الزوجان وجوانب تربية الأبناء

الناقل : heba | المصدر : www.almoustshar.com

الزوجان وجوانب تربية الأبناء (رؤية مشتركة)

 

إن الرؤية المشتركة في تربية الأبناء تستلزم من الزوجين التعرف على طبيعة المرحلة العمرية الموجود فيها الابن، ونوع هذا الابن؛ لأن كل مرحلة عمرية لها خصائصها ومميزاتها التي تميزها عن غيرها، ولها أيضًا مطالبها التي تختلف عن غيرها من المراحل.

فمثلًا مرحلة الطفولة لها خصائص ومطالب تختلف عن مرحلة المراهقة، وكذلك الولد يختلف عن البنت في الخصائص ومراحل النمو، ومن حسن رعاية الزوجين للأبناء التعرف على ما ذكرنا لتحقيق التربية المنشودة والصحة النفسية للأبناء والبنات.

جوانب تربية الأبناء:

وتربية الأبناء تكون في عدة جوانب هي:

1ـ التربية الإيمانية، ومن أمثلة الأمور الواجب الاعتناء بها:

* تعليم الأبناء مبادئ العقيدة الإسلامية.

* تعليمهم الحلال والحرام.

* أمرهم بالعبادات وهم في سن السابعة ((مروا أبناءكم بالصلاة لسبع)) [صححه الألباني]، ومن يهمل في تعليم أولاده في هذا السن فهو مقصر آثم في حق أولاده.

* تأديبهم على حب النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

* تعويدهم على قراءة القرآن وفهمه والعمل به.

* غرس روح المراقبة لله تعالى فيهم ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) [متفق عليه].

2ـ التربية الخلقية، وتكون بـ:

* الحث على الأخلاق الفاضلة.

* التحذير من سيئ الأخلاق، كالكذب والسرقة والشتائم والتقليد الأعمى...

3ـ التربية الجسمية، وتتمثل في:

* اتباع القواعد الصحية.

* تعويد الولد على الرياضة (العقل السليم في الجسم السليم).

* التغذية المتوازنة السليمة.

* تعويد الولد على الاقتصاد في الإنفاق وعدم الإسراف.

* معالجة الأمراض بالتداوي.

4ـ التربية العقلية، وتتمثل في:

* تعليم الأطفال في مرحلة الطفولة الأولى [الحضانة].

* تمرين الولد على إعمال الذهن.

* تبصير الطفل بأهمية العلم وفضله.

* القراءة المفيدة والاطلاع تساعد على تكوين شخصية الابن.

5ـ التربية والنفسية:

وتكون برعاية الطفل وإحاطته بالحب والدفء والعلاقات المتوازنة بين المكافأة والعقاب، فإن أحسن أثيب، وإن أخطأ عوقب، ولكن برفق وبدون أذى، وإن ظهرت عنده أعراض لبعض المشاكل النفسية كالخجل والخوف والشعور بالنقص أو الغضب، فعلى الزوجين معرفة الأسباب، ومحاولة البحث عن حل يناسب المرحلة العمرية ونوع الابن [بنت أو ولد]، وسؤال المتخصصين في ذلك للوصول به إلى بر الأمان وتحقيق الصحة النفسية والتربية السليمة.

6ـ التربية الاجتماعية، وتتمثل في:

الأخوة والرحمة والإيثار والعفو والجرأة، وأيضًا مراعاة حقوق الآخرين مثل حق الأبوين، والأرحام، والجيران، والمعلم، والصديق، والكبير.

 وأيضًا تعليمه الآداب الاجتماعية مثل: آداب الطعام والشراب، والسلام، والاستئذان، والمجلس، والحديث، والمزاح، وعيادة المريض، والتعزية، والعطاس والتثاؤب.

7ـ التربية الجنسية، وتتمثل في:

          أدب الاستئذان، وأدب النظر، ومما ينبغي في هذا الموضوع تجنيب الأولاد الإثارة الجنسية وذلك يكون بالرقابة الداخلية والخارجية، وسد الذرائع الموصلة إلى الإثارة الجنسية بكل أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية، ولكن يراعى إعطاء المعلومات للأبناء بما يتناسب مع أعمارهم، والإجابة على أسئلتهم إجابة علمية وشافية في نفس الوقت.

الوسائل العلمية [المؤثرة] لتربية الأولاد:

 وهنا علينا أن نقف لنذكر كيف نحقق الجوانب السابقة، ولتطبيق ما ذكرنا فإن هناك عدة وسائل تعرف بوسائل التربية المؤثرة وهي:

1ـ التربية بالقدوة:

فالطفل حين يجد من أبويه ومربيه القدوة الصالحة فإنه يتشرب مبادئ الخير ويتطبع على أخلاق الإسلام، والتربية بالقدوة تكون بقدوة الأبوين، وقدوة الرفقة الصالحة، وقدوة المعلم، وقدوة الأخ الأكبر، وربط الولد بصاحب القدوة العظيم رسولنا صلى الله عليه وسلم، يقول سعد بن أبي وقاص: (كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن) [موسوعة الدين النصيحة، (3/90)].

2ـ التربية بالعادة:

إذا توفر للطفل عامل التربية وعامل البيئة مع الفطرة السليمة المولود بها فإن ذلك له أثره الطيب ونشأته النشأة الصحيحة، والتربية بالعادة تكون بالتقليد والتعويد كما ذكرنا في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر)) [صححه الألباني]، وأيضًا: ((علموا أنفسكم وأهليكم الخير)) [قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه].

وفي ذلك يقول الإمام الغزالي رحمه الله في إحيائه في تعويد الولد خصال الخير:

          (والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق).

3ـ التربية بالموعظة:

          والقرآن الكريم ملئ بالآيات التي تتخذ أسلوب الوعظ أساسًا لمنهج الدعوة وطريقًا إلى الوصول لإصلاح الأفراد، وفي سورة لقمان خير شاهد على ما نقول يقول الله تعالى: ((وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان:13]، ويتجدد أسلوب الوعظ على حسب الظروف ومقتضيات الأحوال، فمرة يذكر المربي الولد بالتقوى، ومرة يحض على النصح، ويغري أحيانًا بالترغيب، وفي موطن آخر يلجأ إلى أسلوب التهديد، وهكذا حسب الأحوال.

4ـ التربية بالملاحظة:

ويقصد بها أن يلحظ المربي ولده ويلاحقه ويلزم أدبه ويراقب حركاته وسكناته، فإذا أهمل حقًا أرشده إليه، وإذا رأى منه منكرًا نهاه عنه، وإذا فعل معروفًا شكر له صنيعه يقول صلى الله عليه وسلم: ((والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها)) [صححه الألباني]، فإن لم تكن هناك ملاحظة فإن الولد سينزع لا محالة إلى الانحراف والانحلال والهلاك المحقق، فكن مع ولدك أيها المربي أينما توجه، كن معه بنفسك، بفكرك، باهتمامك، لاحظه في إيمانه وفي أخلاقه وفي علمه وفي اجتماعه مع غيره، لاحظ نفسيته ومزاجه كل ذلك يرشدك إلى أحسن الطرق في التعامل معه وفي تربيته.

5ـ التربية بالعقوبة:

اللين والرحمة والرفق هي الأصل في معاملة الولد، وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يؤكد على ملاطفة الأولاد، ولكن في حال خطأ الولد فلا بد من استعمال العقوبة ليكون الولد متزنًا نفسيًا وانفعاليًا، ولا بد أيضًا من التدرج في العقوبة.

وتأتي حكمة المربى في استعمال أساليب العقوبة واختيار الأصلح منها، فهذه الوسائل تفاوت بتفاوت الأولاد ذكاء وثقافة وحساسية ومزاجًا، فمنهم من تكفيه الإشارة البعيدة ويرتجف لها قلبه، ومنهم من لا يردعه ذلك! ومنهم من يصلحه الهجر، ومنهم من ينفعه التأنيب، ومنهم من لا بد من تقريب العصا منه حتى يراها على مقربة فينزجر، ومنهم بعد ذلك فريق لا بد أن يحس لدغ العقوبة على جسمه لكي يستقيم.

والضرب له شروط، ولا يلجأ إليه إلا بعد استنفاد جميع الوسائل التأديبية، ولا يضرب المربي ولده في حالة الغضب الشديد مخافة إلحاق الضرر بالولد، ولا يضرب الوجه أو الصدر أو البطن، والتدرج أيضًا في شدة الضرب من الأقل شدة إلى الأكثر، والتدرج في عدد مرات الضرب على اليدين أو الرجلين، ولا يضرب الولد قبل عشر سنوات ((واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)) [قال الألباني: حسن صحيح].

وإذا رأى المربي انصلاح حال ولده بعد العقوبة فعليه أن ينبسط له ويتلطف معه ويبش في وجهه ويشعره أنه ما قصد من العقوبة إلا صلاحه في الدنيا والآخرة، هكذا كان نهج النبي صلى الله عليه وسلم، واعلم أيها المربي أن التربية بالعقوبة سبب زجر الولد عن أسوأ الأخلاق، وأن يكون عنده من الحساسية والشعور ما يردعه عن الاسترسال في الشهوات والمحرمات بعد ذلك، وبدونها يتمادى الولد في المفاسد والأخطاء.

وفق الله الجميع إلى أحسن الأخلاق.

وهدى الزوجين إلى رؤية مشتركة لتربية الهدية الربانية التي منحهم الله إياها.