ما الحكم في صوم امرأة داعبها زوجها في نهار رمضان فتبلل فرجها ، وهي لا تدري نوع السائل المبلل أمني هو أم غيره ؟ ولا تدري عدد الأيام التي تمت فيها الملاعبة .
الحمد لله أولاً : يجوز للزوجين أن يداعب كل واحد منهما الآخر ، بشرط أن يأمنا على نفسيهما من إنزال المني ؛ لما روى البخاري ( 1927 ) ومسلم ( 1106 ) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرْبِهِ ) . وإذا داعب الرجل امرأته أو باشرها بما دون الجماع ، فلا يخلو الحال من حالين : الأولى : أن ينشأ عن تلك المداعبة والمباشرة نزول المني ، ففي هذه الحال يفسد الصيام ، ويجب القضاء على من نزل منه المني . قال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " إذا باشر الرجل زوجته سواء باشرها باليد ، أو بالوجه بتقبيل ، أو بالفرج ( بدون جماع ) فإنه إذا أنزل أفطر ، وإذا لم ينزل فلا فطر بذلك " انتهى . "الشرح الممتع" (6/388) . الحال الثانية : أن ينشأ عن تلك المداعبة والمباشرة نزول المذي ، ففي هذه الحال لا يفسد الصوم . قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : " تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم ، كل ذلك جائز ولا حرج فيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم ، ويباشر وهو صائم ، لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة ، كره له ذلك ، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم . أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء ، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم ، ولأنه يشق التحرز منه ، والله ولي التوفيق " انتهى . "فتاوى الشيخ ابن باز" (15/315) . وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن رجل داعب زوجته ، وهو صائم فخرج منه مذي ، فما حكم صومه ؟ فأجاب : " إذا داعب الرجل زوجته ، فخرج منه مذي ، فصومه صحيح ، ولا شيء عليه على القول الراجح عندنا من أقوال أهل العلم ؛ وذلك لعدم الدليل على أنه يفطر ، ولا يصح قياسه على المني ؛ لأنه دونه ، وهذا القول الذي رجحناه هو مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال في الفروع : هو أظهر ، وقال في الإنصاف : هو الصواب " انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/236) . وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (37715) . ثالثاً : إذا اشتبه على الإنسان في مثل هذه الحال : هل الذي خرج منه مني أم مذي ؟ فالغالب أنه مذي ، لأن المذي هو الذي يخرج عند المداعبة ، ولا يحكم بفساد الصوم بمجرد الشك. وقد سبق في الموقع بيان الفرق بين المذي والمني في جواب السؤال رقم (99507) ، ورقم (2458) . والله أعلم