المحاورات والجدال في الحج تثير النزاع والعداوة

الناقل : elmasry | المصدر : www.alsalafway.com

المحاورات والجدال في الحج تثير النزاع والعداوة

 

حول حرمة الحج وفرضيته على المسلمين والإحرام به والآداب التي لا يجوز معها الجدال وتقليد قبائل الجاهلية يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة : يقول تعالى : الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب [1] . يخبر تعالى أن الحج في أشهر معلومات وهي ك شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة ، وقال تعالى : معلومات لأن الناس يعرفونها من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، فالحج وقته معروف لا يحتاج إلى بيان كما احتاج الصيام والصلاة إلى بيان مواقيتهما . وقوله تعالى : فمن فرض فيهن الحج معناه من أحرم بالحج في هذه الأشهر سواء في أولها أو في وسطها أو في آخرها ، فإن الحج الذي يحرم به يصير فرضاً عليه يجب عليه أداؤه بفعل مناسكه ولو كان نفلاً . فإن الإحرام به يصير فرضاً عليه لا يجوز له رفضه ، لقول الله سبحانه : وأتموا الحج والعمرة [2] ، وقوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج بيان لآداب المحرم وما يجب عليه أن، يتجنبه حال الإحرام ، أي يجب أن تعظموا الإحرام بالحج وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه من "الرفث" وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية . "والفسوق" وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام . "والجدال" وهو المحاورات والمنازعة والمخاصمة ؛ لأن الجدال يثير الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر الله . والمقصود من الحج الذل والانكسار بين يدي الله وعند بيته العتيق ومشاعره المقدسة ، والتقرب إلى الله بالطاعات وترك المعاصي والمحرمات ليكون الحج مبروراً . فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ))[3] ولما كان التقرب إلى الله تعالى لا يتحقق إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات ، فإنه سبحانه بعد أن نهى عن المعاصي في الحج أمر بعمل الطاعات ، فقال تعالى : وما تفعلوا من خير يعلمه الله وهذا يتضمن الحث على أفعال الخير ، خصوصاً في أيام الحج وفي تلك البقاع الشريفة والمشاعر المقدسة وفي المسجد الحرام ، فإن الحسنات تضاعف فيه أكثر من غيره ، كما ثبت أن الصلاة الواحدة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد ، والمراد بالمسجد الحرام جميع الحرم ، فيدخل في ذلك منى ومزدلفة وجميع المساجد التي في داخل الحرم ، وهكذا بقية الحرم . لاسيما وقد اجتمع للحاج في هذا المكان وهذا الوقت شرف الزمان وشرف المكان ، ومن الجدال الذي نهي عنه في الحج ما كان يجري بين القبائل في الجاهلية في موسم الحج وفي أرض الحرم من التنازع والتفاخر ومدح آباءهم وقبائلهم حتى حولوا الحج من عبادة إلى نزاع وخصام . ومن تحصيل فضائل إلى تحصيل جرائم وآثام ، حيث يقول سبحانه : فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، وقال تعالى عن الحرم :ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم [4] ، أما الجدال بالتي هي أحسن فلا حرج فيه في مكة وغيرها ، يقول الله سبحانه :ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن [5]

 

 


[1]سورة البقرة ، الآية 197

[2]سورة البقرة ، الآية 196

[3]رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم 1773، ومسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1349

[4]سورة الحج ، الآية 25

[5]سورة النحل ، الآية 125