تعتبر مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان، فهي مليئة بالتحولات النفسية والجسدية والاضطرابات التي تطرأ على حياة المراهق. كثير من الآباء والأمهات يعانون من مشكلات أبنائهم المراهقين، ومنهم من ليست لديه معرفة تامة عن هذه المرحلة الحرجة من حياة الولد أو البنت.
حول مفهوم مرحلة المراهقة وأهم المشكلات والتحديات السلوكية التي تواجه المراهق في حياته، زودتنا الدكتورة بنة بوزبون مديرة (مركز بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري) بهذه المعلومات القيمة حول المراهقة وكيفية التعامل مع المراهق.. وسوف ننشر في أعداد عدة ما قدمته لنا الدكتورة بنة بوزبون حول فترة المراهقة.. في هذا الأسبوع، أفادتنا الدكتورة بنة بوزبون بمعلومات عن مرحلة المراهقة، تعريفها والمشكلات التي يواجهها المراهق.. تقول:
يمر المراهق بمشكلات عدة في حياته منها: الصراع الداخلي، الاغتراب والتمرد، الخجل والانطواء، السلوك المزعج، والعصبية وحدة الطباع. لقد أثبتت دراسة قامت بها الـ (Gssw) وهي مدرسة متخصصة في الدراسات الاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية المتحدة، أن حوالي 400 طفل، بداية من سن رياض الأطفال وحتى سن 24 في لقاءات مختلفة في سن ,21 ,18 ,15 ,9 ,5 أن المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض، هم الأقل ضغوطاً والأكثر إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشكلاتها، في حين كان الآخرون أكثر عرضة للاكتئاب والضغوط النفسية.
على الأهل معرفة المرحلة التي يمر بها ابنهم أو ابنتهم، تغيراتها ومشكلاتها، وحول المشكلات السالف ذكرها نوضح فيما يلي كل مشكلة وتعريفها:
الصراع الداخلي:
يعاني المراهق من وجود صراعات داخلية منها: صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.
الاغتراب والتمرد:
فالمراهق يشكو من أن والديه لا يفهمانه ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل، لأنه يعد أية سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات الراشد واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقاً لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
الخجل والانطواء:
فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.
السلوك المزعج:
والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة من دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشكلات، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.
العصبية وحدة الطباع:
فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كثيراً من الدراسات العلمية تشير إلى وجود علاقة قوية بين وظيفة الهرمونات الجنسية والتفاعل العاطفي بين المراهقين، بمعنى أن المستويات الهرمونية المرتفعة خلال هذه المرحلة تؤدي إلى تفاعلات مزاجية كبيرة على شكل غضب وإثارة وحدة طبع عند الذكور، وغضب واكتئاب عند الإناث.
وتواصل الدكتورة بنة:
- يوضح الدكتور أحمد المجدوب الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مظاهر وخصائص المراهقة، وهي: الغرق في الخيالات، قراءة القصص الجنسية والروايات البوليسية وقصص العنف والإجرام، كما يميل إلى أحلام اليقظة والحب من أول نظرة، كما يمتاز المراهق بحب المغامرات وارتكاب الأخطار والميل إلى التقليد، كما يكون عرضة للإصابة بأمراض النمو مثل فقر الدم وتقوس الظهر وقصر النظر''.
كما تحدثت الدكتورة بنة عن مظاهر وسلوكيات الفتاة المراهقة.. وقالت:
الاندفاع ومحاولة إثبات الذات، الخجل من التغيرات التي حدثت في شكلها وجنوحها لتقليد أمها في سلوكياتها، وتذبذب وتردد عواطفها، فهي تغضب بسرعة وتصفو بسرعة وتميل لتكوين صداقات مع الجنس الآخر، وشعورها بالقلق والرهبة عند حدوث أول دورات الطمث، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع أفراد الأسرة، كما أنها لا تفهم طبيعة هذه العملية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك بعض المشكلات التي تظهر في مرحلة المراهقة، مثل: الانحرافات الجنسية والميل الجنسي لأفراد من الجنس نفسه، الجنوح، وعدم التوافق مع البيئة وكذلك انحرافات الأحداث من اعتداء وسرقة وهروب، موضحاً أن هذه الانحرافات تحدث نتيجة حرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية الإشراف، وعدم إشباع رغباته وأيضاً لضعف التوجيه الديني. كما أن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها، وهي أخطر منعطف يمر به الشباب وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه إذا عدم التوجيه والعناية، مشيراً إلى أبرز المخاطر التي يعيشها المراهقون في تلك المرحلة، وهي فقدان الهوية والانتماء وافتقاد الهدف الذي يسعون إليه وتناقض القيم التي يعيشونها، فضلاً عن مشكلة الفراغ. كما توضح الدراسات التي أجريت في أمريكا على الشواذ جنسياً أن دور الأب كان معدوماً في الأسرة، وأن الأم كانت تقوم بالدورين معاً، وأنهم عند بلوغهم كانوا يميلون إلى مخالطة النساء مثل أمهاتهم وأخواتهم أكثر من الرجال، وهو ما كان له أبلغ الأثر في شذوذه.