سؤال يدور في ذهن كل شاب يتقي الله تعالى. وهو أيضاً مأزق يعيشه هؤلاء الشباب، عندما تأتيهم الفتاوى القائلة بالحرمة. وقد رأينا في مركز نون أن نقوم بنشر هذه الفتوى، والتي جاءت إجابة عن سؤال ورد من بعض الأخوة:
1. يذهب الإمام ابن حزم الظاهريّ إلى القول بإباحة الاستمناء. ومعلوم أنّ المذهب الظاهريّ يتمسّك بظاهر النصوص الشرعيّة، ولو كان هناك نص يُحرّم الإستمناء لكان المذهب الظاهريّ أوّل من يقول بالتحريم.
2. جاء في الحديث الشريف: " احفظ عورتك إلاّ من زوجك". ولا يعني هذا أنه يحرم على الإنسان أن ينظر إلى عورة نفسه، بل المقصود احفظ عورتك من أن ينظر إليها الآخرون إلا زوجتك. وبمثل هذا الفهم نفهم قوله تعالى: "والذينَ هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم...". أي أنّ الآيات تتحدّث عن العلاقات الجنسية مع الآخرين، وليس مع النفس. ثمّ إنّ الاستدلال بهذه الآية على حرمة الاستمناء هو مسلك البعض، وليس مسلك جمهور أهل التفسير. وقد تكررت هذه الآية في القرآن الكريم مرتين، والآيتان مكيّتان، ويبعد أن تهتم الآيات المكيّة بمسألة الاستمناء، لأنّ الآيات المكيّة ركّزت على أساسيّات العقيدة والشريعة.
3. الغالب في هذا الزمان أن يتزوج الشباب بعد البلوغ بعشر سنوات على الأقل، ثمّ إنّ الفتن تحاصرهم في كل محفل، فماذا يفعل الشباب؟! وماذا يفعل الشاب عندما تثور شهوته الجنسيّة؟! إنّ القول بالتحريم يُحرج الشاب المسلم إحراجاً عظيماً، ويجعل الكثير منهم يشعر بتأنيب الضمير، وهذا هو الكبت الضار والمؤذي نفسيّاً. والأخطر من ذلك أن يقود الاعتقاد بالحرمة الكثير من الشباب إلى اعتياد فعل المُحرّم، والذي لن يقتصر على الاستمناء.
4. لو وُجِد الفقهاءُ الكرام في عصرنا لقالوا بغير ما يقول به المقلّدون، لأنّهم، رضوان الله عليهم، أباحوا الاستمناء لمن يخشى على نفسه من الوقوع في الزنى، بل إنّ بعض الحنابلة أجازه عندما تثور الشهوة الجنسيّة. وهذا القول يتفق مع ما نذهب إليه في هذه المسألة، علماً بأنّ الحنابلة هم أقرب أهل الفقه إلى النصوص الشرعيّة.
5. الأضرار النفسيّة والجسميّة المزعومة لا تكون إلا عند المبالغين في الاستمناء، أمّا اذا كان الاستمناء من أجل تنفيس شهوة جمحت بالشاب، ثمّ لا يكون ذلك إلا في أوقات متباعدة، فإنّ الأضرارعندها لا تكاد تُذكر، وفق ما نصّ عليه أهل الإختصاص.
6. المهم عندنا هنا أن نُحرر ضمير الشباب من الشعور بالإثم، ثمّ ننصحهم بعدم الإسراف في ذلك، لأنّ الإسلام لم يجعل الاستمناء حلاً لمشكلة غير القادر على الزواج، بل سكت عن ذلك، رحمة بنا غير نسيان.
7. يبدو أنّه لم يصح حديث في تحريم الاستمناء، وما يروى في ذلك لم يأخذ به العلماء القائلون بالحرمة.
8. الغريب في هذه المسألة أنه لا نصّ فيها، وعلى الرُّغم من ذلك يُسارع أهل الفتوى إلى القول بالتحريم القاطع، وهذا أمر مستغرب، لأنّهم في الأمور التى تعمّ بها البلوى يذهبون أحياناً إلى مخالفة ظاهر بعض النصوص، ولا شكّ أنّ الاستمناء مما تعمّ به البلوى، وعلى وجه الخصوص في هذا العصر.
9. عندما نربّي الشباب على العفاف، وعندما ندعوهم إلى مكارم الأخلاق، لا يجوز لنا أن نلجأ إلى القول بالحرمة بقصد أن نحملهم على الإلتزام، لأنّ في ذلك مغامرة، بل علينا أن نربّيهم ونعوّدهم على ترك المباحات التي لاتليق بأهل التسامي وأهل الجد.
10. ينصح الشباب بتجنب المثيرات، والاشتغال بالطاعات، وملء الفراغ بالرياضات الجسميّة، ومطالعة الكتب النافعة، والبرامج المفيدة، ومعالي الأمور، والابتعاد قدر الإمكان عن الخلوة بالنفس.