هناك العديد من التساؤلات حول اضطراب التوحد، والعوامل المسببة له، حيث أنها تمثل الهاجس الذي لا يفارق تفكير أهالي الأطفال المصابين بالتوحد، ومن يعمل في مجال خدمتهم ورعايتهم. ورغم وجود بعض الإجابات إلا أنها غير شافية، والكثير منها لا يزال ضمن البحث والدراسة. والتوحد أو الأوتيزم كما تقول الدكتورة النفسانية رنا المحمودي هو حالة عجز تطوري للمهارات لدى الطفل، فيتولد لديه خلل في الاتصال بالآخرين وخلل في العلاقات الاجتماعية والعاطفية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والابداعي وسلوكيات محدودة تكرارية، وهذه الحالة النادرة تصيب في كثير من مناطق العالم واحدا من كل ألف طفل تقريبا أغلبهم من الذكور، وإن كانت مناطق ترتفع فيها الاصابة إما بشكل حقيقي أو نتيجة الاهتمام بالكشف عنه لدى الطفل أي تطور وسائل التشخيص.
وتشير بعض الدلائل السائدة الى أن التوحد هو نتاج خلل وظيفي في المخ وليس نتاجا لأية تأثيرات بيئية أو عاطفية، بمعنى أنه ينتج عن اضطراب عصبي يؤثر على الطرق التي يتم خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الدماغ مسببة مشكلة في المهارات الاجتماعية التي تتمثل في عدم القدرة على الارتباط وخلق علاقات مع الافراد، وعدم القدرة على اللعب . تشخيص التوحد وتضيف الدكتورة رنا أن الطفل التوحدي يولد طبيعيا، ويظهر التوحد بوضوح خلال الثلاثين شهرا الأولى من عمر الطفل، فيبدأ الخلل في مهارات التواصل بالوضوح، فقد لا يتكلم هذا الطفل، أو يظهر عدم القدرة على التعبير عن الذات تلقائيا وبطريقة وظيفية ملائمة، كما يتجلى عدم القدرة على فهم ما يقوله الآخرون، فيصبح غير مستجيب للبيئة التي يعيش فيها . ما يجب التنبه إليه تقول الدكتورة المحمودي أن التوحد ليس فقط مجموعة من السلوكيات او التصرفات الغريبة و الشاذة والفوضوية ولكنها مجموعة من التناقضات التي تجعل الطفل قلقا وغاضبا، محبطا وخائفا،ومرتبكا ومفرط الحساسية، وهذا هو ما يسبب التصرفات غير المعقولة من قبل الطفل، فيستخدم هذا السلوك غير العادي ليصل الى احتياجاته أو ليعبر عن احساسه أو ما يريده ممن حوله. ومن مظاهر هذه السلوكيات، الغضب الشديد، القهقهة والضحك بصوت عال، السلوك العدواني وايذاء الذات، سلوك العزلة والمقاطعة، الاستثارة الذاتية وعدم ادراك المخاطر. في ما يخص الأسباب تقول الدكتورة رنا أنه لا يوجد سبب معروف لهذا النوع من الإعاقة لكن الأبحاث تربطه بالاختلافات البيولوجية والعصبية للمخ، قد يكون سببها خلل ما في احد أجزاء المخ،أو أنه يرجع ذلك الى أسباب جينية، لكنه لم يحدد الجين الذي يرتبط بهذه الاعاقة بشكل مباشر،اضافة أن هناك بعض التقارير أشارت الى إمكانية حدوث اضطراب طيف التوحد الذي يؤثر في نمو الدماغ قبل او خلال أو بعد عملية الولادة، كما قد تؤدي العدوى الفيروسية لحديثي الولادة كالحصبة أو النكاف للإصابة بالتوحد . كيف يبدو الأشخاص المصابون بالتوحد ؟ عادة لا يمكن ملاحظة التوحد بشكل واضح حتى سن ٤٢-٠٣ شهراً، حينما يلاحظ الوالدان تأخراً في اللغة أو اللعب أو التفاعل الاجتماعي، وعادة ما تكون الأعراض واضحة في الجوانب التالية :
وتختم الدكتورة كلامها بأن ليس هناك علاجا فعالا للتوحد لكن التدخل العلاجي المبكر أعطى نتائج ايجابية فيما يتعلق بتمكين أطفال التوحد من المشاركة والتفاعل في النشاطات الاجتماعية