الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إذا كان الأمر كما ذكرت من حصول الاتفاق بينك وبين والدك على العمل معه بأجرة لم تستوفها كاملة ، ولم تتنازل عنها له ، وكان ما أخذته من ماله دون علمه لا يخرج عن ذلك فلا شيء عليك .
وهذه المسألة لها شبه بما يذكره العلماء في مسألة "الظفر" أي : ظفر الإنسان بحقه الذي لم يستطع الوصول إليه .
قال الشنقيطي رحمه الله : " إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير الوجه الشرعي ،
ولم يمكن لك إثباتُه ، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة
والعقوبة ، فهل لك أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك أو لا ؟
أصحُّ القولين ، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس : أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ ؛ لقوله تعالى : ( فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ…) الآية ، وقوله : ( فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) ، وممن قال بِهذا القول : ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وسفيان ، ومجاهد ، وغيرهم .
وقالت طائفة من العلماء منهم مالك : لا يجوز ذلك ، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " بقوله في الوديعة : وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها ، واحتج من قال بِهذا القول بحديث : (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) ا.هـ .
وهذا الحديث على فرض صحته لا ينهض الاستدلال به ؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه ، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه " انتهى من "أضواء البيان" (3/353) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (27068) .
وكان ينبغي أن تطالب أباك بأجرتك وألا تلجأ إلى الأخذ من ماله دون علمه إلا في حال امتناعه عن بذلها لك .
ثانياً :
إذا تبين أنك أخذت من ماله فوق أجرتك ، لزم رد قدر الزائد إلى التركة ، و منها تسدد الديون ، ولا وجه للتصدق بها عن والدك .
وهكذا من أخذ مال غيره فإنه يرده إليه إن كان حيا ، وإلى ورثته إن كان ميتا ، ولا يتصدق به عنه إلا في حال عجزه عن الوصول إليه أو إلى ورثته .
والله أعلم .