فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ القول في تأويل قوله تعالى : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } وتأويل قوله : { فبدل } فغير . ويعني بقوله : { الذين ظلموا } الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله . ويعني بقوله : { قولا غير الذي قيل لهم } بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه فقالوا خلافه , وذلك هو التبديل والتغير الذي كان منهم . وكان تبديلهم - بالقول الذي أمروا أن يقولوه - قولا غيره , ما : 855 - حدثنا به الحسن بن يحيي , قال : أخبرنا عبد الرازق , قال : أخبرنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله لبني إسرائيل : ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم , فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على استاهم وقالوا : حبة في شعيرة . * حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة وعلي بن مجاهد , قالا : حدثنا محمد بن إسحاق , عن صالح بن كيسان , عن صالح مولى التوأمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : 856 - وحدثت عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , عن سعيد بن جبير , أو عن عكرمة , عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا منه سجدا يزحفون على أستاههم يقولون حنطة في شعيرة } . 857 - وحدثني محمد بن عبد الله المحاربي , قال : حدثنا عبد الله بن المبارك , عن معمر , عن همام , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { حطة } قال : { بدلوا فقالوا : حبة } . 858 - حدثنا ابن بشار , قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : حدثنا سفيان , عن السدي , عن أبي سعيد عن أبي الكنود , عن عبد الله : { ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } قالوا : حنطة حمراء فيها شعيرة , فأنزل الله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 859 - حدثنا محمد بن بشار , قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري , قال : حدثنا سفيان , عن الأعمش , عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في قوله : { ادخلوا الباب سجدا } قال : ركوعا من باب صغير . فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم . ويقولون حنطة ; فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . * حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي , قال : حدثنا أبو أسامة , عن سفيان , عن الأعمش , عن المنهال , عن سعيد , عن ابن عباس , قال : أمروا أن يدخلوا ركعا , ويقولوا حطة - قال أمروا أن يستغفروا - قال : فجعلوا لا يدخلون من قبل أستاههم من باب صغير ويقولون حنطة يستهزئون , فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 860 - حدثنا الحسن بن يحيي , قال : أنبأنا عبد الرازق , قال : أنبأنا معمر , عن قتادة والحسن : { ادخلوا الباب سجدا } قالا : دخلوها على غير الجهة التي أمروا بها , فدخلوها متزحفين على أورامكهم , وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم , فقالوا حبة في شعيرة . 861 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي , قال : حدثنا أبو عاصم , قال : حدثنا عيسى بن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا حطة , وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا فلم يسجدوا ودخلوا على أدبارهم وقالوا حنطة . * حدثني المثنى , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال أمر موسى قومه أن يدخلوا المسجد ويقولوا حطة , وطؤطئ لهم الباب ليقولوا رؤسهم , فلم يسجدوا ودخلوا على أستاههم إلى الجبل , وهو الجبل الذي تجلى له ربه وقالوا : حنطة . فذلك التبديل الذي قال الله عز وجل : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 862 - حدثني موسى بن هارون الهمداني عن ابن مسعود أنه قال : إنهم قالوا : " هطى سمقا يا ازبة هزبا " , وهو بالعربية : حبطة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعيرة سوداء . فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 863 - حدثنا أبو كريب , قال : { وادخلوا الباب سجدا } قال : فدخلوا على أستاههم منقعي رءوسهم . 864 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثنا أبو النضر بن عدي , عن عكرمة : { وادخلوا الباب سجدا } فدخلوا منقعي رءوسهم , { وقولوا حطة } فقالوا : حنطة حمراء فيها شعيرة , فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 865 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس : { وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } قال : فكان سجود أحدهم على خده , { وقولوا حطة } نحط عنكم خطاياكم , فقالوا : حنطة , وقال بعضهم : حبة في شعيرة . { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 866 - وحدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئاتكم . قال : فاستهزءوا به - يعني بموسى - وقالوا : ما يشاء موسى أن يلعب بنا إلا لعب بنا حطة حطة ! أي شيء حطة ؟ وقال بعضهم لبعض : حنطة . 867 - حدثنا القاسم بن الحسن , قال : حدثني الحسين , قال : حدثني حجاج عن ابن جريج , وقال ابن عباس : لما دخلوا قالوا : حبة في شعيرة . * حدثني محمد بن سعيد , قال : حدثني أبي سعيد بن محمد بن الحسن , قال : أخبرني عمي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : لما دخلوا الباب قالوا حبة في شعيرة , فبدلوا قولا غير الذي قيل لهم . فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ القول في تأويل قوله تعالى : { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء } يعني بقوله : { فأنزلنا على الذين ظلموا } على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من تبديلهم القول - الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه - قولا غيره , ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به وبركوبهم ما قد نهاهم عن ركوبه { رجزا من السماء بما كانوا يفسقون } . والرجز في لغة العرب : العذاب , وهو غير الرجز , وذلك أن الرجز : البثر , ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون أنه قال : " إنه رجز عذب به بعض الأمم الذين قبلكم " . 868 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس , عن ابن شهاب , قال : أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص , عن أسامة بن زيد , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب له بعض الأمم قبلكم " . 869 - وحدثني أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة , قال : حدثنا عمر بن حفص , قال : حدثنا أبي عن الشيباني عن رباح بن عبيدة , عند عامر بن سعد , قال : شهدت أسامة بن زيد عن سعد بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الطاعون رجز أنزل على من كان قبلكم - أو على بني إسرائيل - } . وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 870 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أنا عبد الرزاق , قال : أنا معمر , عن قتادة في قوله : { رجزا } قال : عذابا . 871 - حدثني المثنى , قال : حدثنا آدم العسقلاني , قال : حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله : ؟ { فأنزلنا على الذين آمنوا رجزا من السماء } قال : الرجز : الغضب . 872 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قالا : قال ابن زيد : لما قيل لبني إسرائيل : { ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } { فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم } بعث الله جل وعز عليهم الطاعون , فلم يبق منهم أحدا . وقرأ : { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون } . قال : وبقي الأبناء , ففيهم الفضل والعبادة التي توصف في بني إسرائيل والخير , وهلك الأباء كلهم , أهلكهم الطاعون . 873 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : الرجز : العذاب , وكل شيء في القرآن رجز فهو عذاب . 874 - حدثت عن المنجاب , قال : حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : { رجزا } قال : كل شيء في كتاب الله من الرجز , يعني به العذاب . وقد دللنا على أن تأويل الرجز : العذاب . وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة . وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء , وجائز أن يكون ذلك طاعونا , وجائز أن يكون غيره , ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت أي أصناف ذلك كان . فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عز وجل : { فأنزلنا عليهم رجزا من السماء } بفسقهم . غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره عن الطاعون أنه رجز , وأنه عذب به قوم قبلنا . وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا ; لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك . وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ القول في تأويل قوله تعالى : { بما كانوا يفسقون } وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الفسق : الخروج من الشيء . فتأويل قوله : { بما كانوا يفسقون } إذا بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل , فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره .
القول في تأويل قوله تعالى : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } وتأويل قوله : { فبدل } فغير . ويعني بقوله : { الذين ظلموا } الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله . ويعني بقوله : { قولا غير الذي قيل لهم } بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه فقالوا خلافه , وذلك هو التبديل والتغير الذي كان منهم . وكان تبديلهم - بالقول الذي أمروا أن يقولوه - قولا غيره , ما : 855 - حدثنا به الحسن بن يحيي , قال : أخبرنا عبد الرازق , قال : أخبرنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله لبني إسرائيل : ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم , فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على استاهم وقالوا : حبة في شعيرة . * حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة وعلي بن مجاهد , قالا : حدثنا محمد بن إسحاق , عن صالح بن كيسان , عن صالح مولى التوأمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : 856 - وحدثت عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , عن سعيد بن جبير , أو عن عكرمة , عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا منه سجدا يزحفون على أستاههم يقولون حنطة في شعيرة } . 857 - وحدثني محمد بن عبد الله المحاربي , قال : حدثنا عبد الله بن المبارك , عن معمر , عن همام , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { حطة } قال : { بدلوا فقالوا : حبة } . 858 - حدثنا ابن بشار , قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : حدثنا سفيان , عن السدي , عن أبي سعيد عن أبي الكنود , عن عبد الله : { ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } قالوا : حنطة حمراء فيها شعيرة , فأنزل الله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 859 - حدثنا محمد بن بشار , قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري , قال : حدثنا سفيان , عن الأعمش , عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في قوله : { ادخلوا الباب سجدا } قال : ركوعا من باب صغير . فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم . ويقولون حنطة ; فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . * حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي , قال : حدثنا أبو أسامة , عن سفيان , عن الأعمش , عن المنهال , عن سعيد , عن ابن عباس , قال : أمروا أن يدخلوا ركعا , ويقولوا حطة - قال أمروا أن يستغفروا - قال : فجعلوا لا يدخلون من قبل أستاههم من باب صغير ويقولون حنطة يستهزئون , فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 860 - حدثنا الحسن بن يحيي , قال : أنبأنا عبد الرازق , قال : أنبأنا معمر , عن قتادة والحسن : { ادخلوا الباب سجدا } قالا : دخلوها على غير الجهة التي أمروا بها , فدخلوها متزحفين على أورامكهم , وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم , فقالوا حبة في شعيرة . 861 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي , قال : حدثنا أبو عاصم , قال : حدثنا عيسى بن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا حطة , وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا فلم يسجدوا ودخلوا على أدبارهم وقالوا حنطة . * حدثني المثنى , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال أمر موسى قومه أن يدخلوا المسجد ويقولوا حطة , وطؤطئ لهم الباب ليقولوا رؤسهم , فلم يسجدوا ودخلوا على أستاههم إلى الجبل , وهو الجبل الذي تجلى له ربه وقالوا : حنطة . فذلك التبديل الذي قال الله عز وجل : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 862 - حدثني موسى بن هارون الهمداني عن ابن مسعود أنه قال : إنهم قالوا : " هطى سمقا يا ازبة هزبا " , وهو بالعربية : حبطة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعيرة سوداء . فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 863 - حدثنا أبو كريب , قال : { وادخلوا الباب سجدا } قال : فدخلوا على أستاههم منقعي رءوسهم . 864 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثنا أبو النضر بن عدي , عن عكرمة : { وادخلوا الباب سجدا } فدخلوا منقعي رءوسهم , { وقولوا حطة } فقالوا : حنطة حمراء فيها شعيرة , فذلك قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 865 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس : { وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } قال : فكان سجود أحدهم على خده , { وقولوا حطة } نحط عنكم خطاياكم , فقالوا : حنطة , وقال بعضهم : حبة في شعيرة . { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } . 866 - وحدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئاتكم . قال : فاستهزءوا به - يعني بموسى - وقالوا : ما يشاء موسى أن يلعب بنا إلا لعب بنا حطة حطة ! أي شيء حطة ؟ وقال بعضهم لبعض : حنطة . 867 - حدثنا القاسم بن الحسن , قال : حدثني الحسين , قال : حدثني حجاج عن ابن جريج , وقال ابن عباس : لما دخلوا قالوا : حبة في شعيرة . * حدثني محمد بن سعيد , قال : حدثني أبي سعيد بن محمد بن الحسن , قال : أخبرني عمي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : لما دخلوا الباب قالوا حبة في شعيرة , فبدلوا قولا غير الذي قيل لهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء } يعني بقوله : { فأنزلنا على الذين ظلموا } على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من تبديلهم القول - الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه - قولا غيره , ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به وبركوبهم ما قد نهاهم عن ركوبه { رجزا من السماء بما كانوا يفسقون } . والرجز في لغة العرب : العذاب , وهو غير الرجز , وذلك أن الرجز : البثر , ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون أنه قال : " إنه رجز عذب به بعض الأمم الذين قبلكم " . 868 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يونس , عن ابن شهاب , قال : أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص , عن أسامة بن زيد , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب له بعض الأمم قبلكم " . 869 - وحدثني أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة , قال : حدثنا عمر بن حفص , قال : حدثنا أبي عن الشيباني عن رباح بن عبيدة , عند عامر بن سعد , قال : شهدت أسامة بن زيد عن سعد بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الطاعون رجز أنزل على من كان قبلكم - أو على بني إسرائيل - } . وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 870 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أنا عبد الرزاق , قال : أنا معمر , عن قتادة في قوله : { رجزا } قال : عذابا . 871 - حدثني المثنى , قال : حدثنا آدم العسقلاني , قال : حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله : ؟ { فأنزلنا على الذين آمنوا رجزا من السماء } قال : الرجز : الغضب . 872 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قالا : قال ابن زيد : لما قيل لبني إسرائيل : { ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } { فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم } بعث الله جل وعز عليهم الطاعون , فلم يبق منهم أحدا . وقرأ : { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون } . قال : وبقي الأبناء , ففيهم الفضل والعبادة التي توصف في بني إسرائيل والخير , وهلك الأباء كلهم , أهلكهم الطاعون . 873 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : الرجز : العذاب , وكل شيء في القرآن رجز فهو عذاب . 874 - حدثت عن المنجاب , قال : حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : { رجزا } قال : كل شيء في كتاب الله من الرجز , يعني به العذاب . وقد دللنا على أن تأويل الرجز : العذاب . وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة . وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء , وجائز أن يكون ذلك طاعونا , وجائز أن يكون غيره , ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت أي أصناف ذلك كان . فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عز وجل : { فأنزلنا عليهم رجزا من السماء } بفسقهم . غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره عن الطاعون أنه رجز , وأنه عذب به قوم قبلنا . وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا ; لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك . وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } .
القول في تأويل قوله تعالى : { بما كانوا يفسقون } وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الفسق : الخروج من الشيء . فتأويل قوله : { بما كانوا يفسقون } إذا بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل , فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره .