يبقى "ذكر الله" من أروع العبادات في حياة المسلم وأيسرها وأهمها في مقاومة كدر الحياة وهمومها، ولهذه العبادة تنوع جميل يريح النفس ويقويها، فما بين التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد بكرة وأصيلا وما بين الاستغفار والحوقلة والصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام يجب أن يداوم المسلم.
وهنا ينقسم الناس في أدائهم لهذه العبادة إلى قسمين أولهم قصر في هذه العبادة وقسم آخر جند جل جهده لرضا الله، فاستعان بالذكر على أداء العبادات الأخرى بإيمان وقوة، فإذا ضعفت النفس فيردد اللسان والقلب "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وإذا أصابها هم من هموم الدنيا وفتنها فلتسارع إلى "حسبي الله ونعمة الوكيل"، وإذا ودت شكر بارئها على نعمه فلها:الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه"، وإذا أمست أو أصحبت فلها وردها من الذكر الآني، أما إذا اضطجعت على شقها الأيمن فلها ذكر المودع الراجي عفو ربه الكريم.
" لها أون لاين " في التقرير التالي تتحدث عن أهمية الذكر في حياة المسلمة :ـ
تعمل عزة -28 عام – كموظفة في القطاع الخاص قبل عامين كانت كالغالبية من الناس تؤدي الصلاة والصيام وتجاهد في الانتظام في كل هذه العبادات، لكن لم تكن تعلم أهمية الذكر حتى أنها لا تعرف كيفية أدائه وأوقاته.
لكنها مع تلقيها الكثير من الرسائل الدعوية الإلكترونية التي كانت تصلها عبر البريد وتتحدث عن أهمية الذكر بدأت تدرك شيئا فشيئا فضل الذكر وأنواعه وكلماته، قالت:" لقد كان الأسلوب القصصي لعرض أهمية الذكر يشدني بقوة ومن بينها هذه القصص قصة الرجل الكويتي الذي عانى وزوجته من عقم وعندما أيقن أهمية الاستغفار وداوم وزوجته عليه حتى أنه كان يستغفر بنية أن يرزقه الله الكريم مولودا ذكرا ثم ذكرا ثم ذكرا وفي الرابعة غير نيته إلى فتاة فرزقه الله ما تمناه ".
وتضيف عزة:" لقد كان تأثير هذه الرسائل الدعوية قويا في حياتي، لقد شعرت بارتياح نفسي كبير وكلما شعرت بفتور في صلاتي وعبادتي أكثر من الحوقلة والاستغفار كي يعيني الله الكريم على أداء حقها، حتى إن تلاوتي للقرآن الكريم كنت أستعد لها بمداومتي على الذكر، كما أفضل في وقت عودتي من العمل أن أستفيد من نصف ساعة في مشوار عودتي بالصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام"
وتتابع:"أما ماديا فكانت فائدتي أيضا ملموسة وكبي
رة، لقد كنت أعاني في الكثير من الأحيان من ضيق مالي وبالاستغفار بنية الرزق أصبحت بوضع أفضل بكثير والحمد لله، وأنصح كل المكبلين بالديون والفقراء بكثرة الاستغفار".
حياة تتغير مع الذكر
بتغير الخطاب الدعوي خاصة المذاع على القنوات الفضائية، حيث دأب الدعاة على إدراج الحديث عن الذكر في ندوات متعددة منها راجين حث المسلمين على الاهتمام بهذه العبادة.
خديجة فلسطينية في السابعة والثلاثين من العمر تقول إنها على تقصيرها في الذكر فإنه تجذبها دائما الحلقات الدعوية التي تهدف إلى بيان فضل الذكر وذلك كي تحث نفسها على الاهتمام بهذه العبادة دون تقصير، تقول:"أحاول أن أداوم على الأذكار في الكثير من الأوقات، خاصة التسبيح والاستغفار وأنا أطبخ وأنا أجهز أمور منزلي وأنا أجلس مع أطفالي، ومع هذا أشعر أنني مقصرة وبإمكاني زيادة حصتي من الذكر وأدعو الله الكريم أن أتمكن من ذلك في القريب العاجل".
وتوضح خديجة أنه على صعوبة الحياة في كافة الأحوال فإن للذكر فائدة مهمة في تحدي هذه الصعوبة لمستها ماديا ومعنويا بل إن قدرتها على تحدي هذه الصعاب ومواجهتها تتوقف على حصتها من الذكر، وتضيف خديجة:"كلما حاولت أي من قريباتي أن تشتكي لي أمرا ما أول ما أنصحها به الذكر واللجوء إلى الله ثم أبدأ معها مناقشة المشكلة ووضع الحلول بعدما أؤكد لها أن أهم وأول خطوة في مواجهة هذه المشكلة هي الاستغفار وكثرة الذكر مع الحفاظ على العبادات الأخرى.
وتسرد لنا أهم القصص التي أثرت فيها وهي قصة الخباز الذي داوم على الاستغفار وكان مستجاب الدعوة حتى إنه تمنى رؤية الأمام أحمد بن حنبل فجاء له الإمام أحمد كما قال هو " والله إني جُررت إليك جراً" .
أهمية الذكر
إن لذكر الله سبحانه وتعالي شأنا كبيرا في الإسلام وقد ذكر الله سبحانه وتعالي أهميته في آيات كثيرة في القرآن الكريم، فقال تعالي( اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً)(الأحزاب: من الآية41) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب:42) (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ )(آل عمران: من الآية191) (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
كما أن السنة الشريفة حثت على أهمية الذكر فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد]
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي قال: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت }،وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة }.
اذكري الله كثيرا
يقول عميد أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة د. نسيم ياسين في حديث خاص أن الذكر يقرب المسلم إلى الله الكريم وإلا فما باله يؤمن بالله ولا يذكره فالذكر أولا أسمي دليل على أنك تحب الله الكريم ، ويضيف :" التقرب إليه سبحانه وتعالى يحتاج إلى ذكر كثير وقد أثني الله سبحانه وتعالي على المؤمنين الذين يتقربون إليه سبحانه وتعالي بهذا النوع من العبادة التي تتعلق بالقلب واللسان والجوارح في جميع أحوال المسلم لكي يكون دائما متصلا بربه سبحانه وتعالى".
وفيما يتعلق بأهمية الذكر بالنسبة للمرأة يؤكد د. نسيم أن الذكر يساعد المرأة على اقتحام الصعاب وتحمل المشاق والإخلاص في عملها، فهي بذكر الله سبحانه وتعالي تستطيع أن تنجز أعمالها سواء كانت في الأعمال المنزلية أو التي خارج المنزل مع اتصالها بالله سبحانه وتعالي، حتى وهي في المطبخ تستطيع أن تقوم بأعمالها وهي تقرأ القرآن وتسبح وتهلل وتكبر هذا كله سيكون لها بمثابة العداد الذي يسجل لها كل كلمة ذكر تقولها فتثقل موازينها ".
ويتابع نسيم :" ذكر الله يجعل قلب ولسان وجوارح المسلم متصلا بالله سبحانه وتعالى، ويأتي مع هذا إعانة من الله سبحانه وتعالي ويهيئ له من أمره رشدا ومن أجل أن يصل إلى العمل الصالح المطلوب ".
وكما علمنا الرسول صلي الله عليه وسلم في سنته الكريمة فمن المهم مواصلة الذكر في جميع أحوالنا، وعلى المسلم أن يستمد من سيرته عليه الصلاة والسلام هذه الأذكار عند النوم والاستيقاظ وعند الخروج من المنزل وعند العودة فحياتنا يجب أن تكون كلها ارتباط وثيق بالله سبحانه وتعالي.
ووجه د. نسيم نصيحة لكل مسلمة قائلا:" أنصح أخ
واتنا أن يبقين دائما على الذكر ولسانهن رطبا بذكر الله وأن يبتعدن عن الشتائم واللغو فالمؤمنة ليست بلعانة ولا بذيئة ولا فاحشة ليغير هذا الكلام الذي يسجل سيئات إلى حسنات بذكر الله سبحانه وتعالى ".