إذا أنفقت غلة الاستثمار قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها
الناقل :
heba
| الكاتب الأصلى :
ابن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
إذا أنفقت غلة الاستثمار قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز
،
إلى حضرة الأخ المكرم - وفقه الله لكل خير آمين
-
.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده :
كتابكم الكريم وصل ، وما تضمنه من الإفادة أنك تملك عمارة صغيرة مسلحة
،
بلغت نفقة تعميرها سبعين ألف ريال ، وتحملت بأسباب ذلك ديناً بمبلغ أربعين ألف ريال ، وأنك أجرتها سنوياً بمبلغ ثمانية آلاف ريال ، تدفع لك مقدماً عن كل سنة ، وعند تسلمك للمبلغ المذكور تسدد به بعض ما عليك من الديون .
وسؤالك عن وجوب الزكاة في الإيجار المذكور
،
إلى آخر ما ذكرت .
الزكاة تجب في المال الذي دار عليه الحول وهو في حوزة صاحبه - سواء كان نقوداً أو عروضاً تجارية
.
أما مثل هذا الإيجار الذي تتسلمه من المستأجر مقدماً وتسدد به الدين ، فإنه لا تجب فيه الزكاة ؛ لكونه لم يحل عليه الحول وهو في ملكك ، والاعتبار في ذلك بوقت عقد الإجارة إلى نهاية السنة ، فإذا قبضت الأجرة قبل نهاية السنة وسددت بها الدين ، أو صرفتها في حاجات البيت فلا زكاة فيها .
وأما سؤالك عن زكاة الأرضين اللتين تملكهما ، فإن كانتا معدتين للتجارة
،
فالواجب تقويمهما في نهاية كل سنة ، وتدفع زكاتهما مع القدرة ، فإن عجزت عن ذلك ، جاز التأخير إلى القدرة ، وليس عليك أن تستقرض ، بل تبقى الزكاة ديناً في ذمتك حتى تستطيع إخراجها ؛ لقول الله - سبحانه
-
:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
[1]
، وقوله
تعالى :
وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ
[2]
.
أما سؤالك عن الدين هل يمنع الزكاة ؟ فجوابه أن هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء ، والأرجح أن الدين لا يسقط الزكاة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر عماله بقبض الزكاة من الناس ، ولم يأمرهم بإسقاطها عن أهل الدين ، ولا بسؤال أهل الزكاة هل عليهم دين حتى يسقط عنهم من الزكاة بقدره ، فعلم بذلك أن الدين لا يمنع الزكاة . وقد دل الشرع المطهر أن الزكاة تزيد المزكي خيراً وطهراً وبركة وخلفاً عاجلاً ، كما قال
-
سبحانه:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا
[3]
، وقال سبحانه:
وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
[4]
. وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( ما نقصت صدقة من مال
،
وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً
،
وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ))
[5]
. خرجه الإمام مسلم في صحيحه . وفي صحيح البخاري
،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((
ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وينزل فيه ملكان ، يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً ))
[6]
.
وفقني الله وإياكم للفقه في دينه ، والثبات عليه ، والمسارعة إلى ما يرضيه إنه سميع قريب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
[1]
سورة التغابن ، الآية 16 .
[2]
سورة البقرة ، الآية 280
.
[3]
سورة التوبة ، الآية 103 .
[4]
سورة سبأ ، الآية 39
.
[5]
رواه مسلم في ( البر والصلة والآداب )
,
باب
(
استحباب العفو والتواضع
)
،
برقم
:
2588 .
[6]
رواه البخاري في ( الزكاة ) باب قول الله - تعالى - : ( فأما من أعطى واتقى
)
،
برقم
:
1442 ، ومسلم في ( الزكاة ) باب في المنفق والممسك برقم 1010