أسبابا متعددة لتأثر الشباب بتلوث الهواء والتلوث في الغذاء والماء وتدخين السجائر، وغير ذلك من المواد الضارة أكثر من غيرهم.

تتابع العلوم الطبية العلاقة بين العوامل البيئية وصحة الإنسان منذ بضعة عقود. وقد تركز جزء صغير من تلك الأبحاث بصورة خاصة على الشباب، وهناك الكثير الذي ينبغي تعلمه. إلا أن العلم كشف ما يكفي لنا لتقديم بعض النصائح حول الخطوات اللازمة لحماية صحة ونمو الشباب.

وتعتمد الحالة الصحية في أي عمر على عدد من العوامل، بما في ذلك البيولوجية (الجنس - ذكر أو أنثى - والعمر والجينات ومرحلة التطور الجسدي) والعوامل الاجتماعية والسلوك والبيئة، التي تعرّف بصورة عامة بأي تأثير خارجي، من التعرض للأشياء الخطرة إلى التدخين إلى تأثيرات النظام الغذائي. ويركز هذا المقال على عوامل التعرض غير المؤاتية في البيئة وأثر ذلك على صحة الشباب، مع الإدراك بأن عوامل عديدة تؤثر على صحة الإنسان.

ولفهم قابلية تعرض الصغير للمؤثرات البيئية، فإننا نحتاج إلى النظر إلى العمليات البيولوجية التي ترافق سن البلوغ، بما فيها من نمو وتغير سريع، مع إدراكنا لإمكانية تطور مشاكل تبقى مدى الحياة خلال هذه المرحلة التكوينية للحياة. كما أننا نحتاج إلى فهم أنماط التعرض للعوامل في البيئة وللمخاطر المرتبطة بالمواد التي قد يتعرض لها الصغار.

قابلية التأثر

إن التغيرات المرتبطة بسن البلوغ والنمو السريع عند المراهقين معروفة جيدا. ولكن ما هو أقل إدراكا هو إمكانية التعرض للأذى خلال هذه المرحلة. وتخضع التغيرات المتعلقة بسن البلوغ لسيطرة الهرمونات، وهي معرضة، من الناحية النظرية على الأقل، للمواد الكيماوية ذات الخصائص الهرمونية (تعرف باسم المعرقلات الصماء) التي قد تغير هذه العملية، بتسريع أو تأخير هذه التغيرات. ولم يبدأ الباحثون إلا أخيرا في تقييم ما إذا كانت عوامل التعرض خلال المراهقة تؤثر على وقت بدء البلوغ.

وقد ربطت بعض الدراسات في المختبرات والتي أجريت على الحيوانات في الولايات المتحدة سن البلوغ المبكر (بدء سن البلوغ المبكر غير المألوف) بالتعرض للسموم، إلا أنه لم تصدر أي دراسات حتى الآن تؤيد حدوث ذلك في الناس. وقد تؤخر بعض عوامل التعرض البيئي سن البلوغ. وعلى وجه الخصوص، أظهرت دراسة منبثقة عن استطلاع قومي للنمو في الولايات المتحدة أن التعرض للرصاص بين الفتيات المراهقات مرتبط بتأخر سن البلوغ. وهذا بالنسبة للفتيات هو وقت النمو السريع للثديين، وغدد البروستات بالنسبة للأولاد. وقد افترض بعض العلماء أن التغيرات الصغيرة في تطور هذه الأعضاء، وعوامل التعرض خلال تلك المرحلة من نموهم السريع قد تشتمل على خطورة التعرض لمرض السرطان في مرحلة لاحقة من حياتهم.

والمراهقة هي مرحلة النمو السريع جدا للعظام والعضلات والرئتين وأجهزة الأعضاء. وتقترن أي مرحلة للنمو السريع، من الناحية النظرية، بمرحلة تعرض أكبر للعوامل المسببة لمرض السرطان. ولم يجر سوى القليل من الأبحاث حول التعرض للمواد المسرطنة في هذه الفئة العمرية. وأظهرت دراسة تتعلق بتدخين السجائر أن الكبار الذين بدأوا التدخين في سن مبكر أظهروا دلائل أكثر على الضرر الجيني في أنسجة الرئتين مقارنة بالمدخنين الذين بدأوا التدخين في مرحلة لاحقة، حتى بعد تكييف ذلك حسب سنوات التدخين. ويعزى ذلك إلى أن الرئة تنمو بسرعة خلال هذه المرحلة الزمنية.

ويشير هذا النموذج إلى أن من الأهمية بمكان أن يتجنب الشباب التعرض للمواد المسرطنة التي توجد منها طائفة منوعة في تدخين السجائر. وقد يسبب مثل هذا التعرض خلال هذه المرحلة الإصابة بمرض السرطان في مرحلة لاحقة من الحياة، مع أنه قد يكون من الصعب ربط هذه الحالات مباشرة بعوامل التعرض في مرحلة مبكرة.

ونعلم الآن أن المخ يمر أيضا بمرحلة هامة على وجه الخصوص من التطور خلال المراهقة والبلوغ المبكر. وقد سمحت أساليب التصوير الفنية الحديثة لنا برؤية وتقدير التغيرات المعقدة الآخذة في الظهور، فيما يذكر علماء النفس أن الشباب يواصلون النمو والتطور في مناطق تتعلق باتخاذ القرارات والتفكير السليم التجريدي خلال هذه المرحلة.

ولم تظهر هذه البيانات إلا خلال العقد الأخير، ولا نعرف الآن سوى النزر اليسير عن أثر المواد السامة العصابية على هذه المراحل التنموية. وقد أشار البعض إلى أن النضوج غير السليم للمخ في هذه المرحلة من النمو والتطور مسؤول عن تطور الفصام، إلا أن ذلك لم يثبت بعد ولا تربط أي أدلة ذلك مع الحالات العصابية الأخرى خلال هذه المرحلة من عوامل التعرض البيئي.

ويكون الشباب في كثير من الأحيان على وشك أن يصبحوا، أو أنهم أصبحوا بالفعل، آباء حسب إرادتهم. لذا فإن التعرض للمواد الملوثة والسموم في هذه المرحلة من مراحل الحياة قد يكون له تأثير مباشر على حياة جيلين. ومثل هذه التعرض قد يؤثر على الخصوبة عند الشباب بإحداث تغييرات في عدد وتكوين السائل المنوي.

وقد تسبب عوامل تعرض الشابات تجمع المواد السامة كالرصاص (الذي يتجمع في العظم) أو الملوثات العضوية الثابتة (التي تتجمع في دهون الجسم). وتنقل هذه الأعباء الجسدية إلى الجنين خلال الحمل وإلى الرضيع في حليب الرضاعة. ولا يتم نقل التعرضات الأخرى إلى الجنين إلا إذا حدثت هذه التعرضات قرب وقت التخصيب وخلال الحمل.

عوامل التعرض

يرتبط سلوك الشباب ارتباطا معقدا بأنماط عوامل التعرض البيئي. وهناك تنوع كبير في الأنماط السلوكية حول العالم، ومع ذلك فإن بعض الأنماط الشاملة تثير الاهتمام. وبصورة عامة، فحين يدخل الناس مرحلة البلوغ يصبحون بصورة تدريجية أكثر استقلالا عن والديهم. ويقترن الاستقلال بالتنقل، الذي ينطوي بدوره على مخاطر إضافية للإصابة، كتلك التي تحدث في حوادث السيارات.

والشباب معرضون لهذه الأمور لأنهم كثيرا ما يكونون أكثر اندفاعا وتهورا وأكثر استعدادا للمخاطرة، بسبب قلة خبرتهم كسائقي سيارات ودراجات، وفي كثير من الحالات يحدث ذلك بسبب استخدام المشروبات الكحولية والمخدرات (التي تؤثر على سلامة الحكم على الأمور) وعلى الجانب الأصغر للموازين، لأن أجسامهم أصغر، وهي لذلك معرضة أكثر للإصابة. كما أن الشباب الذين يدخلون مرحلة البلوغ، في أجزاء كثيرة من العالم، يتعرضون أكثر من غيرهم لأعمال العنف وجرائم القتل.

وقد تكون عوامل التعرض الأخرى في البيئة، التي قد لا تكون واضحة تماما، مميتة بنفس القدر في المدى البعيد. وقد يلحق تلوث الهواء الضرر برئتي الشباب، وخاصة الرياضيين الذين يمارسون نشاطاتهم في الهواء الطلق ويستنشقون كمية أكبر من الهواء في الدقيقة الواحدة مقارنة بغير الرياضيين. كما أن التغذية حاسمة أثناء النمو السريع، وقد يكون استهلاك الشباب للطعام أكثر من استهلاك الكبار. ويتعرض الشاب خلال مثل هذه الأوقات لقدر أكبر من الملوثات في الطعام بالنسبة لوزن جسمه مما يتعرض له الشخص الكبير.

ويميل الشباب أكثر من الأكبر منهم سنا إلى قضاء الوقت في أوضاع مؤسسية كالمدارس ومعسكرات التدريب العسكري والمعسكرات الترويجية. وتشتمل بعض هذه الأوضاع والخلفيات عل بيئات جيدة الضبط والتحكم، ولكن هناك احتمالا كبيرا في بعضها لوجود طعام وماء شرب ملوث (موقع المعسكر)، ومواد ملوثة للهواء في المباني الداخلية (كما وجد في الكثير من المدارس الأميركية)، أو عوامل تعرض يساء فهمها في البيئة (الخدمة العسكرية).

وقد يشترك الشباب في هوايات أو نشاطات قد تشتمل على استخدام عدد من المواد الخطرة، بما في ذلك الصيد (طلقة الرصاص)، والفن (مواد كيماوية في الغراء والدهان)، ومنتجات التجميل (طلاء الأظافر)، والسيارات والماكينات الأخرى (الوقود والزيوت والدهان وغازات العوادم). وتستخدم الكيماويات كالغراء والبنزين في بعض الدول كمواد لإساءة الاستعمال، مما يؤدي إلى عوامل تعرض مقصودة كبيرة (وضارة) للخطر.

ويعمل الشباب بأعداد كبيرة حول العالم. وقد يكون العمل ذا قيمة كبيرة للأطفال لأنه يحسن الظروف المالية الخاصة بهم وبأسرهم، مما يعدّهم للكبر ويشجع المبادرة لديهم. إلا أن صغار السن كثيرا ما يعملون في ظروف محفوفة بالمخاطر، ويتوقف ذلك على التأكيد على الضبط والتحكم في عوامل تعرض مكان العمل في الدول المختلفة. وقد قدّرت منظمة العمل الدولية أن 60 بالمئة من الأطفال العاملين تعرضوا لأوضاع محفوفة بالمخاطر.

ويعمل الأطفال في الولايات المتحدة، كما يعملون في كثير من مناطق العالم، في المزارع، خاصة الأطفال الذين ينتمون لأسر تعيش في المزارع. وقد وجد أن مثل هؤلاء الأطفال يعانون من معدلات أعلى للإصابات المرتبطة ليس فقط بالحكم غير السليم وبالمخاطرة على نطاق أكبر، بل أيضا لأن المعدات المصممة لتكون آمنة بالنسبة للكبار كثيرا ما تكون ذات تصميم اقتصادي ضعيف بالنسبة للأشخاص الأصغر سنا.

وقد ارتبطت مستويات التعرض العالية في الدول النامية بالعمل بوجود مواد خطرة كالرصاص والمبيدات الحشرية والعمل في الهواء الطلق في مناطق حضرية بالغة التلوث وملامسة المواد الكيماوية عند التفتيش في حاويات النفايات عن مواد قابلة لإعادة الاستعمال أو لإعادة المعالجة. وقد أثبتت القوانين التي تقيد أنواعا معينة من العمل للأطفال الصغار وتضمن سلامة مكان العمل فعاليتها في منع بعض هذه التعرضات للخطر.

خاتمة

إننا ندرك أن الشباب كثيرا ما يكونون أكثر تأثرا وأكثر عرضة لبعض المخاطر البيئية. وفي الوقت ذاته، ينجم قدر كبير من مصدر القلق عن معرفتنا لعلم الأحياء ومن الدراسات المتعلقة بالحيوانات وليس من الملاحظة المباشرة للآثار الصحية على الصغار وهم يواجهون عوامل التعرض للخطر في بيئاتهم. ويتعين أن يتغير هذا الوضع خلال السنوات القليلة القادمة، حيث أن قدرا هائلا من البيانات العلمية الجديدة أخذت تظهر في سائر أنحاء العالم، سواء فيما يتعلق بالتغيرات البيولوجية التي تحدث خلال هذه المرحلة من الحياة، أو بالنسبة للآثار البعيدة الأمد لعوامل التعرض البيئية.

وفي هذا الصدد، من المهم استمرار العديد من الدراسات الهامة الجارية حاليا لتقييم عوامل التعرض البيئية، بحيث تتضمن المراهقين والشباب. وفي الوقت ذاته، يبدو أن من الحكمة اتخاذ موقف احترازي للتأكد من أن الشباب محميون من المؤثرات المحتملة الضرر، بالنسبة لحالتهم الصحية حاليا وفي المستقبل، وبالنسبة للحالة الصحية للجيل القادم، جيل أطفالهم

 

تحياتي