السابقون - الحلقة 19 - أصحاب الخُلُق الحسن
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
الدكتور أحمد الكبيسي
| المصدر :
www.islamiyyat.com
الحلقة 19: أصحاب الخُلُق الحسن
لا نزال نبحث عن عبادة تُلحِقنا بالصالحين السابقين السابقين وهذه الأعمال منها ما هو يسير إلى حد ما ومنها ما هو عسير إلى حد ما ومنها ما هو بينهما وكل عسير ييسره الله عز وجل لمن شاء. ومن أعظم الأعمال التي تجعلك من السابقين السابقين ويحبك الله حباً عظيماً ويجعلك في مصاف النبيين والصديقن والشهداء والصالحين هو حسن الخُلُق والرسول r على كثرة شمائله التي لا تحصى والذي رفع له ذكره وقال إنك بأعيننا ومع ذلك رب العالمين ومهما عرفنا من شمائله فهي قليلة مع ذلك وصفه رب العالمين بحسن الخلق فقال (وإنك لعلى خلق عظيم) (فبما رحمة من الله لنت لهم) هذا حسن خلق (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) وهذا حسن خلق. فكل مدح الله عز وجل لخاتم المرسلين وسيد الخلق مدحه بحسن خلقه (وإنك لعلى خلق عظيم). من أجل هذا يقول r "أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً" " إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ودرجة المجاهد الذي لا يتوقف وإنه لضعيف العبادة" عبادته ضعفية بالكاد يقوم بالفروض وليس بشكل جيد ومع هذا لأنه حسن الخلق يبلغ درجة الصائمين القائمين المجاهدين بحسن خلقه لأن حسن الخلق خلق الله الأعظم فالله رب العالمين عز وجل له خلق عظيم فيحب أصحاب الأخلاق العظيمة، الله تعالى سخي يحب الأسخياء وحليم يحب الحلماء (فقولا له قولاً ليناً) (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم ) والله تعالى سوف يحاسب الناس حساباً ويرحمهم رحمة يتطاول لها إبليس لشدة حِلمه والله يظهر الجميل ويستر القبيح (ويعفو عن كثير) والله عز وجل يعطي الكثير على القليل (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) وقد يكون 15 مثل أو 25 أو 700 وهناك أعمال لا يعلم مضاعفاتها إلا الله عز وجل كالصوم (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) كيف يجزي ملك الملوك؟! فتأمل حسن خلق الله فلأنه تعالى بهذا الكرم يحب الكرماء. وإن الله عفو غفور يغفر ذنوب مائة سنة بكلمة أستغفر الله وأتوب إليه صادقاً فإذا مات عليها قبله الله عز وجل ولهذا قال (والكاظيمن الغيظ والعافين عن الناس) ولهذا إن الله تعالى يعطي عطاء عجيباً في كل حالات العطاء فقال (الذين ينفقون في السراء والضراء) كل خلق من أخلاق الله الحسنة وكل أخلاقه حسنة يطلب من عباده أن يفعلوا مثلها فإذا فعل العبد مثل أخلاق الله عز وجل أحبه الله سبحانه وتعالى وتأمل في كتاب الله وسنة رسوله كيف أن لله خلقاً حسناً فإذا كانت أخلاقك حسنة تعفو عمن يسيء إليك تعطي من حرمك، تصل من قطعك أن تحسن لهؤلاء جميعاً لا تلوم الناس وتستر على عيوبهم تقبل الاعتذار وأنت تعصي الله مائة عام ثم باستغفار واحد تعتذر إليه فيقبل عذرك كهذا الذي قتل مائة نفس "ومنكم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة" أي كرم هذا وأي سعة في العطاء هذا؟! ومن أسماء الله الواسع وعدد ما تشاء من صفات الله برحمته بعبادة وفي تعامله معه فإذا كنت من أصحاب حسن الخلق لسانك عفٌ تستر على أصحاب العيوب، تغفر لمن يسيء إليك ولا ترد سائلاً والله تعالى لا يرد سائلاً (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) فإذا كانت أخلاقك من أخلاق الله عز وجل كما كان r لما سئلت السيدة عائشة عن خلق الرسول r قالت كان خلقه القرآن. كيف هي أخلاق الله عز وجل فإنها أخلاق رسول الله r فما عليك إلا أن تتبع أمهات الأخلاق الحسنة التي اتصف بها الله تعالى والتي اتصف بها رسوله وقد تنجح وربما تعرف واحداً من إخواننا أو أهلنا أو جيراننا أو واحد من الحي بدماثة خلقه ولطفه وأدبه وتيسيره على الناس يعفو عن مخطئهم ويقف في كل مناسبة تجده واقفاً في عرس أو موت أو مرض ورب العالمين هكذا حيثما وجدته تجده. فإذا كنت من أصحاب الأخلاق الحسنة فاعم أنك من كبار السابقين وليس من السابقين فقط والسابقين درجات كما أن الرسل والنبيين درجات (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) فإذا كان النبييون متفاوتين فالسابقون أيضاً متفاوتين فإذا كنت من أصحاب الأخلاق الرفيعة والأخلاق الحسنة من رفق وعطاء وتجاوز وسماحة فكنت بذلك محبوباً للناس وأحبك الناس فقد لقيت الله عز وجل وأنت على خلق حسن وأصحاب الأخلاق الحسنة هم جيران رسول الله r في الجنة. هكذا هي قضية الأخلاق الحسنة وما عليك إلا أن تتبعها في كتاب الله وسنة رسوله r وهي من السجايا ولا يستطيع كل إنسان أن يفعل ذلك وهناك أناس خلقهم الله بنفس طيبة سهلة يحبهم الله عز وجل فييسر لهم أن يكونوا من أصحاب الأخلاق الحسنة فإذا فعلوا ذلك كانوا من جيران النبي r في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً