سؤال هام بكل صراحـة وبساطة للتأمل والتفكير بدون أن ندخل فى أعماق النظم والتطبيقات الإدارية.. ولكن لماذا الصراحـة؟ نقول لأن بعضنا يحـاول تجميل الموضوع وتجنب الغوص فى متاهاته لسبب أو لآخر وخصوصاً من قبل بعض أصحـاب الشركات الكبيرة ومدرائها. نبدأ بمعني الفعالية وكيف يكون الإنسان فعالاً؟ ونقول إن الفعالية هى تحـقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف والجهود. وكمثال بسيط، فإذا أراد أحـدنا الذهاب من المكان الموجود فيه إلي مكانين فى نفس خط السير؛ فإن من الأجدي أن يتم التحـرك إلي المكان الأول ومن ثم المكان الثانى وبتسلسل. ولكن إذا افترضنا أن ذلك الإنسان تحـرك من مكانه إلي المكان الأول ثم رجع إلي نقطة البداية ثم تحـرك مرة ثانية إلي المكان الثانى؛ فإننا نقول إنه أساء التصرف بشكل غير فعال وأضاع جهده ووقته. وهذا السلوك المبسط يمكن أن نطبقه بعمق علي الأعمال والشركات فى كافة النواحـى والاتجاهات ابتداءً من موظف الاستقبال وانتهاءً بالمدير العام أو برئيس مجلس الإدارة. من خبراتنا العملية الطويلة لمسنا العديد من الثغرات الموجودة فى أداء بعض الشركات الكبيرة فى عالمنا العربى، وهى بالمناسبة ليست بأعداد قليلة. فقد نجد شركة قائمة ذات أنشطة متعددة ضمن مبني كبير وديكور أنيق وأول ما يلفت انتباهنا هو تدنى أداء موظف الاستقبال الذى لا يجيد التصرف، حـيث يبدو وكأنه قائم من غفوة يجيب ببطء ولامبالاة ولا يهمه استقبال العملاء أو الضيوف بالشكل اللائق ونراه يجيب علي المكالمات الهاتفية بضجر وبلا اهتمام ومرات أخري لا يجيب وكأن العملاء المتصلين قد أقحـموا أنفسهم بطرح الأسئلة عليه وما كان عليهم إزعاجه وإخراجه من عزلته الخاصة. هذه هى نقطة البداية ومرآة الشركة وهى الثغرة الأولي. أما الثانية فهى صعوبة إيصالك إلي مدير القسم المسؤول، فستري العديد من الاعتذارات مثل "فلان غير موجود"، وهو موجود، أو "لديه اجتماع"، وهو ليس لديه اجتماع، بل يجلس مرتاحـاً فى غرفته المكيفة ولا يريد زبائن ولا مراجعين ولا يهمه إن خسر عميلاً أو طلبية؛ فالطلبات تأتى علي أرجلها بدون أن يتحـرك وهو جاهز لإبداء الأعذار سلفاً. ونصل إلي الثغرة الثالثة ونجد مع الأسف أن بعض الموظفين والمدراء يفتقرون إلي الكفاءة اللازمة للعمل، فهم -وإن اهتموا بمظهرهم وأناقتهم- إلا أنهم لا يفهمون من الإدارة إلا كثرة الكلام والتبريرات للحـفاظ علي وظائفهم ومواقعهم بكل وسيلة ممكنة، فالغاية تبرر الوسيلة والنتيجة تكون فى ضياع الجهود فى ما لا يفيد. ندخل بعمق إلي الثغرة الرابعة فنجد أن مهنية العمل مصابة بالصدأ، فلا يوجد فى تلك الشركة الكبيرة أى نشاط يختص بالتخطيط خصوصاً التخطيط الاستراتيجى (متوسط وطويل الأجل) والأعمال تسير من ذاتها بعشوائية وبلا بحـث أو تحـليل أو أهداف محـددة، والمدير العام مع الأسف قانع بما هو حـاصل وكأنه أمر قياسى ولا يحـتاج إلي تطوير والمهم هو تسيير العمل اليومى فقط (أى عمل كل يوم بيوم). والنتيجة تكون تدنى الأرباح وزيادة الخسائر والكل يكتفى بالمشاهدة، أو السؤال العام الذى يقرع الأذهان ما سبب كل ذلك؟ نقول إن السبب هو ضعف الكفاءة والفعالية فى أداء الأعمال وهذا باختصار هو لب القضية، لماذا لا يتم تأسيس إدارة مؤهلة للقوي البشرية وشؤون الموظفين بادئ ذى بدء؟ ولماذا لا يتم استبعاد التعيينات العشوائية التى تتم بالواسطة والمحـسوبية؟ ولماذا لا يكون هناك أنظمة ومعايير لاختيار الموظف المؤهل أو المدير المناسب ومن قبل لجنة وليست فرداً حـتي ولو كان المدير العام نفسه؟ عندها لن نري موظف الاستقبال يتهرب من مسؤولياته ولن نري موظفى الشركة وهم غارقون فى متاهات التملق لمدرائهم وعلي حـساب مصلحـة أعمال شركاتهم وإضاعة الوقت والجهد فى المهاترات الوظيفية، وعندها نري مدراء الدوائر كالإنتاج والمبيعات والمشتريات والمالية وهم يعملون بكل إخلاص وانسجام وتعاون بحـسب خططهم الموضوعة والكل يعمل ضمن سيمفونية يقودها المدير العام بأنظمة منهجية وبضوابط قياسية ورقابية عادلة وغير مزاجية، وعندها نقول إن الكفاءة قد تحـققت وإن نسبة صافى الأرباح قد ارتفعت من 10% إلي 35% أو أكثر، فهل تداركتم معني الفعالية أيها الإخوة المدراء؟ $ خبير إدارى واقتصادى - جدة.