مقدمة الجزء الرابع - في ظلال القرآن

الناقل : elmasry | المصدر : www.khayma.com

مقدمة الجزء الرابع

الرابع يتألف هذا الجزء من بقية سورة آل عمران ومن أوائل سورة النساء إلى قوله تعالى والمحصنات من النساء وهذه البقية من سورة آل عمران تتألف من أربعة مقاطع رئيسية تكمل خط سير السورة الذي أفضنا في الحديث عنه في مطلعها في الجزء الثالث بما لا مجال لإعادته هنا فيرجع إليه هناك فأما المقطع الأول فيمثل طرفا من المعركة الجدلية بين أهل الكتاب والجماعة المسلمة في المدينة في تلك الفترة التي رجحنا أن السورة تناولت أحداثها في حياة الجماعة المسلمة من بعد غزوة بدر في رمضان من العام الثاني للهجرة إلى ما بعد غزوة أحد في شوال من العام الثالث هذه المعركة التي شغلت ما مر من السورة كله والتي كانت مجالا لتجلية حقيقة التصور الإيماني وحقيقة الدين وحقيقة الإسلام وحقيقة منهج الله الذي جاء به الإسلام وجاء به من قبل كل رسول كما كانت مجالا لكشف حقيقة أهل الكتاب الذين يجادلون النبي ص ومن معه ويحاورونهم ; وكشف مدى انحرافهم عن دين الله ; وفضح تدبيرهم للجماعة المسلمة في المدينة والدوافع الكامنة وراء هذا التدبير ; ثم تحذير الجماعة المسلمة من هذا كله بعد تسليط الأنوار عليه وتجسيم خطره على الجماعة المسلمة لو غفلت عنه واستجابت لأعدائها فيه وأما المقطع الثاني وهو يشغل مساحة كبيرة من السورة كذلك فهو نقلة إلى معركة أخرى ليست باللسان والكيد والتدبير فقط ; ولكنها كذلك بالسيف والرمح والسنان نقلة إلى غزوة أحد وأحداثها والتعقيبات عليها في أسلوب هو أسلوب القرآن وحده وقد نزلت الآيات بعد المعركة ; فكانت مجالا لتجلية نواح متعددة من التصور الإيماني ; كما كانت مجالا لتربية الجماعة المسلمة على ضوء المعركة وعلى ضوء ما كشفته من أخطاء في التصور واضطراب في التصرف وخلل في الصف وفرصة لتوجيه الجماعة المسلمة إلى المضي في طريقها واحتمال تبعاتها والارتفاع إلى مستوى الأمانة الضخمة التي ناطها الله بها والوفاء بشكر نعمة الله عليها في اصطفائها لهذا الأمر العظيم والمقطع الثالث عودة إلى أهل الكتاب ونكولهم عن مواثيقهم مع النبي ص تلك المواثيق التي كان قد عقدها معهم أول مقدمه إلى المدينة ; والتنديد بانحراف تصوراتهم وما اجترحوه من الآثام مع أنبيائهم كذلك ثم تحذير الجماعة المسلمة من متابعتهم وتثبيت القلوب المؤمنة على ما ينالها من الابتلاء في النفس والمال وإيذاء أهل الكتاب والمشركين وتهوين شأن أعدائها على كل حال

والمقطع الأخير يرسم صورة لحال المؤمنين مع ربهم تمثل دبيب الإيمان في قلوبهم حين يواجهون آيات الله في الكون ويتجهون إلى ربهم ورب هذا الكون بدعاء خاشع واجف واستجابة ربهم لهم بالمغفرة وحسن الثواب مع التهوين من شأن الكفار وما ينالونه من متاع قليل في هذه الأرض ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد وتختم السورة بدعوة من الله للذين آمنوا دعوة إلى الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى لعلهم يفلحون هذه المقاطع الأربعة المتلاحمة في السياق تكمل ما سبق عرضه من السورة في الجزء الثالث وتسير مع خطوطها الرئيسية العريضة التي فصلنا الحديث عنها هناك وسنتناولها بتفصيل خاص عند مواجهتها في السياق أما الشطر الثاني من هذا الجزء وهو أوائل سورة النساء فسنتحدث عنه إن شاء الله في موضعه وبالله التوفيق