التـوحد وصعوبات النطق والتواصـل

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : جليلة كمال | المصدر : www.womengateway.com

يعتبر العجز اللغوي‮ ‬احد المظاهر المرظية الرئيسية عند طفل التوحدي،‮ ‬هناك درجات متفاوتة لدى الطفل المصاب بالتوحد في‮ ‬المقدرة على النطق والتواصل وذلك تبعا للتطور الاجتماعي‮ ‬والفردي‮ ‬السلوكي‮ ‬لديه‮. ‬وفي‮ ‬هذا الصدد‮ ‬يقول الدكتور عبدالرحمن‮ ‬غريب استشاري‮ ‬انف واذن وحنجرة بمستشفى نور التخصصي‮ ‬أن البعض قد‮ ‬يكون فاقدا للمقدرة على الكلام والتخاطب بدرجة كبيرة او كليا،‮ ‬ويصدر أصواتاً‮ ‬وصراخاً‮ ‬وتشنجات مختلفة،‮ ‬في‮ ‬حين قد‮ ‬يكون لدى البعض الآخر ذخيرة جيدة من الكلمات ولديهم مقدرة على الحديث في‮ ‬بعض المواضيع،‮ ‬ولكن الصعوبة تكمن في‮ ‬المقدرة على استخدام وتوظيف هذة اللغة‮. ‬حيث‮ ‬غالبا لا تجد لهذا الكلام اي‮ ‬رابط او معنى محدد ومتصل،‮ ‬او ان‮ ‬يقوم بترديد آلـي‮ ‬وميكانيكي‮ ‬لآخر جملة او كلمة قام بسماعها‮. ‬

ويظيف الدكتور أن معظم اطفال التوحد‮ ‬يفتقدون الى المقدرة على التواصل البصري‮ ‬والتفاعل او استخدام الحركة والايماء عند الكلام،‮ ‬هناك من‮ ‬يتكلم بنبرة عالية وحادة وهناك من‮ ‬يتكلم كالانسان الآلي،‮ ‬ولا تجد لديهم استجابة وتفاعلاً‮ ‬مع حديث الآخرين،‮ ‬وقد‮ ‬يصار الى تشخيص هذه المشكلة خطأ بأنها صعوبة في‮ ‬السمع‮. ‬

قد تتطور المقدرة على النطق واللغة لدرجة معينة لدى الطفل التوحدي،‮ ‬ولكن‮ ‬غالبا ما تكون بشكل‮ ‬غير منتظم،‮ ‬فمثلا قد‮ ‬يستطيع قراءة بعض الكلمات او الجمل ولكن لا‮ ‬يتمكن من فهم محتواها،‮ ‬وقد‮ ‬يكون للبعض الآخر قدرة ملحوظة في‮ ‬الحساب والرياضيات والاعداد وقد‮ ‬يطور البعض موهبة موسيقية ملحوظة‮. ‬ويمكن التأكيد في‮ ‬هذا المجال ان هناك تفاوتاً‮ ‬كبيراً‮ ‬في‮ ‬المقدرة والمواهب لدى الاطفال المتوحدين،‮ ‬ولكن القاسم المشترك هو ان هذه مقدرات معزولة ولا‮ ‬يستطيع الطفل من خلالها ان‮ ‬يكوّن علاقات اجتماعية طبيعية مع محيطه‮. ‬
كـيف‮ ‬يتم علاج مشاكل النطق والتواصل لدى الطفل المتوحد؟‮ ‬

يقول الدكتور‮ ‬غريب أنه لم‮ ‬يتم التوصل الى الآن الى طريقة واسلوب علاجي‮ ‬فعال لمقاربة مشكلة النطق والتخاطب والتواصل مع الطفل المتوحد،‮ ‬ولكن هناك اتفاقاً‮ ‬شبه مؤكد بأن وضع برنامج تأهيلي‮ ‬خاص بكل طفل على حدة،‮ ‬بحيث‮ ‬يتناسب مع المهارات والامكانيات التي‮ ‬لديه،‮ ‬وبشرط ان‮ ‬يبدأ ذلك في‮ ‬مرحلة مبكرة من العمر وحال اكتشاف المشكلة،‮ ‬يمكن ان‮ ‬يشكل ذلك افضل مقاربة لتحسين اللغة والتخاطب،‮ ‬وعلى اساس الدمج بين برنامج تحسين اللغة والتخاطب مع برنامج تعديل السلوك والتواصل‮. ‬ومن الضروري‮ ‬اشراك الأبوين وافراد الاسرة والمحيطين في‮ ‬بيئة الطفل في‮ ‬تلك العملية الطويلة والمستمرة والتي‮ ‬تهدف الى تأهيل الطفل في‮ ‬مختلف المراحل العمرية‮. ‬

وغالبا ما‮ ‬يقوم المعالجون الاخصائيون في‮ ‬هذا المجال باستخدام طرق كثيرة لتحسين التواصل والتركيز،‮ ‬وذلك من خلال استخدام الصور والالعاب والموسيقى وبرامج الحاسوب وغيرها من الطرق التربوية التي‮ ‬تمت تجربتها في‮ ‬برامج تأهيل اطفال التوحد‮.‬
وإلى جانب اخصائي‮ ‬النطق،‮ ‬يقوم اخصائي‮ ‬المعالجة الوظيفية والمعالجون الطبيعيون بالعلاج بطريقة اللعب او التدريب واللعب مع الحيوانات،‮ ‬وركوب الخيل،‮ ‬الخ‮.. ‬وذلك بهدف تعديل السلوك لدى الطفل التوحدي‮ ‬وتنمية مهارات التواصل والكلام لديه‮.‬
ويبين الدكتور ان هناك اطفال‮ ‬يستجيبون لبرنامج تعديل السلوك بشكل متفاوت،‮ ‬وآخرون‮ ‬يستجيبون للعلاج بالموسيقى او العلاج الحسي،‮ ‬وقد‮ ‬يستجيب البعض للعلاج الدوائي‮ ‬من اجل زيادة درجة التركيز لديهم،‮ ‬ولكن ليس هناك اجماع بين المتخصصين في‮ ‬هذا المجال على الاستخدام المستمر للادوية بسبب احتمال حدوث بعض الاعراض الجانبية،‮ ‬ولكن من المؤكد انه لم‮ ‬يتم الى اليوم اعتماد دواء محدد وفاعل بشكل موثوق لتحسين اداء الطفل التوحدي‮. ‬

هناك بعض الاساليب العلاجية التي‮ ‬تعتمد على تطبيق حمية‮ ‬غذائية خاصة مع اضافة مجموعة من الفيتامينات والمعادن،‮ ‬ولكن‮ ‬يظل طفل التوحد موضوعاً‮ ‬جديداً‮ ‬ومحيراً‮ ‬لعلماء الطب النفسي‮ ‬والصحة العقـلية واخصائيي‮ ‬التخاطب والنمو والتطور الذهني‮ ‬والنـفسي،‮ ‬وسوف‮ ‬يستمر كموضوع حيوي‮ ‬للبحث والتجربة خصوصا بعد ظهور الارقام الأخيرة لنسبة حدوث الاصابة بين الاطفال وزيادتها بشكل مقـلق بحيث اصبحت ظاهرة اجتماعية مقـلقـة تستدعي‮ ‬تكاتف جهود الاسرة والمجتمع والدولة وكافة الاختصاصيين في‮ ‬الحقل الطبي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والأسري‮ ‬من اجل صياغة استراتيجيات حديثة لبرامج الاستيعاب والتأهيل لمرضى التوحد‮.‬