الطريق إلى القدس إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة فكشف الله به الغمة وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته ، وصلى اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين . أما بعد : فحياكم الله جميعا أيها الآباء الفضلاء وأيها الأخوة الكرام الأعزاء وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوءتم من الجنة منزلا . وأسأل الله العظيم الكريم جلا وعلا الذى جمعنا وإياكم فى هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا وإياكم مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار كرامته إنه ولى ذلك والقادر عليه . أحبتى فى الله : إننا نكرر دائما أنه لا ينبغى أن يكون العلماء والدعاة فى واد وأن تكون الأمة بجراحها فى وادٍ آخر . ومن هذا المنطلق فأننى استحى من الله جل وعلا أن أقف اليوم بين أيديكم وسط هذه الآلام والجراح . دون أن أتكلم عن القدس الجريح . لذا فإن عنوان لقاءنا مع حضراتكم فى هذا اليوم المبارك بعنوان : الطريق إلى القدس وكما تعودنا فسوف ينتظم الحديث مع حضراتكم تحت هذا العنوان فى العناصر التالية : أولا : مؤامرة حقيرة قديمة حديثة . ثانيا : كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة . ثالثا : نبذ الفرقة وتوحيد الصف وتحقيق معنى الأخوة فى الله . رابعا : التخلص من الوهن . خامسا : رفع راية الجهاد فى سبيل الله . سادسا : الدعاء وصدق الملجأ إلى الله جل وعلا . وأخيرا : المؤمنون الصادقون لا يعرفون لليأس طريقاً. فأعيرونى القلوب والأسماع أيها الأحباب فإن هذا اللقاء الآن من الأهمية والخطورة بمكان والله أسأل أن يقر أعيننا وإياكم بتحرير القدس الشريف إنه ولى ذلك والقادر عليه. مؤامرة حقيرة قديمة حديثة أيها الأخيار الكرام إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر هذه الأرض .والأيام دول كما قال الله جل وعلا : وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ولا زال هذا الإسلام العظيم منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره لا زال إلى يومنا هذا مستهدفاً من قِبَلِ أعداءه الذين لا يتفقون على شئ قدر اتفاقهم على الكيد للإسلام واستئصال شأفة المسلمين ولا زال التحدي قائماً ، بل وأعلن الأعداء بسفور ووضوح عن مؤامرتهم الحقيرة الرهيبة . فقبل أربعين سنة وقف رئيس وزراء إسرائيل ( ابن غريون ) في هيئة الأمم بعد أن اعترف العالم كله بالُغِدَّة السرطانية الخبيثة التى تسمى بدولة إسرائيل التي أعلن قيامها فوق الثرى الطاهر والأرض المباركة فوق مسرى الحبيب محمد . وقف رئيس وزراء هذه الغدة السرطانية المدمرة ليعلن للعالم كله عقيدة اليهود فى فلسطين ، وأتمنى أن تتعلم الأمة هذه العقيدة لتعلم يقينا أن اليهود لا يتكلمون فى مؤتمرات ولا فى مفاوضات إلا من خلال عقيدتهم المبدلة المحرفة المغيرة التى يعتنقونها ويجلونها ، ويحترمونها وهم على الباطل فى الوقت الذى تنكر فيه أهل الحق للحق الذى من أجله خلق الله السموات والأرض !!! قال رئيس وزراء إسرائيل فى اللحظات الأولى لميلاد دولة إسرائيل قبل أربعين سنة تقريباً : قد لا يكون لنا فى فلسطين حق من منطلق سياسي أو قانوني ولكن لنا في فلسطين الحق من منطلق وأساس ديني . فهي أرض الميعاد الذي وعدنا الله وأعطانا الله إياها من النيل إلى الفرات وإنه يجب علي كل يهودي أن يهاجر إلى أرض فلسطين . وأنه على كل يهودي لا يهاجر اليوم إلى إسرائيل بعد إقامتها أن يعلم أنه مخالف للتوراة وأنه يكفر كل يوم بالدين اليهودي . ثم قال : لا معنى لفلسطين بدون القدس ، ولا معنى للقدس بدون الهيكل، ولا معنى لقيام دولة إسرائيل بدون فلسطين !! وحتى تعلموا يقينا أن هذه عقيدة لا تتبدل ولا تتغير بتغير رؤساء الوزراء فهذا ما أصله رئيس وزراء إسرائيل الحالي ( نيتنياهو ) يوم أن نجح في الانتخابات الأخيرة قال : لقد صَوَّت اليهود أخيراً للتوراة !! ثم قال - فُضَّ فُوه - بمنتهى الوضوح : لا مجال للحديث فى أى مفاوضات عن تقسيم القدس ، فإن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل !! فالصراع بيننا وبين اليهود ليس صراع أرض وحدود ولكنه صراع عقيدة ووجود . إن اليهود لم يتنازلوا عن ( اريحا ) إلا لأنهم يقرأون في التوراة المحرفة المبدلة جملة تقول (ملعون من سكنها) فما تنازلوا عنها إلا من أجل عقيدة يعتنقونها ويعتقدونها .. أما القدس فلا .. مهما طالت المفاوضات ومهما جلسوا على موائد المفاوضات فلن يتخلى اليهود عن القدس أبداً ولا مانع عند اليهود أن يبذلوا من أجلها الدماء والأموال . قال تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[البقرة: 120]