أزمة مـنتصف العمر يجب التعامل معها بحذر

الناقل : mahmoud | المصدر : www.womengateway.com

سيدة تبلغ‮ ‬من العمر اربعين عاماً‮ ‬او تزيد قليلاً،‮ ‬جاءت الى العيادة النفسية على استحياء تشكو قهر زوجها لها وقسوة معاملته لها،‮ ‬ولذلك فهي‮ ‬تطلب الطلاق،‮ ‬وعندما اطمأنت قليلاً‮ ‬بدأت تسرد قصتها‮:‬
‮»‬عمري‮ ‬قارب الاربعين عاماً،‮ ‬وانا اعمل في‮ ‬وظيفة محترمة،‮ ‬وانتمي‮ ‬الى اسرة عريقة،‮ ‬تزوجته بطريقة تقليدية بحتة،‮ ‬فهو لم‮ ‬يكن فارس أحلامي‮ ‬على الاطلاق ولكن وجدت نفسي‮ ‬منساقة اليه،‮ ‬فهو زوج أناني‮ ‬متبلد‮ ‬غير اجتماعي‮ ‬وغير طموح‮. ‬كل ما‮ ‬يمارسه داخل المنزل هو مشاهدة التلفاز،‮ ‬وتفريغ‮ ‬الثلاجة من محتوياتها‮. ‬بالاضافة الى ذلك،‮ ‬انه لا‮ ‬يرى ما لدي‮ ‬من مميزات،‮ ‬ولم‮ ‬يسمعني‮ ‬كلمة اطراء واحدة بل على العكس‮ ‬يحاول دائماً‮ ‬التقليل من شأني‮ ‬أمام الناس‮. ‬وكل هذا‮ ‬يهون أمام الشائعات التي‮ ‬بدت تترامى الى مسمعي‮ ‬بأن عينيه امتدت الى خارج المنزل وربما مشاعره ايضاً‮«.‬

اذن هل ذهبت التضحيات من أجل الزوج والأولاد هدراً‮ ‬واين أحلامها عن الاسرة الناجحة المترابطة؟
لذلك فهي‮ ‬تقول انها عندما تتذكر سنوات عمرها الماضية تراها كأنها كابوس ثقيل،‮ ‬فهي‮ ‬غير راضية عما تحقق فيها وتشعر انها فشلت فشلاً‮ ‬ذريعاً‮ ‬في‮ ‬تحقيق أحلامها على كل المستويات‮. ‬وانها كانت تجري‮ ‬وراء سراب،‮ ‬لذلك فقد فكرت ان تبدأ صفحة جديدة من حياتها‮.

‬وبالفعل بدأت الاشتراك في‮ ‬عدد من الانشطة الاجتماعية الفعالة،‮ ‬وكانت تشعر انها حين تترك البيت تشعر كما لو كانت قد ولدت من جديد‮. ‬وبدأ‮ ‬يكون لها مجتمع خاص بها من الاصحاب تحس معه بشبابها‮. ‬ولكن ما أخافها انها بدأت الاهتمام الزائد بنفسها كما لو كانت مراهقة،‮ ‬ولكنها تفزع حين تشعر ان الامر قد خرج عن سيطرتها،‮ ‬فلقد اصبحت ضعيفة امام اي‮ ‬كلمة اطراء من رجل ولو على سبيل المجاملة‮. ‬ولولا بقية من دين وحياء لسقطت في‮ ‬كثير من الامتحانات التي‮ ‬تمر بها‮ ‬يومياً‮. ‬وها هي‮ ‬دورة الحياة تعود من جديد وتفكر باللحاق بالفرصة الاخيرة،‮ ‬وتبدأ حياة جديدة مع شخص‮ ‬يستحقها ويقدر مميزاتها،‮ ‬ولكنها تعود الى نفسها مرة اخرى وتتذكر أطفالها وما‮ ‬ينتظرهم من معاناة حين تتهدم الاسرة بسببها‮.‬

هذه هي‮ ‬بعض معالم أزمة منتصف العمر التي‮ ‬تمر بها معظم النساء،‮ ‬فبعض النساء‮ ‬يتقبلن الامر بسهولة،‮ ‬وتمر هذه المرحلة بلا مشاكل،‮ ‬حيث تدرك المرأة انها ربما خسرت بعض الاشياء كأنثى،‮ ‬ولكنها كسبت مساحات كبيرة كأم حنونة وموظفة ناجحة‮. ‬والبعض الآخر من النساء‮ ‬يشعرن بالآم الازمة،‮ ‬ولكنهن‮ ‬يتحملن ويقاومن في‮ ‬صمت ويحاولن اخفاء الازمة عمن حولهن،‮ ‬ولذلك تظهر عليهن بعض الامراض النفس جسدية كتقلصات البطن وآلام المفاصل وصعوبات التنفس،‮ ‬وفريق رابع‮ ‬يفضل الانطواء والعزلة بعيداً‮ ‬عن تيار الحياة‮. ‬وفريق آخر‮ ‬يزهد في‮ ‬الحياة وينصرف الى العبادة ويتسامى عن رغبات البشر ويشعر بالصفاء والطمأنينة والأنس مع الله‮.‬

أما الفريق الأهم من هؤلاء فهم الذين‮ ‬يعانين أزمة منتصف العمر،‮ ‬فإنهن‮ ‬يتحولن الى المرض النفسي‮ ‬كالقلق والاكتئاب وتوهم المرض او الرهاب او اي‮ ‬مرض نفسي‮ ‬آخر‮.‬
إذن ما الحل؟ وما العلاج؟

هو ان نستعد لمواجهة هذه الأزمة قبل حدوثها،‮ ‬وذلك بتحقيق انجازات حقيقية راسخة ومتراكمة في‮ ‬مراحل الشباب،‮ ‬وألا نضيع سنوات الانتاج هباء،‮ ‬وان‮ ‬يكون في‮ ‬حياتنا توازن بين عطائنا لأنفسنا وعطائنا للآخرين،‮ ‬حتى لا نكتشف في‮ ‬لحظة انا اضعنا عمرنا من اجل انسان لم‮ ‬يقدر هذا العطاء بل تنكر له وجحده،‮ ‬وان تكون لدينا اهداف نحاول تحقيقها،‮ ‬واهداف بديلة نتوجه اليها‮.

‬فالبدائل تقي‮ ‬الانسان من الوقوف في‮ ‬الطرق المسدودة،‮ ‬فالواقع‮ ‬يقول ان الحياة مليئة بالخيارات،‮ ‬فإذا فقدت المرأة بعض شبابها فقد اكتسبت الكثير من النضج والخبرة والوعي‮ ‬ما‮ ‬يمكنها من قيادة اسرتها والحفاظ عليها،‮ ‬واذا فقدت هويتها كفتاة جذابة وجميلة فقد اكتسبت هوية الأمومة ومكانتها وكرامتها،‮ ‬كما نحرص ان تكون علاقتنا قوية بالله تحمينا من تقلبات الايام وجحود البشر