بعض الناس يعتقدون أن الزواج " قسمة و نصيب "، و بالتالي لا يفيد تفكير أو تدبير أو سؤال، لأنه أمر مقدر سلفا، و لا يملك الإنسان فيه شيئا، هذه النظرة تكرس السلبية و التواكل، ولا تتماشى مع صحيح العقل الذي يحث على الأخذ بالأسباب، خصوصا في موضوع الزواج نظرا لأهميته!
يعتبر الزواج من أهم القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، لأنه لا يستطيع التفرد فيه كباقي القرارات، بل هو قرار " بالمشاركة" في كل شيء مع شخص آخر عليه أن يحرص في كيفية إنتقائه، وهدفنا مساعدة المقبلين على الزواج وذويهم لإختيار الشريك الأنسب.
قبل الحديث في إختيار الشريك المناسب، ماهي طبيعة العلاقة الزوجية وأبعادها؟
العلاقة الزوجية تعني تفاهما وحبا وتوافقا في الآراء، وليس تكاملا في السلوك والتصرفات على الإطلاق، ومن الخطأ القول أنها علاقة "أخذ وعطاء" أو أنها "حاجة إلى الحضن" أو أي شيء آخر، فهذا كلام اجتماعي بحت وهو غير مقبول علميا، لأنه يوصل بالنتيجة إلى وضع كامل المسؤولية على أحد الطرفين على حساب الآخر، ويؤدي على المدى الطويل إلى ان تصبح العلاقة علاقة سيطرة أو تبعية، كما أن العلاقة الزوجية لا يجب أن تبنى على أساس صفة معينة (كالتكامل، والحاجة...) وفي حال غياب صفة ما من هذه الصفات ماذا يحصل؟ طبعا تنتفي العلاقة بإنتفائها؟
لذا من الضروري أن يكون هناك "صداقة" بين الزوجين، وتوافق وتقارب في وجهات النظر، وبهذا لا تنطفئ شعلة الحب بينهما، ويجب أن تعتمد العلاقة الناجحة أيضا على الصدق والتجدد في الحياة اليومية لتجنب الروتين والملل.
هل يعي المقدمون على الزواج حقيقة هذا الأمر؟
يتوقف الأمر على مدى النضج بحسب االعمر والخبرة في الحياة والثقافة الاجتماعية والمعرفة بالأمور الجنسية ..الخ، فالزواج مسئولية ومشاركة وعشرة إضافة إلى أنه يتضمن تقديم بعض التضحيات، أما سبب وجود جوانب سلبية في الزواج فيرجع إلى بدايته أو ما قبله، بمعنى أن الزواج أساساً كان مبنيا على قاعدة هشة ، أي أن هناك خللاً أو خطأ ما في هندسته، وعندما تكون القاعدة سليمة فحتما سيكون الزواج ناجحاً.
ما هي آليات اختيار الشريك المناسب؟
يمكن اختصار آليات الإختيار بالأمور التالية؛ أن يكون العمر مناسباً إضافة إلى التقارب في المستوى الفكري والثقافي، ولا نعني هنا القدرة على الاستيعاب، وإختيار البيئة الملائمة بين الشريكين إضافة إلى التربية وأهمية أسرة المنشأ.
ما هي أنماط الإختيار الزوجي؟
هناك أنماط اختيار متعددة بحسب الأشخاص منها: العاطفي، العقلاني، والجسدي، والمصلحي ، والهروبي، والاجتماعي، والعائلي، والديني، والعشوائي..الخ، ولكن النمط التوافقي والصحيح هو الذي يجمع بين العاطفي ، أي الحب ،والعقلاني أي الفكر، والجسماني أي صورة الجسد التي يرغب فيها الشريكان.
ماهو فارق السن المثالي بين الشريكين؟
ليس هناك فارق سن "مثاليا" لأن القاعدة العمرية وعلى الرغم من أهميتها لها استثناءات في ظروف معينة، ولكن الفارق "الأفضل"هو الذي يتراوح بين 3 و 5سنوات، وهذا لا يعني أن تتزوج الفتاة في عمر ال16والشاب في عمر 19 سنة على الإطلاق، لأنهما يفتقران إلى النضج ولأن هناك عوامل صحية وفسيولوجية (كالحمل والأمومة...) ، تتطلب من المرأة ألا تتأخر كثيراً في الزواج، لذا برأيي لا يجب أن تتزوج الفتاة قبل سن ال23، وأعتبر أن الفترة من 23 إلى 30 عاما هي الفترة الأنسب لزواجها.
قد يتفاجئ أحد الشريكين بإختلاف شخصية الآخر بعد الزواج فكيف يتصرف؟
لكي لا يتفاجئ أحد الشريكين عليهما التعرف إلى بعضهما جيدا قبل الزواج وإتمام هذا الاكتشاف بعده، وما دام الانسان في تطور دائم فعليهما الحوار المستمر، وفي حال وقوع الأزمات فأنصحهما بالتوجه إلى العيادات الزوجية للاستشارة أو العلاج أو حل المشاكل.. وفي ما يخص قرار الطلاق و بالرغم من كونه حلاً شرعياً، عليهما عدم اللجوء إليه إلا بعد محاولات عدة لتصحيح الوضع وإعادة الأمور إلى نصابها، وعندما يرى المعالج أن الحياة أصبحت مستحيلة بينهما يترك لهما حرية قرار الاستمرار او الانفصال.
باختصار، ماذا يريد الزوج من الزوجة، و ماذا تريد الزوجة من الزوج؟
كل طرف منهما ينتظر رغبة ما من الاخر، ولكنها غير محددة وتختلف باختلاف الأشخاص، فعلى سبيل المثال لا الحصر..قد تتغاضى بعض النساء عن خيانة زوجها لها؛ لأنه يؤمن لها رغبة أخرى تنتظرها كالمال وهناك نماذج عديدة مختلفة.
*هناك رغبة لا شعورية في الزواج تكمن في التماهي مع أحد الوالدين، فعلى سبيل المثال يرغب الزوج في إمرأة تشبه والدته،وترغب الفتاة في زوج يتحلى بشخصية والدها،و تكمن الخطورة في أن الأبناء لا يشعرون بأخطاء والديهم و يتقبلونها بيسر منذ الصغر، ولكن عندما تتمثل هذه الأخطاء في الشريك فإنهم يرفضونها بشكل قاطع، ولا يستطيعون التعايش معها.
*أهمية أسرة المنشأ
تلعب أسرة المنشأ دورا مهما في تشكيل شخصية شريك الحياة، فالشخص الذي عاش في جو أسري هادئ ودافئ في حضن أبوين متحابين ومتآلفين ومع إخوة وأخوات يتعلم معهم وبهم معنى العيش مع الآخرين، يتوقع نجاحه أكثر في الحياة الزوجية، لأن أنموذج الأسرة بجميع أركانها يكون مطبوعاً في عقله ووجدانه، فهو أكثر قدرة على أن يحب ويحّب،وعلى العيش المستقر الدائم مع شريك الحياة، وعلى العكس من ذلك نجد الشخص الذي عاش تجربة انفصال والديه وتفكك أسرته أكثر قدرة على الهجر والانفصال عن شريكه، لأنه تعود على الهجر واستسهل الاستغناء عن الآخر ، فضلا عن أن أنموذج الأسرة ليس واضحا في عقله ووجدانه.
*أكثر الأنماط الشائعة في الزواج وتحديدا في المجتمعات العربية الشرقية، هي التي ترتكز على الأدوار الاجتماعية المقلوبة، كأن يلعب الثنائي دور (الأم والإبن)، أو ( الأب والإبنة)، أو (العامل وربة العمل)، أو (الخادمة ورب العمل)..