يحدث لدى 50-90% منهم في المجتمع العربي ويحتاج إلى برامج وقائية تتضاعف نسبة الضعف الجنسي عند المصابين بالسكري، وهو المرض الذي يعتبر من الأمراض الأكثر ارتباطا بحدوث العجز الجنسي، والأكثر شيوعا في المجتمعات العربية التي يوجد في بعضها مصاب واحد بالسكري من كل ثلاثة أشخاص تقريبا. أن هناك عدة أبحاث ودراسات أجريت في بلدان عربية، وُجد منها أن الاصابة بالضعف الجنسي قد تصل إلى حوالي 90% في مرضى السكري وترتفع نسبة الاصابة بالضعف الجنسي شديد الدرجة إلى 50% عند هؤلاء المرضى ضعف جنسي كما وجد أن المرضى الذين يعانون من السكري لمدة طويلة، كذلك المرضى الذين ليس لديهم انضباط في نسبة السكر بالدم معرضون أكثر للاصابة بالضعف الجنسي، حيث ينخفض لديهم التوصيل الشرياني للدم وبالتالي يتأثر الانتصاب بصورة كلية، أما المرضى الذين لديهم انضباط في نسبة السكر بالدم وكذلك المصابون بالسكري حديثا يكون احتمال اصابتهم بالعجز الجنسي التام أقل بكثير.
أن هناك دراسة أخرى هامة كشفت أن تليف أنسجة الانتصاب والأنسجة الداعمة للقضيب (مرض بيروني)، وهي من الأسباب التي تؤدي إلى الضعف الجنسي، كانت أكثر انتشارا في المرضى المصابين بالسكري (حوالي 8%). كذلك وجد أن مدة الاصابة بالسكري وعدم التحكم في ضبط سكر الدم بالاضافة إلى كثير من عوامل الخطورة تؤدي جميعها لحدوث تليف في الأنسجة وبالتالي الانحناء وحدوث ندبات في العضو الذكري فضلا عن حدوث الضعف الجنسي. وعن أسباب الضعف الجنسي في المجتمع العربي، ا ان عوامل الخطورة على صحة الانسان، مثل السمنة والتدخين وقلة النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة وغيرها من العادات السيئة فضلا عن انتشار الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون بالدم وأمراض القلب وزيادة الضغوط والتوتر والاكتئاب، أصبحت محل اهتمام العلماء والأطباء لمعرفتهم التامة بأنها من الأسباب الرئيسة التي تساعد على انتشار مرض الضعف الجنسي، وفي سن مبكرة (العشرينات والثلاثينات) بعد أن كان مقتصراً على المتقدمين في العمر وهذا على المستوى العالمي، وهو أكثر وضوحا في المجتمع العربي.
* تأثيرات السكري كيف يؤدي مرض السكري الى الضعف الجنسي؟ يجب أولاً معرفة أن عملية الانتصاب تعتمد على تعاون الجهاز العصبي مع الأوعية الدموية والهرمونات وغيرها من الأجهزة الحيوية، كما ان الحالة النفسية والمزاجية قد تؤثر على كل هذه الأجهزة. لذلك فقد أجريت في العقدين الماضيين، أبحاث علمية مستفيضة لمعرفة كيف يؤدي مرض السكري إلى حدوث هذه المضاعفات الخطيرة وتأثير ذلك على حالة الانسان العضوية والنفسية. وُجد من بعضها أن مرض السكري قد يؤدي إلى حدوث خلل بالأعصاب المغذية للعضو الذكري حيث يؤدي هذا الخلل على المدى البعيد إلى حدوث اضطراب لديناميكية الانتصاب مما قد ينتج عنه ضعف في الانتصاب أو ربما عجز تام. كذلك يمكن أن يؤدي مرض السكري إلى حدوث تصلب بالشرايين مع تليف وضمور في الألياف العضلية اللاارادية في العضو الذكري والتي بدورها تؤدي إلى حدوث تسرب وريدي بالاضافة إلى حدوث خلل بالدورة الدموية مما قد يقلل من التوصيل الشرياني الهام لحدوث الانتصاب كذلك استمراريته.
أن أحد أبحاثه العلمية يؤكد أن الاصابة بداء السكري قد تؤدي إلى حدوث خلل في ديناميكية الانتصاب، كذلك تغير في أنسجة الجسم الكهفي بالعضو الذكري مما قد يؤدي إلى تغير في التركيب الجزيئي والجيني للخلايا المسؤولة عن الانتصاب. وكل هذه الأسباب وغيرها تجعل من مرض السكري سببا هاما لحدوث الضعف الجنسي. إن هذه المشكلة لا تؤثر على حالة الرجل النفسية فحسب بل يمتد تأثيرها السلبي إلى زوجته وقد تهدد الكيان الأسري في كثير من الأحيان.
* المشكلة وتشخيصها ومما يفاقم الحالة ويزيد العبء النفسي ويدخل الرجل في دائرة مفرغة قد تؤدي به إلى الاحباط والاكتئاب، احجامه عن استشارة الطبيب المختص في هذا المجال وتردده في أخذ النصح الطبي، باعتبار أن هذا الموضوع من الموضوعات التي تحاط بكثير من التحفظ والخصوصية. لذلك أصبح لزاما على الأطباء والباحثين اجراء الأبحاث العلمية التي تهدف إلى استكشاف حجم مشكلة الضعف الجنسي في مجتمعاتنا. وهناك خطوات حثيثة في هذا الاتجاه حيث تم تحديد نسبة وشدة الاصابة بالعجز الجنسي بين الرجال خاصة المصابين بمرض السكري، أو اختلال نسبة الهرمونات، كذلك الأمراض الخاصة بالغدد الصماء، وأمراض القلب، وغيرها من الأمراض ذات العلاقة بالعجز الجنسي. هناك وسائل تشخيص حديثة لمرضى الضعف الجنسي المصابين بالسكري وأمراض القلب مثل الفحص بأجهزة الدوبلر الملون، وأجهزة قياس شدة ومدة الانتصاب، ودراسة مدى فاعلية هذه الأجهزة في تشخيص هذه المشكلة بدقة.
من هنا يتضح جليا أهمية المتابعة الجيدة لهؤلاء المرضى لدى الأطباء المختصين حتى لا يصل المريض بحالته الصحية إلى حالة اللاعودة، سواء في ما يخص مضاعفات السكري على العين والكلى والقلب والأعصاب أو الاصابة بالعجز الجنسي.
* الوقاية والعلاج هل يمكن الوقاية من حدوث الضعف الجنسي لمريض السكري؟ الاجابة، نعم ويتلخص ذلك في اتباع مريض السكري الآتي: - الحرص على اتباع النظام الغذائي الذي أرشده اليه المختص.
- اتباع الإرشادات الخاصة بالعلاج الذي يصفه له الطبيب ومتابعة نسبة السكر بالدم.
- التوقف فورا عن التدخين.
- ممارسة الرياضة التي تناسب العمر والحالة الصحية.
- العلاج من الأمراض الأخرى إن وجدت مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وغيرهما.
كل هذه العوامل بلا شك تعمل على التقليل من احتمال حدوث الضعف الجنسي عند مريض السكري. وحول علاج الحالة ينبغي التنويه بانه تم اجراء العديد من الأبحاث لمعرفة ما إذا كانت بعض الأدوية المتاحة لعلاج الضعف الجنسي ذات تأثير ايجابي أيضا في المرضى المصابين بالسكري. وقد وُجد من نتائجها أن عقار “سيلدينافيل”، على وجه الخصوص، له تأثير ايجابي وفعال في المرضى المصابين بالضعف الجنسي المصاحب للسكري. وعلى الرغم من أن فعالية هذا العقار قد تتأثر سلبيا ببعض العوامل مثل طول مدة الاصابة بالسكري والارتفاع الملحوظ في نسبة السكري بالدم وازدياد عدد الأمراض المزمنة، إلا أن معظم المرضى كانوا راضين عن فعالية وجدوى هذا الدواء. وتجدر الاشارة الى أن الهدف من العلاج هو أن يصبح الزوجان قادرين على ممارسة حياتهما الجنسية بصورة طبيعية حتى في السن المتقدمة. وعليه فإن النظرة العامة لحالة المريض وصحته دون التركيز فقط على الشكوى الطبية التي يأتي بها هي الطريقة المثلى للتعامل مع المريض وهو ما يسمى holistic approach وبهذه الطريقة يتمكن الطبيب من مراعاة حالة المريض ككل وليس فقط تقديم علاج جزئي لحالته. فمن دون تقديم العلاج الناجح وعمل الاستشارات الطبية مع المختصين في الأمراض المصاحبة للضعف الجنسي، لن يتمكن الطبيب من علاج المريض على الوجه الأكمل.
كذلك فإن تغيير نمط حياة المريض يساعد بشكل كبير في تحسن حالته المرضية والعضوية والنفسية. وأخيرا فإن تقدم وسائل التشخيص وازدياد وتوفر فرص العلاج الناجح يؤكد على ضرورة استشارة الطبيب المختص عند الشعور ببوادر المشكلة.
د. ياسر متولى