قبضة يدوية مصممة للحيلولة دون فقدان طياري المقاتلات لوعيهم خلال مناوراتهم الجوية الحادة، ظهرت لها فوائد علاجية مثيرة للاهتمام، على اساس انها تخفض ضغط الدم من دون الاستعانة بأي عقاقير، فعن طريق الضغط الشديد على هذه القبضة لمدة دقائق قليلة يوميا، يمكن تخفيض ضغط الدم بالمقدار الذي يخفضه أي عقار خاص بذلك من النوع الشديد التأثير. ولكن كيف يحدث ذلك؟.. ما زال أمرا غامضا في عالم الطب! من الجو إلى الأرض
في أواسط السبعينات طلب سلاح الجو الأميركي من الدكتور رونالد ويلي الخبير في التركيب الشريحي للقلب والشرايين ان يعثر على طريقة لا تجعل طياري المقاتلات يفقدون وعيهم من جراء قيادة المقاتلة اف 16، لأن هذه المقاتلة قادرة على التسارع والانطلاق بسرعات كبيرة بحيث أن قوى الجاذبية التي تتولد لدى المناورة تجعل من الصعب على قلب قائد الطائرة ضخ الدم الى الدماغ مسببا تشويشا في الرؤية وفي التفكير، ومن ثم فقدان الوعي.
وكانت إحدى الاستراتيجيات التي اتبعها ويلي تصميم قبضة يدوية يشد عليها الطيارون لتعزيز ضغط دمهم ورفعه الى درجة لا يفقدون فيها وعيهم عن طريق المحافظة على الدورة الدموية التي تصل الى الدماغ. وبينما كان يعمل مع الطيارين فوجئ بعكس ذلك، وهو ان الذين تدربوا على استخدام هذه القبضة لمدة أسابيع انخفض ضغط دمهم بدلا من ارتفاعه! وبعد سنوات من التجارب خرج الدكتور ويلي بهذه القبضة التي تحد من فورات ارتفاع ضغط الدم التي سببها التقلصات العضلية
. وكانت النسخة الأولى من هذه القبضة آلة شبيهة بالعلبة تدعى "كارديو غريب "اليوم تباع منها نسخة نحيفة الشكل تدعى "زونا بلاس" وتشبه هذه الآلة ماكنة الحلاقة الكهربائية، فأنت تمسكها بيدك اليمنى وتشد عليها بقدر ما تستطيع لمدة خمس ثوان، فتقوم الآلة بقياس قوة الضغط مع الاشارة الى أن الهدف هو تحقيق نسبة 30 في المائة من شدة الضغط. ثم تجري اعادة العملية باليد اليسرى.
ثم تطالبك الآلة بإعادة العملية أربع مرات والضغط لمدة دقيقتين متواصلتين مع راحة وتوقف لمدة دقيقة واحدة بين كل عملية ضغط وأخرى. ولا بد من الكبس بقوة للمحافظة على الاشارة عند علامة توقف هنا على شاشة العرض التي تعلو قبضة اليد. وهناك اشارة صوتية ومرئية تبلغك ما اذا كنت تضغط أكثر أو أقل من المطلوب. وتدوم الجلسة الواحدة من هذه التمارين 12 دقيقة، وينبغي اجراؤها ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل. ويمكنك القيام بها وأنت تشاهد الأخبار على التلفزيون، او لدى مطالعتك كتابا، أو في أي وقت تكون فيه مرتاحا لدقائق قليلة.
وقد أجريت بضع دراسات حول كيفية قيام هذه الآلة بالتأثير على ضغط الدم، وكانت جميعها صغيرة (لا يتعدى عدد المشتركين بها عشرة أشخاص) ولفترات قصيرة لم تزد عن شهرين الى ثلاثة أشهر. وكانت النتائج متقاربة جدا. وفي الدراسات الثماني التي تمت مراجعتها انخفض ضغط المشتركين الإنقباضي (الحد الأعلى) بمقدار معدله 14 نقطة. لكن الجهاز لم يكن له تأثير كبير على الضغط الإنبساطي بحيث تجاوب المشتركون في الاختبار، كل واحد منهم بشكل مختلف عن الآخر، سواء عن طريق ارتفاع الضغط الإنبساطي قليلا بمقدار 55 ملم زئبقي
، أو انخفاضه بالمقدار ذاته. واذا استمرت مثل هذه النتائج في الدراسات الأكبر والأطول زمنا، فان ذلك يعني ان مثل هذا التمرين البسيط من شأنه خفض ضغط الدم بما يعادل تأثير عقار شديد المفعول لخفض ضغط الدم. وهذا يعني أيضا انه يمكن لزونا بلاس مساعدة الأشخاص الذين ينعمون بضغط دم طبيعي، تفاديا لارتفاعه التدريجي مع التقدم في السن.
لم يستطع الباحثون حتى اليوم تفسير كيف ان تمرينا رياضيا يتناول فقط اليدين يستطيع تخفيض ضغط الدم. وكان نيل ماككرتني الذي يرأس دائرة علم الحركيات في جامعة ماكماستر في أتاوا بكندا قد أجرى وزملاؤه العديد من الدراسات حول "زونا بلاس" تبين منها كما يعتقد ان التمارين الرياضية الإيزومترية (المتساوية الأجزاء والصفات) المعتدلة تساعد الجسم على تخفيض حدة النشاط العصبي السمبثاوي (الجملة العصبية الودية) الذي يسرع من ضربات القلب ويزيد الضغط الدموي وينشط النظام المبهمي الذي له تأثير مهدئ.
وليس لهذه القبضة اليدوية تأثير فوري على ضغط الدم، بل يتطلب استخدامها لفترة لمدة ستة أسابيع لتبيان ذلك. وهي ليست علاجا لضغط الدم العالي، لأنه حال التوقف عن التمارين يرتفع ضغط الدم مجددا. كما انها ليست بديلا للتمارين الرياضية الهوائية (إيروبيك)، فرغم انها تخفض ضغط الدم، الا ان ذلك لا يغني عن المشي السريع والسباحة وركوب الدراجات الهوائية والنشاطات الأخرى التي تقوي القلب والأوعية الدموية والرئتين والعظام،
وبالتالي تخفض سكر الدم. وبمقدور جميع الناس استخدام "زونا بلس" رغم أن الشركة المنتجة لها تقول انها ليست للأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل، وتلف الأعصاب، والسكري، وأم الدم (تمدد الشرايين وتضخمها) والذين يعانون من مشاكل في الصمام التاجي. يبلغ سعر الجهاز الواحد في الولايات المتحدة 300 دولار وقد وافقت عليه الوكالة الأميركية للأغذية والعقاقير "إف دي إيه".