لا مستحيل!!
الناقل :
mahmoud
| المصدر :
amrkhaled.net
يقول ابن القيم- رحمه الله- : لو أن رجلاً وقف أمامجبل وعزم على إزالته ؛ لأزاله
.
لقد توصلت - بعد سنوات من الدراسة والبحثوالتأمل- إلى : أنه لا مستحيل في الحياة ؛ سوى أمرين فقط
.
الأول : ما كانتاستحالته كونية ( فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِبِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ) (البقرة: من الآية258
)
الثاني : ما كانت استحالته شرعية ؛ مما هو قطعي الدلالة ، والثبوت ، فلايمكن أن تجعل صلاة المغرب ركعتين ، ولا أن يؤخر شهر الحج عن موعده ( الْحَجُّأَشْهُرٌ مَعْلُومَات) (البقرة: من الآية197) ، ولا أن يباح زواج الرجل من امرأةأبيه ( إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً )(النساء: من الآية22
)
، وما عدا هذين الأمرين وما يندرج تحتهما من فروع ؛ فليس بمستحيل
.
قدتكون هناك استحالة نسبية لا كلية ، وهو ما يدخل تحت قاعدة عدم الاستطاعة فقد يعجزفرد عن أمرٍ ؛ ولكن يستطيعه آخرون، وقد لا يتحقق هدف في زمن ؛ ولكن يمكن تحقيقه فيزمن آخر ، وقد لا يتأتى إقامة مشروع في مكان ، ويسهل في مكان ثان ، وهكذا
.
إن الخطورة: تحويل الاستحالة الفردية ، والجزئية ، والنسبية ؛ إلى استحالةكلية شاملة عامة
.
إن عدم الاستطاعة هو تعبير عن قدرة الفرد ذاته ، أماالاستحالة ؛ فهو وصف للأمر المراد تحقيقه ، وقد حدث خلط كبير بينهما عند كثير منالناس ، فأطلقوا الأول على الثاني
.
إن من الخطأ أن نحول عجزنا الفردي إلىاستحالة عامة ؛ تكون سبباً في تثبيط الآخرين ، ووأد قدراتهم ، وإمكاناتهم في مهدها
.
إن أول عوامل النجاح ، وتحقيق الأهداف الكبرى هو: التخلص من وهم ( لاأستطيع – مستحيل ) ، وهو بعبارة أخرى: التخلص من العجز الذهني ، وقصور العقلالباطن، ووهن القوى العقلية
.
إن الأخذ بالأسباب الشرعية ، والمادية يجعلما هو بعيد المنال حقيقة واقعة
.
إن كثيراً مـن الـذين يكررون عبـارة : لاأستطيـع ، لا يشخصون حقيقة واقعـة ،يعذرون بها شرعاً وإنما هو انعكاس لهزيمـةداخلية للتخلص من المسئولية
.
إن من الخطوات العملية لتحقيق الأهداف الكبرىهو: الإيمان بالله ، وبما وهبك من إمكانات هائلة تستحق الشكر. ومن شكرها
:
استثمارها ؛ لتحقيق تلك الأهداف التي خلقت من أجله
.
أي عذر لإنسان ؛ وهبهالله جميع القوى التي تؤهله للزواج ، ثم هو يعرض عن ذلك دون مبرر شرعي . إن هذا منكفر النعمة لا من شكرها ، وهو تعطيل لضرورة من الضرورات الخمس التي أجمعت جميعالديانات السماوية على وجوب المحافظة عليها ، وهو النسل
.
وحري ، بمن فعلذلك أن تسلب منه هذه النعمة الكبرى ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْلَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7
) .
وقل مثل ذلك : في كل نعمة ، وموهبة وهبها الله الإنسان
.
إنني لست بصددبيان عوامل النجاح ، ومرتكزات القيادة ، والريادة ؛ ولكنني أحاول أن أزيل هذا الوهمالذي سيطر على عقول كثير من رجال الأمة ، وشبابها ؛ فأوصلنا إلى الحالة التي سرّتالعدو ، وأحزنت الصديق
.
إن الأمة تمر بحالة تاريخية ذهبية من العودة إلىالله ، وتلمس طريق النجاة ، والنجاح ، والسعادة ، والرقي
.
وإذا لم تستثمرتلك الإمكانات ، والطاقات الهائلة ، والأمة في حال إقبالها ؛ فإنه سيكون الأمر أشدوأعسر في حال فتورها
.
إن من الأخطاء التي تحول بين الكثيرين ، وبين تحقيقأعظم الأهداف ، وأعلاها ثمناً تصور أنه لا يحقق ذلك إلا الأذكياء
.
إنالدراسات أثبتت أن عدداً من عظماء التاريخ كانوا أناساً عاديين ، بل إن بعضهم قديكون فشل في كثير من المجالات كالدراسة مثلاً
.
لا شك أن الأغبياء لايصنعون التاريخ ؛ ولكن الذكاء أمر نسبي يختلف فيه الناس ويتفاوتون ، وحكم الناسغالباً على الذكاء الظاهر ، بينما هناك قدرات خفية خارقة لا يراها الناس ؛بل قد لايدركها صاحبها إلا صدفة ، أو عندما يصر على تحقيق هدف ما ؛ فسرعان ما تتفجر تلكالمواهب مخلفة وراءها أعظم الانتصارات ، والأمجاد
.
إن كل الناس يعيشونأحلام اليقظة ، ولكن الفرق بين العظماء وغيرهم : أن أولئك العظماء لديهم القدرة ،وقوة الإرادة والتصميم على تحويل تلك الأحلام إلى واقع ملموس ، وحقيقة قائمة ،وإبراز ما في العقل الباطن إلى شيء يراه الناس ، ويتفيئون في ظلاله
.
إن منأهم معوقات صناعة الحياة : الخوف من الفشل ، وهذا بلاء يجب التخلص منه، حيث إنالفشل أمر طبيعي في حياة الأمم ، والقادة ، فهل رأيت دولة خاضت حروبها دون أي هزيمةتذكر ؟
!
وهل رأيت قائداً لم يهزم في معركة قط ؟
!
والشذوذ يؤكد القاعدة ،ويؤصلها ، ولا ينقضها
.
إن من أعظم قادة الجيوش في تاريخ أمتنا – خالد بنالوليد – سيف الله المسلول ، وقد خاض معارك هزم فيها في الجاهلية ، والإسلام ، ولميمنعه ذلك من المضي قدماً في تحقيق أعظم الانتصارات ، وأروعها
.
ومن أعظمالمخترعين في التاريخ الحديث ؛ مخترع الكهرباء ( أديسون ) وقد فشل في قرابة ألفمحاولة ؛ حتى توصل إلى اختراعه العظيم ، الذي أكتب لكم هذه الكلمات في ضوء اختراعهالخالد
.
وقد ذكر أحد الكتاب الغربيين ؛ أنه لا يمكن أن يحقق المرء نجاحاًباهراً حتى يتخطى عقبات كبرى في حياته
.
إن الذين يخافون من الفشل النسبي ،قد وقعوا في الفشل الكلي الذريع ( أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ) (التوبة: منالآية49
)
ومن يتهيب صعود الجباليعش أبد الدهر بين الحفرإنالبيئة شديدة التأثير على أفرادها ؛ حيث تصوغهم ولا يصوغونها ( إِنَّا وَجَدْنَاآبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى )( وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْمُقْتَدُونَ)(الزخرف: من الآية23 )، ولذلك فهي من أهم الركائز في التقدم ، أوالتخلف ، والرجال الذين ملكوا ناصية القيادة والريادة ؛لم يستسلموا للبيئة الفاسدةولم تمنعهم من نقل تلك البيئة إلى مجتمع يتسم بالمجد والرقي والتقدم ؛ ولذلك أصبحالمجدد مجدداً ؛ لأنه جدد لأمته ما اندرس من دينها وتاريخها وقد ختمت النبوة بنبينامحمد -صلى الله عليه وسلم - فلم يبق إلا المجددون والمصلحون ؛ يخرجونها من الظلماتإلى النور فحري بك أن تكون أحد هؤلاء
.
وأختم هذه المقالة بإشارات تفتحلك مغاليق الطريق
:
1-
ذلك الكم الهائل من عمرك والذي يعد بعشرات السنين ،قد تحقق من أنفاس متعاقبة وثوان متلاحقة ، وآلاف الكيلومترات التي قطعتها في حياتك؛ ليست إلا خطوات تراكمت فأصبحت شيئاً مذكوراً
.
وكذلك الأهداف الكبرى ؛تتحقق رويداً رويدا ، وخطوة خطوة ، فعشرات المجلدات التي يكتبها عالم من العلماء ،ليست إلا مجموعة من الحروف ضم بعضها إلى بعض ، حرفاً حرفاً ؛ فأصبحت تراثاً خالداًعلى مر الدهور والأجيال
.
2-
علو الهدف يحقق العجائب ، فمن كافح ليكونترتيبه الأول ؛ يحزن إذا كان الثاني ومن كان همه دخول الدور الثاني ؛ يفرح إذا لميرسب إلا في نصف المقررات والمواد
.
وإذا كانت النفوس كـباراًتعبت فيمرادها الأجساممـن يهـن يسهــــــل عليهما لجــــرح بميت إيـلام
3-
الإبداع لا يستجلب بالقوة , وتوتر الأعصاب ؛ وإنما بالهدوء
,
والسكينة وقوة الإيمان , والثقة بما وهبك الله من إمكانات ، مع الصبر والتصميم
,
وقوة الإرادة والعزيمة ؛ ولذلك فأكثر الطلاب تفوقاً ؛ أكثرهم هدوءاً , وأقلهماضطراباً عند الامتحان . وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشجع الناس ، وأربطهمجأشاً ، وأثبتهم جناناً ، وأقواهم بأساً ؛ يتقون به عند الفزع لا يعرف الخوف إلىقلبه سبيلاً
.
4-
التفكير السليم المنطقي يقود إلى النجاح ، والتخطيط العلميالعملي طريق لا يضل سالكه ،وفشل كثير من المشروعات منشؤه الخطأ في طريقةالتفكير ، والمقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة
.
5-
الواقعية لا تتعارضمع تحقيق أعظم الانتصارات , والريادة في صناعة الحياة ؛ بل هي ركن أساس من أركانها، وركيزة يبنى عليها ما بعده ، وعاصم من الفشل والإخفاق بإذن الله
.
6-
كثير من المشكلات الأسرية , والشخصية , والاجتماعية ؛ منشؤها توهم صعوبة حلها , أواستحالته . بينما قد يكون الحل قاب قوسين أو أدنى ؛ ولكن الأمر يحتاج إلى عزيمةوتفكير ، يبدأ من تحديد المشكلة ثم تفكيكها إلى أجزاء ، ومن ثم المباشرة في علاج كلجزء بما يناسبه
.
7– (
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين ُ
) (
الفاتحة:5) جماع الأمر ، ومدار العمل ، والقاعدة الصلبة التي بدونها تكون الحياةهباء منثوراً
.
أخذنا من وقتكم كثيراً ، فهلموا إلى العمل والمجد والخلود
.