كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
تقول إحدى الطـُرف الشائعة في أمريكا حيث يبلغ بغض الشعب لليهود أقصاه؛ -على الرغم من الحب الرسمي لليهود-:
"الذي لا يخفى على أحد أن اليهودي لا يمكنه أن يشرب الشاي بالطريقة التي يحبها أبداً فإذا كان مثلاً يحب الشاي محلى بملعقتين من السكر فإنه عندما يشربه في بيته يضع ملعقة واحدة بخلاً، وإذا كان عند أصدقائه وضع ثلاث ملاعق نهماً، ومن ثمَّ لا يمكنه أن يشربه بملعقتين أبداً".
وهذه الطرفة الساخرة لا أظنها تبعد عن الواقع كثيراً فاليهود من أكثر الناس حرصاً على الدنيا وعلى شهواتها لاسيما حب المال "جمعاً ومنعاً" وهذا يكدر عليهم كثيراً من أحوال حياتهم الأخرى.
ولكن هل الأمر مقتصراً على اليهود؟
ربما يستطيع كثير من الناس أن يشرب الشاي كما يحب في بيته أو عند أصدقائه، لأن شهوتي "جمع المال ومنعه" لا يبلغان عنده درجة أن يعد "ملاعق السكر"، ولكن لا شك أن كثيراً من الناس تنغص حياته درجات أعلى من جمع المال أو منعه، أما سمعت أن من الناس من يشتكي من أنه من فرْط انشغاله بتجارته لا يستطيع أن يستلذ بطعام، أما سمعت كثيراً منهم يشتكون أنهم لا ينامون الليل قلقاً على أموالهم وتجارتهم.
بل أعم من ذلك كله أن شهوات الدنيا متعارضة فيما بينها فلا تكاد تحصل شهوة إلا بترك أختها ومن تأمل هذا وجده مطرداً في جميع شهوات الدنيا وملذاتها، وأنه كلما قل تعلق الإنسان بالمفقود من شهواته زادت لذته بالموجود منها، وكلما ازداد تعلقه بالمفقود نقص عليه ذلك الموجود ولم يحصل المفقود.
فإذا كنا لابد أن نترك شيئاً من الدنيا من أجل الدنيا.
ألا يكون هذا حافزاً لنا أن نترك أشياء من الدنيا للآخرة؟!