الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
إن الهجمة الشرسة التي يواجهها أهل الإسلام اليوم في أصول دينهم وفروعه والتي نوَّع فيها أعداء الإسلام أساليب الحرب وعددوا ساحاتها ووجدوا فينا من الداخل سيفاً من المنافقين والعلمانيين والزنادقة الباغضين على اختلاف مشاربهم إلا أنهم على ضرب الإسلام في مقتل اتفقت كلمتهم وتشابهت قلوبهم ومن ورائهم أسيادهم وأولياء نعمة كراسيهم ومناصبهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون.
حتى رأينا الحرب سافرة مكشوفة لا يستحيي أصحابها من الله ولا من خلقه أن يتكلموا طاعنين في القرآن الكريم بما كان يتكلم به كفار مكة قديماً (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفرقان:5)، وقال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38)، وقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود:13) ، وقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (هود:35)، وقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (السجدة:3) ، وقال أيضاً: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الاحقاف:8)، وقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الشورى:24).
ومما يعلم به خذلان المعتزلة على عهد المأمون من القول بخلق القرآن فرأينا العلمانيين الذين رضعوا الكفر من أعداء الإسلام واصطبغوا به، ينكرون نزول القرآن من عند الله وإعجازه ويتهكمون على حدوده ويستنكرون بعض أحكامه وآخر ما بلغ كفرهم أنهم يزعمون عدم صلاحيته لهذا الزمان، قبحهم الله ولعنهم على كل لسان.
ومن هنا يجب على الدعاة إلى الله حماية الإسلام من سهام الأذهان وحراسة منهج أهل السنة والجماعة من السبل الخادعة التي أصبح يخدع بها كثير من الناس الذين هم بجهلهم وبسماعهم يساعدون على انتشار مثل تلك الأفكار، كما قال عمر ـ رضى الله عنه ـ يوماً: "أتدري متى تنقض عرى الإسلام عروة عروة؟"، قيل: لا، قال: "إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية"، وكما قال حذيفة: "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه، فإن من لم يعرف الشر وقع فيه".
وكان من المعروف عن علماء الصحابة رضي الله عنهم أن الإسلام قد تنطمس معالمه وينهدم بنيانه إذا كان أبناؤه جهلة بـطرق الشر، فكيف إذا أصبح اليوم يوجد بين المسلمين من هم جهلة بأصول الدين وجهلة بطرق الشياطين.
ومن هنا يجب على الدعاة إلى الله أن يُعرِّفوا الناس ببداية هذا الدين:
(الوحي) تعريفه، الملك الموكل به، أنواعه، القرآن – الحديث القدسي – الحديث النبوي، العلاقة الوثيقة بين القرآن والسنة باعتبارها شارحة لما أجمل كطريقة الصلاة والزكاة والحج وإقامة الحدود، كما يتم التركيز على أركان الإيمان بالله من خلال الخطب والدروس.
ثانياً: فضح هؤلاء المنافقين وبيان علاقتهم بأعداء الإسلام من بداية هذا الدين ونبين سوء نواياهم وحقيقة مقاصدهم من هدم دين الإسلام لا نقدم ولا نغير وهذه طريقة القرآن الكريم: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55) و(سبيل) لها قراءتان ـ قراءة الضم ـ أي لتكون طريقة المجرمين واضحة ليس فيها التباس على الناس، وقراءة الفتح أي ولتعلم وتتضح لك يا محمد طريقة المجرمين.
ولهذين الهدفين:
رأينا في هذا الموقع أن نقترح على إخواننا الدعاة والخطباء رؤوس وعناصر مواضع نستطيع من خلالها مجابهة تلك الهجمة لنحافظ على سلامة العقيدة في نفوس المسلمين واستنقاذا لمن وقع أسيراً لأفكار هؤلاء.
والظن بالإخوة الأفاضل أنهم أهل خبرة ودراية، فمن كان عنده أطروحات ندعم هذا الهدف فليراسلنا.
أولاً: عناصر خطب عن القرآن الكريم:
ـ حاجة الناس قبل الإسلام إلى القرآن والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسبب انتشار الباطل وقلة الحق وأهله بسبب تلاعب اليهود والنصارى بكتبهم.
حديث: (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب).
ـ القرآن وبداية نزوله: قصة نزول الملَك جبريل ـ عليه السلام ـ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه صدق قومه طاقة البشر أن يقوم ملك يثبت ما يتلوا في قلب وعقل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيِّ مُبِينٍ) (الشعراء:193-195) التفسير، (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (القيامة:17) التفسير.
ـ جبريل الملك الموكل بالوحي للأنبياء ومنهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
- حديث ورقة بن نوفل (إن هذا للناموس الذي كان ينزل على موسى).
- تفسير قوله تعالى (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (البقرة:97) .
ـأمية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدم علمه المسبق بأخبار وعلوم الأمم السابقة ثم وحي الله له تفاصيل أخبار الأنبياء وأممهم مثل ما عندهم وأشمل ليكون دليلاً أنه من عند الله.
ـ اختبارات اليهود للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مصداقية الوحي وسؤالهم إياه عن فتية في الدهر الغابر ثم إنزال الله تعالى سورة الكهف، وكذلك اختبار بعض أحبارهم للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ثلاثة أشياء لا يعلمها إلا نبي وإجابته صلى الله عليه وسلم.
ـ معارضة كفار قريش وهم أساطين الفصاحة والبيان ثم إقرارهم بأنه كلام الله كقصة الوليد بن المغيرة، وقصة الطفيل بن عمرو الدوسي وإسلامه وسبب ذلك وغيرهم.
ـ تحدي القرآن للعرب خاصة واللناس عامة:
ـ تفسير الآيات: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38)، وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود:13)، وقوله تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء:88).
مع التأكيد على أهمية دراسة اللغة العربية لنعلم بها قدر القرآن بالنسبة للكتب الأخرى.
ـ شمول القرآن والسنة للنفع العام والسعادة الأبدية للبشرية لو عملت بهما لا تتوفر فى أي نظام في العالم والواقع يؤكد ذلك مع ضرب أمثلة لأنواع الفساد العقدي والأخلاقي وانتشار الجرائم في الدول الغربية رغم زعمها التحضر والمدنية.
ـ حفظ الله للقرآن:
قبل نزوله: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً) (الجـن:8 - 9 ) التفسير
أثناء النزول (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (القيامة:16-17) تفسير
وبعد نزوله بأن خلق له أجيالاً من أول وهلة تحفظه بالصدور.
ـ حديث البخاري ومسلم عن أنس قال: "جمع القرآن على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أربعة كلهم من الأنصار: أُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد" أي هؤلاء أتقنوه وصاروا يحفظونه حتى انتشر حفظ القرآن ففي معركة بئر معونة قبل قُتل سبعون من حفاظ القرآن ويوم اليمامة قتل سبعون من حفاظ القرآن.
كل ذلك في نهاية حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقط، ثم تتابع المسلمون وتسابقوا على حفظه حتى رأينا عبر التاريخ العجب العجاب من إتقان الحفظة وتفانيهم في استظهاره واستخراج علومه وهذا الاهتمام لم تجده فى أي أمة من الأمم على كتابها، إن أهل الكتابين لما اعتمدوا فى حفظهم لكتبهم على التدوين فى السطور فقط حُرِّفت كثير منها.
ثانيا: حفظ السطور:
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوحَى إليه فيأتي كُتَّاب الوحي فيحفظونه ويكتبونه وكان من جملة الكتَّاب مع الحفاظ السابقين الخلفاء الراشدون الأربعة ومعاوية بن أبي سفيان وكان هناك مصاحف على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كمصحف ابن مسعود ومصحف عائشة ومصحف علي وغيرهم، وكانت تلك المصاحف على عسب النخيل وعلى اللخف – الحجارة الرقيقة ـ وعلى الرقاع.
حتى أمر أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أن يجمع الأمة على مصحف واحد وهو مجموع ما في هذه المصاحف وأرسل نسخاًَ منه للأقاليم وكان ذلك العمل من أعظم أسباب حفظ الله لهذا القرآن، (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)، ومنذ ذلك الحين ولازالت الأمة محفوظ لها كتابها فلم ولن يستطيع أحد أن يتلاعب بنصوص القرآن الكريم أبداً.
وهو يتلى في الدنيا بأسرها بأجمل الأصوات في جميع الأوقات وهذا من الوسائل الجديدة لحفظ الله للقرآن الكريم الحفظ الصوتي لأصوات قارئيه، والحمد لله على نعمة حفظ كتابه.
ـ بيان فضل القرآن وفضل حافظيه وحث المسلم على حفظ القرآن واستغلال الفترة الصيفية وإنشاء الكتاتيب في المساجد لتحفيظ أبناء المسلمين.
ـ حث المسلمين على ضرورة تدبره وقراءة تفسيره من كتب العلماء المبسطة كتفسير السعدي أو أيسر التفاسير وأن يكون المسلم قريب الصلة بالقرآن الكريم.
ـ تحذير المسلمين من قراءة كلمات ومقالات الملحدين والدخول على مواقعهم وسماع فضائياتهم.