حكم دفع زكاة الفطر نقوداً
الناقل :
heba
| الكاتب الأصلى :
ابن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
حكم دفع زكاة الفطر نقوداً
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . وبعد : فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم دفع زكاة الفطر نقوداً .
والجواب : لا يخفى على كل مسلم له أدنى بصيرة أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله . ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده ، ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله ، أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين ، والعبادات الأصل فيها التوقيف ، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه ، الذي قال عنه ربه تبارك وتعالى:
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
[1]
، وقال هو في ذلك :
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
[2]
،
((
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد
))
[3]
. وقد بيَّن هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة : صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من زبيب ، أو صاعاً من إقط . فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
(( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ))
[4]
. وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه :
( كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب )
، وفي رواية
(( أو صاعاً من إقط ))
[5]
متفق على صحته . فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر . ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين وخاصة في مجتمع المدينة الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر ، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه ؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ،ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم . وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه ، وخاص بما ورد فيه ، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف ، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر ، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها ، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية ، وقد قال الله سبحانه :
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
[6]
، وقال عز وجل : "
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
[7]
. ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه ؛ لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية . وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه ، والثبات عليه والحذر من كل ما يخالف شرعه ، إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة
والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
[1]
سورة النجم ، الآيتان 3 ، 4
[2]
رواه البخاري في ( الصلح ) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم( 2697 )، ومسلم في ( الأقضية ) باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718
[3]
رواه مسلم في ( الأقضية ) باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718
[4]
رواه البخاري في (الزكاة) باب فرض صدقة الفطر برقم (1503) .
[5]
رواه البخاري في (الزكاة) باب صدقة الفطر برقم (1506) ، و مسلم في (الزكاة) باب زكاة الفطر على المسلمين برقم (985) .
[6]
سورة الأحزاب ، الآية 21
[7]
سورة التوبة ، الآية 100