في إحدى الليالي دار حديث بين الحلم وابنه الواقع عن قصة ولادته ونشأته قال الحلم : يا بني قد أتيت الدنيا من فكرة صغيرة في عقل أحد البشر ، كبرت هذه الفكرة لتكون بداية حلم، بدايتي أنا.
الواقع : وكيف ذلك يا والدي. الحلم : كنت يابني تلك النقطة التي تحولت عندها الفكرة من مجرد فكرة في عقل البشر إلى حلم يراوده ويحفزه للعمل وتحقيق هذا الحلم. الواقع : أخبرني المزيد ياأبي . الحلم : كلما فترت همة البشر وأحسوا بالتعب وقسوة الحياة وبعد ما يتمنوه ظهرت لهم كنور أو مصباح لأذكرهم بي أحملهم بالآمال والهمم ، ليعودوا للعمل من جديد ، وتمر الأيام وتمضي السنون ، وكلما مر الوقت كانوا قد هزموا اليأس والصعاب وأبدعوا أحد أجزاءك يا بني .
الواقع : هل نشأت على فترات ياأبي ؟. الحلم : نعم ، فلم تخلق يابني كما أنت عليه اليوم ، بل قد بدأ تكوينك جزءا جزءا ، ومع كل جزء كانت تثار الهمم وتأتب بسمة وتغيب ليحل محلها ابتسامة الحزن ودمعة لشقة الطريق وصعوبته ولكن بعد برهة قصيرة من الزمن تختفي تلك الدمعة لتحل محلها ابتسامة كثغر الشمس ونورها ، كانت ترافق كل خطووة صلوات دعاء ودعاء تخرج من القلب إلى السماء ، وتتساقط قطرات العرق لتروي وتثبت كل جزء ولتضع ختمها عليه ولتأخذ الأحقية في كل جزء بذل فيه الجهد . الواقع : عفوا منك ياأبي امتلاك ، حديثك هذا يوحي لي بأن مدة ولادتي كانت طويلة أليس كذلك . الحلم : بلا فولادتك استغرقت الوقت الطويل ، فلم تكن ولادتك بتلك السهولة التي قد تتخيلها ، فقد استغرقت ولادتك سنين طويلة من العمل الجاد والتعب والكثير والكثير من المتاعب والصعوبات .
ولكن بالصبر وتحمل الصعاب تحققت ولادتك ، وأتيت للنور بعد سنين التعب والمشقة ، فأنت الآن يابني أغلى من الذهب ، فأنت واقع أتى بعد التعب ، أتيت لتكلل أباك بالنجاح لتكلل الحلم ، ولتبقى الذكرى الخالدة لذلك الحلم .
الواقع : ولكن لا تنس يا أبي ، أنه لولاك ، لولا الحلم لا ما كنت قد وجدت أنا ،فالحلم هو بداية النجاح والواقع الجميل ، فلا واقع بلا حلم ، ولا مستقبل بلا حلم ، فمرحى للحلم الباني ، مرحى بك يا أبي.