أثار تقرير صندوق النقد الدولي لشهر مايو 2009م aالعساف، فوصفه بأنه «تشاؤمي أكثر من اللازم». وقد اعتاد الصندوق الدولي إصدار تقارير دورية حول أداء اقتصادات العالم. وتوقع الصندوق في تقريره الأخير عن أداء الاقتصاد السعودي، انخفاض النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بما يزيد عن النصف ليصل إلى 1.3? بسبب تأثر هذه الدول بانخفاض أسعار البترول، إضافة إلى تراجع أداء القطاعات غير البترولية فيها، ومنها المملكة العربية السعودية، حيث توقع التقرير أن ينكمش اقتصادها بنسبة 0.09?، معتبراً أن ذلك جزءاً من تبعات الأزمة المالية العالمية الراهنة. الوزير السعودي تحفظ على التقرير واعتبر أن المملكة العربية السعودية قدمت دلائل على خروجها من وطأة الانكماش بالتوسع في الإنفاق الحكومي. وسبق أن أعلنت الحكومة السعودية أن إنفاقها في الربع الأول من هذا العام على المشروعات قد تجاوز 40 مليار ريال سعودي، مما يؤكد ما ذهب إليه وزير المالية، ويبرر نظرته التفاؤلية التي يرسهما للاقتصاد السعودي، وهي عكس النظرة التشاؤمية التي طغت على تقرير صندوق النقد الدولي. ومسألة التشاؤم والتفاؤل في الاقتصاد، لها مرجعية نظرية فكرية مهمة. وهي تعكس رؤية استراتيچية لإدارة دفة الاقتصاد. لذلك فإن نقد تقرير صندوق النقد الدولي لا يعني إطلاقاً عدم أهمية التقرير ذاته، إذ أن صندوق النقد الدولي معني بالإصلاحات الاقتصادية، وهو غالباً ما يطرح رؤيته لمعالجة الأزمات التي تمر بها اقتصادات العالم، بعد أن يكون قد شخَّص التحديات التي تواجهها عبر تقاريره الدورية، وهي تقارير مهنية، وإن كانت تأخذ صفة العموم، كما يصفها عدد من الاقتصاديين. والمرجعية الفكرية لمسألة التشاؤم والتفاؤل في الفكر الاقتصادي، ترتبط كثيراً بالواقع العملي لحزمة السياسات والإجراءات الاقتصادية التي يمكن الأخذ بها لتحفيز الاقتصاد أو توجيهه في الظروف الاقتصادية المختلفة، إذ يرتبط ذلك كثيراً بحالة التوقع التي تسود في الاقتصاد لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المستقبل. في بعض الأزمات الاقتصادية، قد يتوقع عموم الناس موجة ارتفاع قادمة في أسعار بعض المواد، وعلى ضوء ذلك يرتفع الطلب على تلك المواد، إذ يعمد الناس على شرائها تخوفاً من ارتفاع أسعارها. وتلك نزعة تشاؤمية للمستقبل، تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب زيادة الطلب، دون تغير جانب العرض، ودون أن تكون هناك أسباب حقيقية لذلك سوى موجة التوقع السائدة. وهذه حالة من حالات العوامل النفسية التي تنعكس سلباً على الاقتصاد. وعلى عكس ذلك، تكون الرؤية التفاؤلية محفزاً إيجابياً لأداء الاقتصاد، خاصة إذا ارتبط ذلك بمؤشرات حقيقية على أرض الواقع. وأحسب أن النظرة التفاؤلية لوزير المالية، وحركة الإصلاح الاقتصادي التي يمر بها الاقتصاد السعودي في هذه المرحلة الراهنة، هو ما يخلق فينا درجة عالية من الطمأنينة من قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية الراهنة بأقل قدر ممكن من الخسائر. تفاءلوا بالخير تجدوه.