كيف تمت عملية ترميم الكعبة المشرفة؟
الناقل :
elmasry
| المصدر :
www.ecoworld-mag.com
كيف تمت عملية ترميم الكعبة المشرفة؟
- خاص:
بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، باشرت مجموعة بن لادن السعودية ترميم الكعبة المشرفة فى العاشر من شهر محرم 1417ه. وأوضح تقرير صادر عن مجموعة بن لادن السعودية الكيفية التى تمت بها عملية الترميم.
خطوات العمل
أول ما بدئ به فى العمل هو بناء ستار خشبى أبيض يحيط بالكعبة المشرفة، ولا يظهر منها إلا ما يحتاجه الطائفون من استلام الحجر الأسعد، وبارتفاع يتجاوز مسامته سطح الكعبة المشرفة بقليل، ويترك بينه وبين جدار الكعبة المشرفة مسافة تسمح بالحركة والعمل وبقدر الحاجة، ثم جعل باب للدخول إلي محيط الستار الداخلى فى الناحية الشمالية الغربية، وباب آخر فى الناحية الجنوبية الغربية للانصراف والخروج.
وقد كان من أسلوب الحكمة فى العمل أنه فى الأسابيع الثلاثة الأولي أذن لكافة الناس الدخول إلي الكعبة المشرفة من خلال الستار الحاجز، فكان الناس بعد الصلوات يتقاطرون صفوفاً طلباً لدخول الكعبة المشرفة، وكان العمل منظماً بحيث يدخل عدد فى حدود طاقة الساحة الداخلية للكعبة وبعد خروجهم يؤذن لغيرهم. وفى خلال هذه الفترة استطاع الألوف من الناس أن يدخلوا الكعبة المشرفة ليعيشوا لحظات روحية فى رحاب الله داخل بيت الله، وليكونوا أيضاً شهداء عيان يصفون للناس حال ما بداخل الكعبة المشرفة من شقوق ظاهرة فى اللياسة، وأن الأمر يتطلب ترميماً كاملاً (وهذا الأشهاد المباشر أو الضمنى سنة اتبعها عبدالله بن الزبير رضى الله عنهما فى الأشهاد علي ضرورة الهدم ثم ضرورة الوقوف عند قواعد البيت القوية المتينة عند البناء ليظهر أن العمل منبثق عن ضرورة)، وأن كل شيء من محتويات ما قبل الترميم سيعود إلي مكانه بعد الترميم. وقد أدي أسلوب الحكمة هذا غايته فاتجهت الأيدى إلي السماء داعية أن يرفع الله قدر كل من أسهم أو كان سبباً فى هذا الترميم لهذا البناء.
ولقد نحيت لواصق الجدران من لوحات تاريخية وغيرها، وحفظت مع مقتنيات الكعبة المشرفة من الهدايا والتحف وجميع المنقولات بعد تنظيفها، وأخذت جانباً منعزلاً مصاناً.
وكان من الضرورى أن يكون أول ما يبدأ به هو إزالة السقف وكذا الأعمدة الحاملة له، لأنه يمثل الجزء الأكثر تعرضاً للتلف بسبب التكوين الخشبى الذى يكون معه نشاط دودة الخشب والفطريات والرطوبة أكبر منه فى الجدار الصخرى، فأزيل السقف كاملاً.
كما تمت إزالة اللياسة الكاسية لجميع الأوجه الداخلية لحوائط الكعبة المشرفة ثم حفرت المواد الماسكة للقطع الحجرية بها وهى (الخلطة التقليدية المستخدمة فى البناء) وذلك علي أمل أن لا تكون هناك ضرورة لإزالة حجارة البطانة، إلا أنه بعد المعاينة وجد أن الخلطة قد فقدت تماسكها فى الأصل بسبب الحشرات الدقيقة جداً والرطوبة، مما تسبب معه ضعف تماسك الحجارة، فأصبح من الضرورى -بناء علي ذلك- فك الأحجار المكونة للجسم الداخلى للحوائط بعد ترقيمها ثم إعادة تركيبها بمواد ماسكة وخلطة تتناسب مع الأسلوب الجديد للبناء وغاياته.
وقد لوحظ أن الجدار الخارجى ليست به أية عيوب إنشائية، وأن البطانة الداخلية إنما كانت حشوة للفراغات التى أوجدتها طبيعة شكل الصخور فى الحوائط الخارجية والتى تأخذ فى شكلها الداخلى المدفون ما يشبه جذور الأضراس فى داخل اللثة، تطول هذه الجذور وتقصر، وتكون مدببة فى الغالب عند نهاياتها. مشكلة فراغات فيما بينها.
كما لوحظ عدم وجود أى عيوب إنشائية فى الحوائط بصفة عامة يكون مصدرها هبوط فى التربة القاعدية وخصورها أو ميلان فى الحوائط أو غير ذلك. إلا أنه وجد تلف كبير للشدات الخشبية الموجودة بالحوائط بفعل حشرات الأرض والرطوبة، وهذا وضع طبيعى يتسارع إلي المادة الخشبية فى كل بناء، لقد وضعت خطة للعمل بحيث لا يؤثر العمل فى جزء من الحوائط علي غيره، ولا يتأثر الجزء العلوى بمجريات العمل فى الجزء السفلى، ولا ينتقل من جزء إلي جزء غيره إلا بعد استكمال الجزء الأول، لذلك كان التنفيذ علي مراحل ثلاث متباينة هى كالتالى:
\ المرحلة الأولي؛ اشتملت علي المداميك الأربعة العليا (صفوف الحجارة الأربعة العليا).
\ المرحلة الثانية؛ من بعد الصفوف أو المداميك الأربعة العليا حتي منسوب الأرضية الداخلية للكعبة المشرفة.
\ المرحلة الثالثة؛ الجزء المدفون من منسوب الأرضية الداخلية للكعبة المشرفة وحتي منسوب المطاف الحالى والتغلغل أسفل منه إلي عمق يتراوح من 40سم إلي 70سم.
وقد تم فى المرحلة الثالثة الكشف علي الأساسات أسفل منسوب المطاف للتأكد من سلامتها فوجد أنها سليمة بدرجة عالية جداً. وفيما يتعلق بسطح الكعبة المشرفة فإن من المعروف أن العنصر الأساسى فى تكوينه هو الخشب، والنوع الأمثل الذى يجب استخدامه فى سطح الكعبة المشرفة يجب أن يحمل مواصفات معينة منها:
$ مقاومة الأحمال لطول عمر افتراضى ممكن.
$ انخفاض درجة الانكماش لدرجة قريبة من الانعدام.
$ مقامة التغير فى الأجواء الحارة الجافة.
$ مقاومة الأرض الفطريات والحشرات الدقيقة والرطوبة المتسربة.
$ طول الجذوع بما يزيد علي عشرة أمتار وبنفس درجة مقاومة الأحمال مع قطر لا يقل عن متر واحد بعد التهذيب والإعداد للاستخدام.
ولأن هذه المواصفات لا يمكن الحصول عليها إلا بعد الاستعانة بمراكز الأبحاث الخشبية العالمية، فقد تم الاتصال فعلاً بمراكز فى أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا وانتهي التباحث العلمى الدقيق علي اختيار خشب شجر "التيك". ولأن الغابات التى ينبت فيها هذا الشجر تقع فى الهند وبورما. وقد تمت زيارة غابات نيلمبور فى الهند، وغابات رانجون فى بورما لتفحص الأشجار الموجودة فيها، فوجود أن المتطلبات الخاصة لسقف الكعبة المشرفة يمكن الحصول عليها بسهولة من غابات بورما، وعليه فقد تم تعيين مندوبين من قبل مجموعة بن لادن للتنسيق مع شركات الأخشاب البورمية من خلال وزارة الغابات فى بورما، وذلك لاختيار الأشجار المناسبة من الغابات والإشراف علي قطعها ونقلها إلي المنجرة وانتقاء الأفضل منها وشحنها إلي المملكة العربية السعودية.
وقد اشتمل البحث عن أشجار التيك فى بورما، فى غابات بايو وكانا، ومدييك، وهى مناطق تبعد 1000 كيلومتر عن العاصمة، وبلغت المساحة التى تم دراستها نحو 13000 دنم.
وتم الاختيار النهائى للأشجار المطلوبة من غابات تبعد 250 كيلومتر عن رانجون والتى وجدت أنها الأفضل.
بلغ عدد الأشجار التى تم اختيارها 137 شجرة، حيث تم قطعها ونقلها إلي المنجرة ثم تم انتقاء 49 قطعة منها للمتطلبات الفعلية للسقف والأعمدة. وقد تم نقل هذه القطع إلي محافظة جدة حيث عولجت فنياً علي نحو يجعلها صالحة لتسقيف الكعبة المشرفة.