ما بال الرجل؟!
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
بسام جرار
| المصدر :
www.islamnoon.com
بسم الله الرحمن الرحيم
ما بال الرجل؟!
بقلم: بسام جرار
في لقاء مع صحيفة البشير
[1]
، يُصرِّح رشاد خليفة بأنه رسول يُوحى إليه بواسطة جبريل، عليه السلام. وفي حوار صوتي مُسجّل، أرسله إلينا أخ كريم، يُصرّح رشاد أيضاً بأنه رسول. وفي رسالة بعنوان:
(
رسالة مُرسلة إلى الرؤساء والملوك في العالم الإسلامي
)،
يُصرّح رشاد خليفة بأنّه رسول الله، ويَعتبر أنّ الذين لا يؤمنون برسالته يرتكبون تجديفاً جسيماً بحق الله. وفي مجموعة مطبوعات، أرسلها رشاد إلى صديق لنا بناءً على طلبه، يُطيل الحديث عن رسالته المزعومة، ويحاول أن يُقيم الدليل على ذلك بتلفيق الأرقام.
كيف يُلحدُ هذا الرجل بعد أن منّ الله عليه بالهداية؟! إنها أسرار النفس البشريّة التي لا نعلم منها إلا القليل. فلا يَغُرنّك عِلم عالمٍ، ولا تقوى تقيًّ، حتى ترى انسجاماً مع روح الشريعة وأحكامها. واعلم أنه قد يُصبح الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً. ألم نقرأ عن ضلال إبليس من بعد علم ومن بعد هدى؟! أليس الجاحد من يؤمن بقلبه ويكفر بلسانه؟! قال سبحانه وتعالى
:"وجَحدُوا بها واستيقنتها أنفسُهم ظلماً وعلوا"
[2]
.
طلب الحواريّون من عيسى، عليه السلام، مائدة تنزل من السماء، ليأكلوا منها، ولتطمئنّ قلوبهم بالإيمان، وليعلموا صدق عيسى، عليه السلام، علم اليقين. وكان أن نزلت المائدة، وعاينوا المعجزة، ولكن ذلك كله لا يعصمهم من احتمال تحوّلهم إلى الكفر، بدليل قوله سبحانه وتعالى
:"قال الله إنّي مُنزّلها عليكم، فمن يكفر بعدُ منكم فإنّي أعذبه عذاباً لا أعذّبه أحداً من العالمين"
[3]
. وكيف لا يُعذّبوا مثل هذا العذاب وقد شاهدوا المعجزة وعاينوها، فتحَصّل لديهم اليقين؟! فاحتمال الكفر والانحراف إذن قائم حتى لدى من تجلّت أمام ناظِرَيْه الأدلة والبراهين القاطعة.
من عقيدة أهل السُنّة والجماعة أنّ الإيمان يزيد وينقص؛ يزيدُ بالطاعات وينقص بالمعاصي؛ فالهوى والشهوات وحظوظ النفوس ... كلّ ذلك من الصوارف التي تصرِف الإنسان عن الإيمان، انظر قوله تعالى:
"إنّ الله لا يهدي من هو مُسرفُ كذّاب"
[4]
وانظر:
"إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين"
. وانظر:
"سأصرف عن آياتيَ الذين يتكبرون في الأرض"
[5]
.
فهذه الآيات، وغيرها كثير، تدل على أنّ الانحراف السلوكي هو من أهم أسباب الانحراف العقائدي، بل ربما يكون أعظم صارفٍ عن الإيمان. وخلاصة الأمر أنّ القناعات العقليّة لا تؤدّي بالضرورة إلى الإيمان، لأنّ هناك صوارف من الهوى والشهوات والمصالح ... الخ. من هنا كان الالتزام بشريعة الله في السلوك هو الضمان لبقاء الإيمان في القلوب، بإذن الله تعالى، ألا ترى اهتمام الإسلام بتربية النفوس، وتقويم السلوك؟!