كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
مصداقاً لقوله -تعالى-: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)(الليل:4)، فإن هموم الناس مختلفة منهم من همه الآخرة ومنهم من همه الدنيا، وإن كان الجميع يعيش عصراً واحداً ويواجه مشكلات متشابهة، ومن المشكلات التي تواجه الناس في ذلك العصر مشكلة تشفير القنوات الفضائية بعدما صارت جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، فيتم تشفيرها بحيث لا يتم السماح باستقبالها إلا بعد دفع اشتراك مالي شهري -غالباً- وفي الآونة الأخيرة ثار الجدل في أوساط عموم الناس حول قضية احتكار إحدى القنوات الفضائية المشفرة لإذاعة مباريات كأس العالم لكرة القدم.
كما ثار الجدل في أوساط الإسلاميين حول قضية تشفير قناة المجد الإسلامية، وكل يبكي على ليلاه كما يقولون.
أما تشفير كأس العالم فلا ينبغي أن يشغل مجتمع الملتزمين ولو بنسبة واحد بالمائة، وأما تشفير قناة المجد ففرض نفسه على ساحة الملتزمين شئنا أم أبينا، وإن كنا نرى أن هذا سوف يخدم كثيراً من الملتزمين الذين يجدون مجالات أنفع، إلا أن الخوف أن يتحول كثير من مشاهديها إلى القنوات الإسلامية الأكثر تساهلاً، أو أن يتحولوا إلى القنوات غير الإسلامية نسأل الله العصمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وإذا ذكر التشفير لا بد أن يذكر معه "وصلة الدش" التي تتحايل على هذا التشفير، ومن عجيب حال بعض القنوات الفضائية التي تقدم: "الفيديو كليب" العاري، والأفلام والمسلسلات؛ أنها تحذر المشاهدين من أن هذا نوع من السرقة المحرمة، ولك أن تتخيل بائعاً للخمر وقد كتب على باب محله آية وحديثاً في أداء الأمانة وعدم أكل أموال الناس بالباطل!!
وأما التحايل على القنوات الإسلامية أو القنوات التي تقدم أموراً مباحة كعلوم الدنيا مثلاً، فلا يجوز شرعاً، لقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)(النساء:58)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)(رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني).
وإن كنا نناشد القائمين على القنوات الإسلامية الهادفة محاولة التوسط بين أداء الرسالة، والمكسب المادي ما أمكن ذلك، أو ترجيح أداء الرسالة مطلقاً. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.