دعونا أولاً نطرح سؤال هام .... ما الذى يدور فى ذهن الطفل عندما يقوم بعمل ممنوع منه ؟؟ فى العادة هناك شىء رئيسى يدور فى ذهن الطفل وهو " الإمتحان " نعم إن الطفل بإستمرار يمتحن أبويه .. تٌرى هل يعنيان ما يقولان ؟!! هل سوف ينفذان ما يهددان به ؟!! تٌرى هل أستطيع أن أتعدى حدودى بدون أن يحصل ما يهددان به ؟ إنه بذلك فى حالة لأختبار موقف الأبوين ولموقفه هو وللظرف المعين الذى هو فيه ... فهو يحاول أن يمر بالتجربة ويعرف بنفسه ما إذا كانت الحدود الموضوعه أمامه بإمكانه تخطيها أم لا ؟ فهذا ما نعنيه بالتربية الإنضباطية ... وضع الحدود للطفل والقواعد الأساسية .... حتى لا يشذ عنها والتأكيد عليها بين الحين والأخر بدون تهاون فيها ابداً .... والنتيجة لهذة التربية الإنضباطية هو : شعور الطفل بالأمان طالما له حدود أمينة يٌربى عليها من قبل الوالدين ..وطالما بقى ضمن هذة الحدود فإنه سوف لن يكون معرضاً لأى من أنواع الخطورة .. مثال لذلك : وجود السياج على جانبى طريق عال أو جسر فوق نهر ... فإن السيارة نادراً ما تحيد عن الطريق أو الجسر خصوصاً إذا كان سائقها فى وعى كامل فى طريقة ... ولكن .....لو أفترضنا عدم وجود هذا السياج فإنه بالتأكيد سوف يبعث الشعور بالأضطراب والخوف فى نفس كل من يقود السيارة عبر ذلك الطريق ..فوجود السياج على جانبى الطريق يجلب الشعور بالأمان للسائق .. وكذلك الطفل ....... عندما يعرف ما هى الحدود الصحيحة للتصرفات الطبيعية والمقبولة فى البيت وفى الطريق وفى المدرسة فهو أقدر على ممارسة حريته طالما هو يعرف حدود تلك الحرية .. والسؤال الذى يطرح نفسه الأن ... طالما هذة الضوابط والحدود الموضوعة للطفل تشعره بالأمان والطمأنينة فلماذا لا يلزم هذة الحدود إلا إذا عوقب ؟؟ والجواب هو : أنه يوجد فى أعماق الطفل غريزة .. فهو يتوق إلى النظر إلى من هو أقوى منه .. فهو يفتتن بالبطولة والقوة ومن هنا نرى إفتتان الطفل بشخصية مثل " سوبر مان " أو طرزان " أو غيرهم .. لأنهم بالنسبة له يمثلون القوة ..ومن هنا جاءت فى غريزة الطفل أنه يجب أن يرى أباه فى موقع قوة والطريقة الوحيدة لدى الطفل هو أن يتأكد من وجود هذة القوة ... فى أن يختبرها ويأتى بتصرفات عكسية وبطبيعة الطفل حب " التحدى " وقد تكون غريزة عنده أيضا .. فإذا قلت له لا تلمس هذة اللعبة فإنه مؤكد سيحاول لمسها وقد قالوا " كل ممنوع مرغوب " ولكن الطفل هنا مدفوع بغريزة أقوى من ذلك وهى محاولة التحدى وبالتالى أختبار الشخص المتحدى وهو فى الغالب أبويه ومن ثم الشعور بالأطمئنان عندما يعرف حدوده ....