حديث القرآن بالقرآن 10
الناقل :
mahmoud
| المصدر :
www.islamiyyat.com
ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى في سورة البقرة : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ ( سورة البقرة : 185 )
حديث عن الزمان الذي أنزل فيه وعن هدايته ومقاصده .
وفي الحديث عن الزمن تشريف لشهر رمضان وتعظيم، إذ اختص من بين الشهور بإنزال القرآن فيه ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ .
والشهر فيه قولان لأهل اللغة أشهرهما أنه اسم لمدة الزمان الذي يكون مبدؤها الهلال ظاهراً إلى أن يستتر، وسمي بذلك لشهرته في حاجة الناس إليه في العبادات والمعاملات وغيرها . الثاني : اسم للهلال نفسه .
ورمضان علم لهذا الشهر المخصوص، وقد قيل في تسميته برمضان لأنه وافق مجيئه في الرمضاء وهى شدة الحر فسمى به، وقيل لأنه يَرْمَضُ الذنوب أي يحرقها ويمحوها، وأما القرآن فهو في الأصل مصدر قرأت ثم صار علما لما بين الدفتين . وقد نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه، كما قال الله عز وجل ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ ( سورة الدخان :3 ) وقال : ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ ( سورة القدر : 1 )
ثم نزل بعده مفرقا بحسب الوقائع على رسول الله صلى الله عليه وسلم . هكذا روى من غير وجه عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وقوله ﴿هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾
حديث عن هداية القرآن وما يحققه في حياة الناس . لقد أنزله الله هدي لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه وأحسن اتباعه .
﴿هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ ﴾ أي دلائل واضحات، وحججا جلية لمن فهمها وتدبرها، دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي، ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام .
وما من شأن من شؤون الخلق إلا وللقرآن فيه إرشاد وبيان وتبصرة وذكرى . ويخطئ من يظن أن هداية القرآن عرضٌ يأبونها، أو يعرضون عنها، فيُتركون دون حساب وجزاء .
يخطئ من يظن أن القرآن ـ وهو الحق من ربهم ـ يُعرض عنه مَن يعرض، فلا يؤاخذ بذنب أو يحاسب على إعراض وترك . إنه الهدى والحق . وللهدى والحق نور ونار، فمن أبى النور فالنار موعده .
إن الكارهين للحق مأخذون به، والمعرضون عنه ماكثون في ناره ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ {74} لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ {75} وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ {76} وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ {77} لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ {78} ﴾ ( سورة الزخرف 74 ـ 78 )
إن القرآن الكريم ـ وهو يهدي في كل شأن للتي هى أقوم ـ به تتحدد مصائر الناس، وتتميز صفوفهم، فمن اتبع هداه اهتدى ونجا، ومن أعرض عنه ضل وخسر . وسيظل يدعو الناس إلى اتباعه ما بقيت الحياة، ثم هو ـ يوم القيامة ـ شافع شاهد، تسأل كل آية فيه عن فريضتها . ومن تدبر عرف النتائج، ومن استبصر أدرك العواقب ، ومن أبى النور والهداية في يومه ندم على ما فرط في غده ، كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه « أخاف أن يقال لي يوم القيامة علمتَ أم جهلت َ ؟ فأقول علمتُ . فلا تبقى آية في كتاب الله آمرة أو زاجرة إلا وتسألني فريضتها . تسألني الآمرة هل ائتمرت ؟ وتسألني الزاجرة هل ازدجرت ؟ فأعوذ بالله من علم لا ينفع ومن دعاء لا يسمع » .
اللهم ارحمنا بالقرآن واجعله لنا إماما ونورا وهدى ورحمة واجعله لنا حجة يا رب العالمين