خير الغافرين - الحلقة 5 - خير الغافرين في بِرّ الوالدين

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : الدكتور أحمد الكبيسي | المصدر : www.islamiyyat.com

الحلقة الخامسة: خير الغافرين في بر الوالدين
 
ربنا أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين فيا خير الغافرين كم يسرت علينا الأمر لأنك تريد بنا اليسر ولا تريد بنا العسر؟ فبدل أن نذهب إلى مكة لكي نحج كل عام وبدل أن نذهب إلى الجهاد لكي نقاتل وبدل أن نشقى في العبادات جعلت لنا في بيوتنا ما هو خير من الكعبة وخير من الجهاد، كعبة وجهاد في بيتك إلى جانب غرفة نومك بل في مجلسك، ذاك أمك وأبوك. فإذا كانت لك أم وأب ففيهما تجاهد وفيهما تحج وفيهما تعبد الله عز وجل لأن هذين العنصرين العظيمين اللذين قرنهما الله عز وجل بتوحيده فقال (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (36) النساء) هذان الوالدان هما جنتك ونارك فيقول r: ثلاثة لا ينفع معهن عمل أولاً عقوق الولدين إذا كنت عاقاً لوالديك فلا ينفعك حج ولا عمرة ولا صوم ولا صلاة ولا جهاد. تأمل كم أن الله سبحانه وتعالى أكرمك وجعل مقام عبادتك في بيتك. يقول المفسرون كما أن عقوق الوالدين لا ينفع معها عمل فإنّ بر الوالدين لا يضر معها ذنب ولهذا يقول r: "رغِم أنف عبدٍ أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخل الجنة". إذا كنت لم تدخل الجنة ببرك بأبويك أو بأحدهما فبماذا تدخل الجنة؟! وهما في بيتك أو قرب بيتك أو إلى جنبك أو إلى مجلسك بالكلمة الطيبة وباللقمة الهانئة أو بالاحترام المعقول وأن تصبر على لأوائهما عند شيخوختهما، حينئذ ماذا تريد من رب عظيم كريم أن يغفر لك كل ذنوبك بإكرام شخصين عزيزين على نفسك وقلبك وأصلك وعرفك وعلى فخرك ومجدك وهما سبب وجودك في هذه الأرض وقد أفنيا حياتهما في خدمتك وفي تربيتك سهرا إلى جانبك ليالي طوالاً في مرضك وفي فرحك وترحك. إذن عبادة جليلة ملذة العبد يتلذذ باحترام أبيه وأمه ويتلذذ ببرهما. حينئذ هذا هو شأن رب العالمين وهو خير الغافرين الذي غفر كل ذنوبك إذا جاء ابواك يوم القيامة وهما راضون عنك فاحرص إذن على أن يأتي يوم القيامة ويأتي أبواك يشفقان عليك من العذاب والنار ويشهدان أمام الله عز وجل أنك كنت باراً بهما ولا عليك سوى ذلك من عمل لأن بر الوالدين لا يضر معه ذنب كما أن عقوق الوالدين لا ينفع معه عمل فالحمد لله الذي دعل بر الوالدين هذه لعبادة الجميلة المحببة الممتعة التي تورثك حمداً ومجداً عند أولادك وأحفادك وقرابتك كما تكسبك صيتاً في السموات تُدعى هناك لا بإسمك في الملأ الأعلى وإنما البارُّ بوالديه فيغفر الله لك كل ذنب ويرفع درجاتك بهذه العبادة الجميلة البهية وهذا شأن الله سبحانه وتعالى وهو خير الغافرين حقاً إنه سبحانه وتعالى خير الغافرين