إن دخول البنوك العالمية إلي السعودية بعد انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية، سيفتح آفاقاً جديدة للسوق المصرفية السعودية. لذا فإن تطوير الخدمات المصرفية وتسويقها فى سبيل تلبية احتياجات العملاء يمثل العمل المصرفى فيه عصب الحياة الاقتصادية فى عالمنا المعاصر. فالبنوك من جهة هى بمثابة الممول للمشاريع التنموية والخدمية عن طريق ما تقدمه من تمويلات قصيرة الأجل، وهى من جهة ثانية مستشار مالى لكثير من تلك المشاريع. كما أنها من جهة ثالثة المكان الأمين الذى يلجأ إليه الأفراد لإيداع مدخراتهم المالية، ومن جهة رابعة هى المنتجة للعديد من الأدوات والوسائل والأوعية الاستثمارية التى تستوعب أموال شريحة كبيرة من المدخرين من خلال ما يعرف بصناديق الاستثمار وغيرها من الأوعية الاستثمارية الأخري التى تتفاوت فى درجة الضمان والعائد. ولا شك أن البنوك السعودية، كغيرها من بنوك العالم، ستواجه تحديات العولمة وتلاشى المسافات الجغرافية بين الدول بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وهذا يقتضى من المصرفيين السعوديين أن يعدوا العدة من الآن لمواجهة هذه التحديات والخروج منها بأكبر قدر من المكاسب أو علي أقل تقدير يتم ترشيد تكاليف فاتورة تحديات عصر العولمة إلي أقصي حد ممكن. وفى هذا الصدد نستعرض بعض أوجه التحديات التى ستواجهها البنوك السعودية، ثم نتطرق بعد ذلك لكيفية تجاوز تلك التحديات والتعامل معها بأمان وسلامة.
فى تقديرى أن أهم التحديات التى تفرضها مرحلة أو عصر العولمة تتمثل فيما يلى: \ المنافسة القادمة من البنوك العالمية التى يتوقع أن تنتقل خدماتها إلي المملكة العربية السعودية بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وفتح تجارة الخدمات. فتوقيع المملكة العربية السعودية علي اتفاقية تجارة الخدمات سيعطى الفرصة للشركات الأجنبية المتخصصة فى تجارة الخدمات، والبنوك فى مقدمتها، لفتح فروع لها فى المملكة العربية السعودية. ومما لا شك فيه أن هناك الكثير من البنوك العالمية الضخمة التى تتمتع بإمكانات مالية وتقنية هائلة سوف يكون نصب عينيها دخول السوق المصرفية السعودية. إن دخول هذه البنوك العريقة إلي السوق السعودية سيكون له -بلا شك- مخاطر وتبعات، كما سيكون له مزايا. ولعل المنافسة، وإن كانت ستجعل البنوك السعودية تطور من خدماتها وتُحسنها وتُنوعها، قد تكون غير متكافئة لأكثر من سبب؛ فى مقدمتها رغبة البنوك الأجنبية فى جذب واستقطاب عملاء لها فى السوق المحلية، وفى سبيل هذا الهدف ستبذل كل جهودها -بما فى ذلك تخفيض رسوم خدماتها لأدني حد ممكن فى بداية الأمر- لجذب العملاء إلي صفوفها، الأمر الذى يفرض علي المصرفيين السعوديين اليقظة من الآن والسعى لتطوير خدمات المصارف السعودية باستمرار مع ترشيد تكاليف خدماتها لأقصي حد ممكن لإقناع العملاء بعدم التخلى عنها. وهذه الخطوة ليست بالأمر السهل ولكنها تحتاج إلي عمل دؤوب ومستمر لإنجاز هذا الهدف. \ التحدى الآخر الذى ستواجهه البنوك السعودية فى عصر العولمة هو شبكة الإنترنت والتطور الهائل فى تقنيات الاتصال والمعلوماتية. فهذه الشبكة قد مكَّنت البنوك فى مختلف أنحاء العالم من نقل خدماتها المصرفية إلي بيوت ومكاتب الناس فى مختلف أرجاء المعمورة، دون أن تنقل مبانيها إلي مختلف البلدان، وهذا سيسهل من انتقال الأموال بين نقطة وأخري فى العالم فى ثوان معدودات، وهذا ما يضيف مسؤولية كبيرة علي عاتق البنوك السعودية وهى التواجد بشكل فعال علي الشبكة العنكبوتية. صحيح أن أكثر البنوك السعودية قد أوجدت لها مواقع علي الشبكة الإلكترونية لتقديم خدماتها لعملائها، لكن هذا لا يجعل الأمر اختياراً للبنوك، بل يجب أن يكون خطوة أساسية وهامة لما أصبحت تمثله هذه الشبكة من أهمية خاصة فى الحياة المعاصرة. وهذا ما يدعو البنوك السعودية لتطوير خدماتها وتحديثها علي هذه الشبكة أولاً بأول لتواكب احتياجات العملاء فى الوقت الحاضر.
إن تجاوز هذه التحديات يقتضى من البنوك السعودية تطوير خدماتها وتنويعها لتلبى احتياجات وتطلعات العملاء من مختلف الشرائح الداخلية. كذلك فإن علي هذه البنوك أن تطور باستمرار تقنياتها المصرفية لإنجاز أعمالها بسرعة ودقة. كما أن عليها أن تركز، قبل هذا وذاك، علي تدريب كوادرها البشرية والفنية حتي يكونوا قادرين علي التعامل بكفاءة واقتدار مع مستجدات التقنية أولاً بأول، لأنه هو عماد العمل المصرفى والسبب الرئيسى لنجاحه. وبقدر الاستعدادات، تستطيع البنوك أن تواجه تحديات العولمة بكل أمان ويسر وسهولة. $ نائب المدير العام - مؤسسة الراجحى التجارية للصيرفة.