من أين يبدأ الإصلاح (1)

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : محمود عبد الحميد | المصدر : www.salafvoice.com

من أين يبدأ الإصلاح (1)

كتبه/ محمود عبد الحميد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

يكثر الحديث في هذه الأيام عن واجبات المسلمين، والحقيقة أن واقع المسلمين الراهن هو أسوأ واقع والانهيار المستمر في حياتهم يهدد وجودهم نفسه، ولكن أين يمكن أن يقف الانهيار ويبدأ التحول؟

جوابنا الحاسم....!

في أنفسنا...

يجب أن يقف في أنفسنا الانهيار وأن يبدأ في أنفسنا التحول.... فإذا تحولنا إلى مسلمين حقيقيين كما يريد الإسلام تحول بنا مجتمعنا، وتحول بنا المسلمون في كل مكان وتحول بنا العالم. أما إذا لم نتحول نحن التحول المطلوب فلا يمكن أن نحول مجتمعنا وأمتنا وعالمنا مهما تكلمنا وصحنا وكتبنا، بل أن كلامنا وكتابتنا لتستحيل إلى ضرب من العبث والنفاق والخداع.

لقد كان عماد التحول العظيم الذي تم في الإسلام في تاريخ البشر أيام رسول الله ـصلى الله عليه وسلم-، أمرين:

1- الرسالة.

2- ومن حملوا الرسالة.

أما الرسالة فهي باقية بيننا في كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد تكفل الله لها بالحفظ: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(الحجر:9)، إنما تغير من حملوا الرسالة أو لم يعد لها من يأخذها بقوة ويحملها بإخلاص، ما وجد إلا القليل فتغيرت بنا الحال وصرنا إلى هذا الضعف والهوان والبلاء.

إذاً لن يتغير وضعنا ولن يحدث التغير الجذري الحقيقي المنشود في حياتنا ولن نأخذ مكاننا في قيادة العالم؛ إلا أن نصعد بأنفسنا إلى مستوى من حملوا الرسالة أول مرة، إلى مستوى الصحابة الكرام إيماناً وصدقاً وعلماً ووعياً وجهاداً وتضحية؛ وإلا أن يكون لنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة وعندها يقع التحول.

 

يجب أن نجسم في حياتنا لا في كلامنا فقط الإسلام، وأن نرتفع إلى مستواه، لا أن نتحدث عنه في سمائه العالية في أرضنا المنخفضة وواقعنا المنحط، نتمرغ في الوصول، لا بد لنا أن نحقق في أنفسنا وفي مجتمعاتنا الصغيرة منذ الآن كل ما نريد أن نحققه في حياة المسلمين في المستقبل إن كنا صادقين، إن الفرد منا قد لا يملك أمر سواه، ولكنه يملك أمر نفسه فلماذا لا يبدأ بها؟ ولماذا لا يحقق فيها ما يدعو إلى تحقيقه في الناس؟!

إن الجماعة منا قد لا تملك أمر سواها، ولكنها تملك أمر نفسها فلماذا لا تبدأ بها؟ يجب أن يزول من حياتنا هذا الانفصام وهذا التناقض الرهيب المزري الذي يرفضه الإسلام، ويعود الاقتران بين القول والعمل من جديد (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)(البقرة:44)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُون مَا لاَ تَفْعَلُونَ)(الصف:2)، وقال شعيب -عليه الصلاة والسلام-: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ)(هود:88)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه) متفق عليه.

 

أيها الأخوة لقد وجد بيننا من يجيد التحدث عن الإسلام، ولكن قلّ بيننا من يعيش الإسلام ويعيش للإسلام ومن هنا كان المظهر أكبر كثيراً من الحقيقة، وكانت خيبات الأمل في كثير من المسلمين وكان المتحدثين عن الإسلام أدوات للاستغلال والتضليل.

يجب أيها الإخوة أن يعود الاقتران بين القول والعمل وأن نبدأ بأنفسنا وأن نكون كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر بخير إلا كان أول من يأتي به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له، فهذا هو الطريق. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ . وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)(المائدة:54-56).

وأما نقاط التحول فنتعرض لها المرة القادمة -إن شاء الله-.