تناول المؤتمر الرابع لمنظمة التجارة العالمية الذى انعقد فى الدوحة بقطر فى الفترة 9-14 نوفمبر 2001م وضع الدول الأقل نمواً والصعوبات الهيكلية الخاصة التى تواجهها فى الاقتصاد العالمى. وطالب البيان الختامى للمؤتمر الذى وقعه مايك مور، مدير عام منظمة التجارة العالمية، وستيورات هاربنسون، رئيس الجمعية العامة للمنظمة، بمواصلة العمل لتعزيز النظام التجارى المتعدد الأطراف، بعد أن ظهر التراجع والانهيار الاقتصادى فى الفترة الأخيرة، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م فى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بهدف تحقيق الإصلاحات الاقتصادية وتحرير التجارة العالمية بشكل أفضل، بحيث تتمكن كل دول العالم المنضمة حالياً إلي المنظمة، وعددها 143 دولة -بعد انضمام الصين إليها- من تحقيق الانتعاش ومواكبة النمو الاقتصادى العالمى، دون اللجوء إلي الإجراءات الحمائية من قبل بعض الدول الأعضاء فى المنظمة.
وهذه أهم النتائج والأهداف التى تم التوصل إليها فى نهاية اجتماع المؤتمر الرابع لمنظمة التجارة العالمية. $ لقد عزز النظام التجارى المتعدد الأطراف، الذى تتبناه منظمة التجارة العالمية، النمو الاقتصادى والتنمية العمالية علي مدي الخمسين سنة الماضية. $ أن التجارة الدولية تؤدى دوراً أساسياً فى تعزيز التنمية الاقتصادية وتخفيض حدة الفقر. $ يُسلم المؤتمر بضعف وضع الدول الأقل نمواً والصعوبات الهيكلية الخاصة التى تواجهها فى الاقتصاد العالمى، ويلتزم بمعالجة "التهميش" الذى تعيشه الدول الأقل نمواً فى التجارة الدولية. $ شدد المؤتمر علي الإلتزام بالمنظمة، باعتبارها المنتدي المناسب لوضع قواعد التجارة الدولية ولتحريرها. ويقر المؤتمر بأن الاتفاقات التجارية الإقليمية يمكن أن تلعب دوراً هاماً فى تحرير التجارة وتوسعتها ودفع التنمية. $ أن المؤتمر يدرك التحديات التى تواجهها الدول الأعضاء فى بيئة دولية سريعة التغير لا يمكن معالجتها بإجراءات تعتمد على الميدان التجارى فقط، ووعد المؤتمر بمواصلة العمل مع مؤسسة بريتون ووردز لتحقيق المزيد من التماسك فى صنع السياسة الاقتصادية. $ يؤكد المؤتمر مجدداً الإلتزام الكامل بالهدف المتمثل فى التنمية المستدامة المعلن فى ديباجة اتفاق مراكش. $ يؤكد المؤتمر مجدداً حق الدول بموجب الاتفاق العام بشأن التجارة فى الخدمات (الجات)، فى تنظيم توريد الخدمات واعتماد أنظمة جديدة بهذا الشأن. $ يؤكد المؤتمر إعلانه الصادر عن المؤتمر الوزارى فى سنغافورة فيما يتعلق بمعايير العمل الأساسية المعترف بها دولياً. $ استكمال المؤتمر إجراءات انضمام الصين وتايبيه الصينية، إلي منظمة التجارة العالمية. $ يؤكد المؤتمر المسؤولية الجماعية عن ضمان الشفافية الداخلية وتفعيل مشاركة الأعضاء جميعاً. وقد حرص المجتمعون فى المؤتمر علي عدم الفشل فى أعمال وجلسات المؤتمر والتى استمرت ليوم سادس إضافى، حتي لا تتكرر مأساة عدم نجاح المؤتمر الثالث الذى انعقد فى مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأمريكية. إن أهم ما حدث فى مؤتمر الدوحة كان ظهور دول العالم الثلاث -الدول الفقيرة- كطرف أساسى فى النقاشات وتداول الآراء فى الجلسات بحيث تكون لها كلمتها فى القرارات النهائية. إن العولمة لم تعد أمراً محتماً قبوله سواءً رضيت الدول الأقل نمواً -الفقيرة- به أم لم ترض.
$ الاتفاقات التجارية الاقتصادية التى كانت قد فرضتها الدول الغنية الصناعية الكبري فى العالم، علي الدول النامية الفقيرة، باتت اليوم تحت المراجعة والتعديل بشكل قوى من قبل الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية. \ تأكدت دول العالم الثالث -الدول النامية قليلة الموارد والإمكانيات المادية- أنها إن لم تتحرك بسرعة كافية الآن، فإن الدول الصناعية الكبري سوف تبتلعها بسبب وجود أنظمة وقوانين للتجارة الدولية أبسط ما يقال عنها أنها قوانين جائرة ومنحازة، ودون مصالح "فقراء" العالم أينما كانا ووجدوا.. ويكفى ما لحق بالدول النامية من أضرار وخراب، خلال القرن العشرين الميلادى. \ أصبح من حق الدول النامية فى قارات العالم خرق براءة الاختراع وحقوق الملكية الصناعية، بالنسبة إلي أدوية معينة فى حالة الأوبئة، أو تعرض الصحة العامة للأخطار، أو التفاوض علي إعطاء مساعدات مقابل رفع الجمارك فى بعض الدول، أو فتح أسواق الدول الغنية أمام البضائع والمنتجات الزراعية القابلة للتصدير إليها.
ويأتى هنا السؤال التقليدى المعاد تكراره؛ وهل من مصلحة الدول الفقيرة النامية غير الأعضاء فى هذه المنظمة، أن تسعي للانضمام إلي منظمة التجارة العالمية WTO. والجواب ببساطة شديدة، نعم للانضمام لهذه المنظمة ولكن بشرط عدم الرضوخ لطلبات الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الأعضاء ال142 دولة بالمنظمة. مع وضع مهمة تغيير أو تعديل بعض الأنظمة التجارية الصناعية القائمة اليوم بتلك الدول الفقيرة. لقد سعت المملكة العربية السعودية منذ عدة سنوات ولا تزال تسعي وتجد فى السعى، من أجل قبول انضمامها لمنظمة التجارة العالمية. ويبدو لى أن هذا القبول والانضمام للمنظمة سوف يستغرق بعض الوقت، الذى قد يمتد لبضعة سنين مقبلة. ومن لا يصدق هذا القول أو يوافقنى علي هذا الرأى، فليسأل وزير التجارة. وهناك رأيان مختلفان مع هذا التساؤل أطرحهما فى النهاية. $ هل من الأصوب العمل علي تعديل بعض بنود الاتفاقيات التجارية القائمة الآن، مع الضغط من أجل ربط معالم التجارة والفقر والمرض وأمور التنمية بكل ألوانها وأشكالها، وإعطائها أبعاداً اجتماعية وأخلاقية أكبر؟ $ هل بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية أن تتفق مع بقية الدول الأخري؟ أم أنها تتفق فقط إذا ما فرضت موقفها وأملت شروطها؟ إن النظام التجارى المتعدد الأطراف، هو التطلع الأكثر جاذبية اليوم فى دول العالم، وهو النظام الذى تتبناه منظمة التجارة العالمية، بسبب اهتمامه بقضايا النمو الاقتصادى والنمو التجارى الصناعى العمالى، أو بعبارة أخري اهتمامه بقضايا الإنسان أياً كان لونه أو شكله أو انتماؤه. $ ص.ب 713 الرياض 11391-ت 0039-465.