بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين، أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله جميعاً في حلقة جديدة من حلقات البرنامج الأسبوعي: التفسير المباشر الذي يأتيكم على الهواء مباشرة من استوديوهات قناة دليل الفضائية في مدينة الرياض، في هذه الحلقة أيها الإخوة سوف نجدد طرحنا في الحديث عن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم بعد أن مرت بنا 7 حلقات كاملة تحدثنا فيها عن موضوعات مختلفة ومتفرقة من موضوعات القرآن الكريم ، وقد استضفنا فيها نخبة من الزملاء المتخصصين في الدراسات القرآنية، أبلوا بلاءً حسناً في الحديث عن هذه الموضوعات القرآنية ، واليوم أيها الإخوة المشاهدون سوف نتحدث عن طريقة أخرى من طرق التفسير الموضوعي ، أو منهج آخر من مناهج التفسير الموضوعي وهو منهج دراسة موضوع من سورة قرآنية ، ولعله يكون في هذا الطرح، إلقاء للضوء على هذا النوع من أنواع التفسير الموضوعي بإذن الله تعالى ، ويكون فيه إضافة للمعلومات لديكم أيها الإخوة المشاهدون، في بداية هذا اللقاء أبها الإخوة المشاهدون يسرني أن أرحب بضيفنا في هذا اللقاء فضيلة الأستاذ الدكتور زيد عمر عبد الله العيص الأستاذ بجامعة الملك سعود المتخصص في الدراسات القرآنية، حياكم الله يا أبا أسامة. الضيف : وحياكم الله وحيا الله المشاهدين والمشاهدات الكرام، المقدم : الله يحييك يا دكتور زيد، ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بالبرنامج .. حياكم الله يا أبا أسامة مرة أخرى، وأسأل الله أن يتقبل منك استجابتك لهذه الحلقة، أنتم يا دكتور زيد قد صنفتم كتاباً في التفسير الموضوعي بعنوان (التفسير الموضوعي: التأصيل والتمثيل) وهو كتاب كبير الحجم، نشرته مكتبة الرشد وقد قرأنا الكتاب أول صدوره وأعجبني كثيراً، فأحببت أن يكون موضوعاً في هذه الحلقة دكتور زيد هو الحديث عن التفسير الموضوعي لموضوع من خلال سورة قرآنية، ولعله بالحقيقة حتى الآن بالرغم من أننا تحدثنا في 7 حلقات ماضية عن موضوعات قرآنية إلا أننا لم تتوقف ولم تخصص حلقة كاملة لتأصيل موضوع التفسير الموضوعي، و لعلنا نفعل ذلك إن شاء الله. دعنا نجعل هذه الحلقة دكتور زيد بداية للتأصيل في هذا الموضوع: التفسير الموضوعي بصفة عامة، والمقصود به، وما هي الفائدة التي يجنيها القارئ أو المشاهد من تعريفة بالتفسير الموضوعي ثم نركز على جانب التفسير الموضوعي لموضوع من خلال سورة كما نعلن في عنوان هذه الحلقة، فحياك الله وبياك تفضل: الضيف : حياكم الله أولاً الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وتحياتي لكم ولمشاهدينا الكرام، أنت بدأت في الكتاب، واسمح لي أبدأ منه، قد لا يكون ذلك لائقاً علمياً، الكتاب بحد الاسم : التفسير الموضوعي التأصيل والتمثيل هذا النوع من الدراسات جمع عليه من بعض الباحثين حين أغفلوا التأصيل وذهبوا إلى التمثيل فلم تكن هناك مرجعية لمن يكتب في هذا الموضوع، فوضعت دراسات زعم أنا تفسير موضوعي وهي إلى التفسير الإجمالي أقرب ، ثم إن المجالات تعددت واختلفت فيها الآراء، طريقة عرض هذه الموضوعات أيضاً تعدد، والسبب في ذلك عدم وجود تأصيل، فاجتهدت أن أوصل لهذا الموضوع، ولعلي ذكرت بعض المعالم التي تعين الباحث الذي يريد أن يلج هذا الفن اللطيف الخفيف من خلال هذه الدراسات التي بين أيديكم، نحن إذا أردنا أن نلتزم بعنوان الحلقة، مثلاً نتحدث عن التفسير الموضوعي من خلال الموضوع في سورة ، وفي خلال حديثنا عن هذه المسألة سنشير إلى بعض جوانب التأصيل، أنا أوصلت جوانب المجالات إلى ستة. المقدم : يعني أنواع التفسير الموضوعي؟ الضيف : مجالات التفسير الموضوعي هي 6 فذكرت منها الموضوع، السورة، الموضوع في سورة المفردة الحرف وأخيراً المقالة التفسيرية، أنت أحسنت في الاختيار بدون تنسيق بيننا طبعاً، في اختيار الموضوع في سورة، لأنه يفتح المجال للحديث عن مجالات أخرى المجال الأول: هو الموضوع ، والموضوع فيه إشكالات وفيه صعوبات، لم يعرض للموضوع بالقرآن كله، وهذه لا يقدر عليها إلا باحث جاد طويل النفس؛ لأنه( لملحة) أطراف موضوع واحد من القرآن ليس بالبساطة بخاصة حين نعلم أن الموضوعات متباينة حيث حجمها ثم إن آياتها مثبوتة بالقرآن كله ، فكان بعض الناس يجد صعوبة في معالجة هذا الموضوع وإن عرض له أقصد عمداً، تجاهل أو جهل بعض آياته فتأتي دراسته ناقصة، يأتي، ولهذا عزف عنه بعض الناس (اللي) هو الموضوع في القرآن... نعم يأتي بعد هذا المجال مجال السورة، تفسير السورة تفسيراً موضوعياً. وهذا الحقيقة أشد وعورة مما سبق والسبب : السورة تضم موضوعات متعددة ، وغالب موضوعات السورة الواحدة هذه موجودة في السور الأخرى ، فالباحث أمام أمرين أحلاهما مر، إما أن يلتزم بموضوعات السورة فقط ولا يخرج عنها إلى غيرها وبالتالي قد تكون دراسته مبتورة للموضوع ، لأن موضوع النفاق مثلاً في سورة النور فرضاً، تكملته في سورة آل عمران وفي البقرة وغيرها ، فإن اقتصر على السورة جاءت دراسته مبتورة، وإن خرج إلى السور الأخرى ليكمل الموضوع نقول له : تجاوزت حدود السورة فرجعت إلى المجال الأول وهو الموضوع. ثم إن وضع إطار بجمع موضوعات السورة الواحدة تحت غرض واحد أو مسمى واحد هذا أمر في غاية الصعوبة حقيقة. المقدم : يعني استخراج عمود السورة؟ الضيف : عمود السورة أو الغرض الأسمى أو شخصية السورة أو الغرض العام منها هذا في الحق موضوع ليس بالسهولة لكنه ممكن. المقدم : يعني يحتاج إلى تأمل وتدبر؟ الضيف : يحتاج إلى تأمل وتدبر، الشاطبي له في ذلك دراسات طيبة، الدراج: عبد الله الدراج له من خلال كتاب النبع العظيم؟ نعم وله أيضاً إشارات جميلة طيبة لكن حقيقة إن الموضوع ليس بالسهولة وفقاً للدقة في السورة في القرآن ما المخرج إذاً لبعض الباحثين الذي يريدون أن يكتبوا موضوعات يعني تخلو من هذه الإشكالات أولاً يواجهون عقبة لجؤوا إلى ما يمكن أن نسميه حلاً وسطاً باختيار موضوع في سورة. المقدم : يعني أحق؟ الضيف : أحق هو من حيث موضوع، ولكن في سورة محددة ، لكن هذا لا يخرج إلى غيرها في السور وليس ملزماً ببقية الموضوعات المجاورة لموضوعه الذي اختاره، لكن قد يتوهم أن هذا الموضوع سهل وهو ليس كذلك. والسبب في هذا تجربة مع طلابنا عندما نقول له : خذ موضوعا في سورة يقول ممتاز كم الآيات نقول مثلاً آية واحدة، لكن يغيب عن باله أنه إذا أخذ آية أو آيتين فهو ملزم بمزيد من التعمق ، يعني أنا أعطيك مثالا والكتاب بين يديك: الموضوع في السورة الموجود عندك هو المستحقون للزكاة من خلال سورة التوبة، المستحقون للزكاة في كم آية ورد؟ في آية واحدة، تقريباً عدد كلماتها في ما أذكر 13 كلمة، أنا كتبت فيها عندك بارك الله فيك كتبت فيها أنا 160 صفحة، 170 صفحة تقريباً، في آية واحدة فما تصور أحد أن أكتب صفحة 170 في آية واحدة، وهي طبعاً كلها للعلم، عفواً، أنا أقول هذا الكلام لأقرب المعنى للمشاهد الكريم الـ 170 صفحة في هذه الآية هي كلها في التفسير وليست في ا لفقه بل إذا عرض لي موضوع فيها أشرت إلى أن هذا ليس مجاله. المقدم :هو مجاله كتب الفقه؟ الضيف : كتب الفقه وهذا ما يلزم به الباحث، لا يمكن أن يسمي موضوعاً إذا أعطيته، أو أخذ آيتين ثم كتب فيها صفحتين، فأنا أعتقد لو سألني أيهما أسهل علي أخذ موضوع قرآني أو موضوع في سورة، أنصحه وأقول له الموضوع القرآني أسهل ، لماذا ؟ لأنه سيأخذ آية، لو كتب عنها دراسة عامة سطحية يأتي بـ 100 صفحة وسمى هذا بحثاً، لكن لو أخذ آيتين لا يستطيع أن يكتب صفحتين لابد أن يعمق يضاعف في المراجع، لا يسمح له بأن يغفل الجزئيات في بحثه هذا الصغير ، ثم هنا تعطيه فرصة ليتوسع في دلالات الآية، يعني نأخذ مثالا: لو قال واحد أنا أكتب عن آيات قصة البقرة، بالمناسبة هذا المجال يعرض في الغالب للموضوعات التي لم تتكرر في القرآن، إنما ذكرت في سورة واحدة فقط هذا هو الأصل، مثل قصة البقرة قصة المائدة قصة قارون، قصة الإفك، الفيل وأصحاب الفيل، هذه التي لم تنكر إلا فقط في مجال واحد لو أن شخصاً كتب عن قصة البقرة، قصة محدودة في آيات محدودة، هنا يجد أمامه فرصة للتوسع مثلاً: يعني يبدأ بمقدمة يقول لم سميت سورة البقرة ، هذه السورة الكبيرة التي أخذت تقريباً على 3 أجزاء أو أقل بقليل من القرآن الكريم لماذا سميت بسورة البقرة؟ هناك موضوعات أهم، ذكرت الصلاة والصيام والزكاة والإيمان والحج، ذكرت كلها، أهم من البقرة نقول : البداية الله سبحانه وتعالى ذكر هذه القصة هنا ليبين أن الله طلب من بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة، فاستنكفوا ولم يتمثلوا وطلب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم مئات التكاليف في هذه السورة فالتزموا. فأصبحت رمزاً، ثم تمشي تربط هذه القصة بالواقع، بالمناسبة التفسير الموضوعي إذا لم يرتبط بالواقع فلا يؤدي غرضه، يعني هذا من شروط البحث الجاد في التفسير ، أن يعالج الواقع؛ لأنك أنت تأخذ آيات محدودة، 5 آيات، تعطيك فرصة أن تتوسع في الدلالات في الاستنباطات، يعني أنا عندما أقف مع هذه القصة وأجد أن الله طلب بقرة ما من بني إسرائيل عن طريق نبيهم وجرت مفاوضات على عدة لقاءات و جلسات وحوارات بين موسى ـ عليه السلام ـ وبين قومه، وهو ذاهب بينهم وبين ربه ـ سبحانه وتعالى ـ حتى أخيراً ذبحوها وما كادوا يفعلون، أليس في هذا درس لأولئك الذين الآن يفاوضون اليهود؟ بلى . موسى عز أن يأخذ بقرة، أسيأخذ هؤلاء القدس، هنا يأتي دور التفسير الموضوعي ؛ لأن بعض الناس يقول لك: أنت تطلب مني بحثاً بـ 100 صفحة وأعيتني 5 آيات ماذا أصنع بها قليلة، أقول له : لو أدركت دلالة هذه الآيات وما بها من استنباطات وهدايات وحكم وأدركت الغرض من التفسير الموضوعي فإنك ستنطلق، لكن السورة لقصة المائدة مثلاً، يقول لك: ماذا أقول فيها؟ أن أصحاب عيسى عليه السلام بعد أن رأوا معه ما رأوا من آيات طلبوا مائدة سبحان الله، مائدة! أصحاب موسى عليه السلام صاحبوه طويلاً ورأوا منه ما رأوا من آيات وحقق الله لهم على يديه الخير العظيم، طلبوا بعد ذلك فوماً وعدساً وبصلاً، ثم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم طلبوا منه الطريق إلى الآخرة، يسألونك ماذا ينفقون، يسألونك عن الأهلة، لا يسألون لا عن بصل ولا عن عدس ولا عن مائدة، وكان إذا قابل أحدهم، أراد أن يكافئ أحدهم صلى الله عليه وسلم: سلني: أسالك مرافقتك أو غير ذلك: أسألك مرافقتك في الجنة هذا مدخل للموضوع. أيضاً خليني أضيف نقطة أخرى عندما نأتي إلى قصة الإفك يقول لك : قصة حصلت في وقت ما في عصر ما وانتهت لكنها ما انتهت، سلطوا الضوء فيها على أعداء هذا الدين يحاولون أن يسلطوا وسائل الإعلام للنيل من رموز هذه الأمة، لأنه عجز هؤلاء أن يصيبوا الإسلام في ذاته، فأرادوا أن ينالوا من الإسلام من خلال رموزه، هذا الطرح يجدد عطاءات هذه الآيات ويجعل منها موضوعات معاصرة موضوعات حية يمكن أن يكتب فيها بدل الصفحة 100 – 200 أو 30 صفحة وهي عبارة عن 4 – 5 آيات. المقدم : صحيح وتكون هذه الصفحات مفيدة ونافعة وعميقة. الضيف : وهي لا تخرج عن التفسير بالمناسبة، يعني يدور الباحث ثم يعود إلى نقطة الارتكاز. في المائدة أو البقرة أو قصة الإفك أو ما شابه ذلك لا يخرج عنها لكنه يتوسع للآيات التي بين يديه، قليلة تعطيه فرصة أن يستخرج منها ما شاء الله له أن يستخرج. المقدم : هذا كلام رائع جداً، قبل أن ندخل في صلب نموذج السورة، أو من خلال موضوع في سورة ليتك تكمل بقية المجالات التي ذكرتها، أنت ذكرت الآن الموضوع وذكرت السورة ذكرت الآن الموضوع من خلال سورة بقي المفردة، الحرف.. الضيف : يعني هذه تحتاج إلى وقت طويل، لكن يمكن أن نذكر بشيء ما يكشف عن بعض دلالاتها موضوع المفردة: من خلال القرآن مثلاً: دراسة المفردة القرآنية تقدم خدمة عظيمة للمستغلين في التحليل التفسيري لماذا ؟ هذه الدراسة تقوم على تتبع هذه اللفظة في القرآن كله، لنرى عادة القرآن في استخدامها، كلمة عادة سبقت إليها من الرازي ثم تبعه ابن عاشور، فأنا مقلد لهما يعني القرآن له عادة كما يقولون في استخدام لفظة معينة وخذ مثالا سريعا : أرجو أن يتسع له الوقت ونحن الآن دخلنا جزءا من التأصيل في كلامنا في موضوع الزينة، (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) ما الزينة هنا؟ الخلاف المعروف والمشهور قيل الزينة: الوجه والكفان ، وقيل الزينة اللباس : الزينة الظاهرة الزائدة الآن يسمونها الزائدة عن الذات، يعني ما تزين الذات، إذاً هما رأيان: هل الزينة الواردة في الآية هنا هي الذات أو ما يزينه، ما يزين هذه الذات؟ خلاف طويل، كيف يمكن أن نجيب عن هذا السؤال، بدراسة موضوعية للفظة الزينة في القرآن . جميل، تتبع الزينة باستخدام القرآن لها. إذا تتبعنا هذه الدراسة سنجد أن القرآن الكريم لم يطلق لفظ الزينة إلا ما زاد على الذات (خذوا زينتكم عند كل مسجد) خذوا زينتكم ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت) نعم ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) ففي استخدام القرآن : الزينة ما زاد على الذات لأنها هي تزين الذات هذا كله محل اتفاق. المقدم : جميل؟ فيكون معناها إلا ما ظهر منها؟ الضيف : الزينة هنا المراد هي الزائدة عن الذات وليست الذات عينها، هذا مثال يعني لو الحرف: يقول لك يا أخي أنت (ليش) تدرس الحرف، هذا يعتبر المجال الرابع، الحرف: ماذا يعني تفيدنا دراسة الحرف، يعني خلينا نأخذ مثلاً الحروف الأوضح، حروف الجر: إلى دلالاتها في القرآن، أو حرف العطف و لها دلالاتها في القرآن نحن عندنا خلاف كبير في موضوع الترتيب، هل الترتيب في الوضوء شرط بصحته أو ليس بشرط؟ خلاف فقهي معروف، نعم، نعم، الخلاف الفقهي هذا مبني على دلالة الواو هل هي تفيد المجرد العطفي أو تأخذ مع العطف الترتيب، من يحسم هذه القضية؟ دراسة موضوعية لحرف الواو من خلال القرآن: حرف على : الخلاف في إلى : إلى المرافق، إلى الكعبين ( ثم أتموا الصيام إلى الليل) هل نأخذ جزءاً من الليل، هل نأخذ جزءاً من المرافق؟ خلاف فهي من يحسمه؟ نحن في دراستنا لهذا الحرف، نتتبع هذا الحرف وندرسه، المجال الأخير أنت يا أبا عبد الله تستطيع أنت مثل التاجر تسرق، بدل ما تعمل حلقة ثانية لهذا الموضوع دخلت موضوعا في موضوع، فالمجال الأخير مجال المقالة التفسيرية: ماذا نصنع بالمقالة؟ المقالة بحر واسع، لو أنك قلت لشخص اكتب لي عن النملة مع قصة سليمان، يقول الله يا أخي : نملة (أيش أسوي) فيها هذه النملة، لا في : ( وقالت: نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) أنا آخذ في هذه الآية موضوعين كبيرين: 1- الغيرة على المصلحة العامة، ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) جزاها الله خيراً، لذلك كثيراً من الناس الذين أهملوا المصلحة العامة والله الآن عدد كبير من الناس مستعد أن يختزل العالم كله لمصلحته ( وإذا مت ظمآن فلا نزل القطر) نملة يا عباد الله تنادي بصوت: (ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده) موضوع كبير ( وهم لا يشعرون) هكذا حسن الظن : إلى الآن حسن الظن صار عزيزاً أنا أكتب المقالة في صفحة، وقفه مع النملة سليمان، أقول لك : أنا أكتب عن الغيرة على المصلحة العامة، وإحسان الظن ومثلها كثير (وكلبهم باسط ذراعية بالوصيد) تصلح أن تكون مقالة تفسيرية وتصلح أن تكون كلمة توجيهية، خطبة الجمعة بالنسبة للخطباء أمثالك، يعني لو توقفت يوما عن خطبة ، وقلت اليوم سأحدثكم عن نملة سليمان توقع أن سينتابك عشرات المصلين قبل ما تدعي تتكلم سيسبحون كلامهم عنك. (وكلبهم باسط ذراعيه) حسن الصحبة، يا سبحان الله كلباً في كتابه .... الله بهذه اللفظة، منف.... لموضوع: الموضوع من خلال سورة: هذا الموضوع ب تبرز أهميته من خلال الأمور التالية: في الغالب الموضوع في سورة قد يتوارى في أثنائها. كنا نقول في ثناياها، وتبين لي أن الثنايا غير صالحة في هذا المجال، لذا في أثنائها وهو الصحيح، والمثال عندك الآن: هذه آية التوبة، رقمها 60 وهي تتحدث في قضية غاية الأهمية. مصارف الزكاة، تتحدث عن ركن من أركان الإسلام، سياقها هل هو سياق عبادات؟ لا سياق حديث عن المنافقين، المقدم : يعني جاءت هذه الآية في الحديث عن المنافقين؟ الضيف : المنافقين حين يلمزون الرسول صلى الله عليه وسلم في الصدقات، ولم يعطوا منها، الحديث الآيات الطويلة كما لا يخفى عليك. في هذا الأثناء أراد الله أن يبين أن لا حق لهؤلاء بل الحق كذا وكذا وكذا ثم استمر الحديث عن المنافين، فالذي لا ينتبه لها يكاد يقف على هذا الموضوع، يقال لك هذه الآيات كلها تتحدث عن المنافين جميل جداً، هذه لفتة جملية. المقدم : دور البحث يأتي في .... الآية، مثل ما تجد أنت في فصل دراسي، أمامك 40 طالبا كلهم في مستوى واحد جالسين، أنت تأتي لواحد تقول له : قف؛ لأنه هو المتميز الوحيد بينهم كما تعلم، ستبرزه وتتكلم عنه لأنه ربما يمتاز بصفات لا توجد في غيره، هذه الآية تأتي وتبرزها، من بين الآيات في الحديث عن المنافين تأتي آية الصدقة؟ الضيف : أنها تتحدث عن ركن من أركان الإسلام، هذه تشبه ( صلوا كما رأيتموني أصلي) و ( خذوا عني مناسككم) هذه توزيع الزكاة فتخرجها لهذه الأصناف الثمانية التي ذكر الله استحقاق الزكاة لم ترد إلا في هذا الموضوع؟ لم ترد إلا بهذا الموضع بهذا الأسلوب وهذا الجميع لكنها وردت متفرقة في القرآن كله باستثناء العاملين، ورد نص لهم، والمؤلفة قلوبهم، أما الأصناف الأخرى وردت، ذكرت لكن لم تذكر على أنها صاحبة حق لازم بل ذكرت عند حديث القرآن عن مطلق الإنفاق والتصدق وأكثرها وردت في سور مكية لكن هنا الآن ( إنما الصدقات) والمقصود بالصدقات هنا الزكاة المفروضة؟ هي في القرآن إذا أطلقت الصدقات وهذه عندك دراسة، هي المراد بها الزكاة المفروضة ومطلق الإنفاق، لكن عندما قيدت هنا إنما، دلت على أنها الزكاة المفروضة فقط لأن الزكاة مطلق الزكاة ليست تحصره في أصناف ثمانية. المقدم : طيب كيف يمكن أن نتحدث في هذا عن سبب النزول مثلاً؟ الضيف : ينبغي أن لا تنتزع الآية من سورتها، تبقى في محضنها، هذه السورة مدنية، هي سورة التوبة وهي الفاضحة تتحدث عن المنافقين، هذا الموضوع توزيع الأموال على مستحقيها غالباً ما يحصل فيه لمز وغمز وتعدد وجهات نظر واعتراضات، هذه مسألة مهمة دعت الإشارة إلى مبدأ الاعتراف الذي كان يدين المنافقين عليه، فهم يعترضون على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هم يلمزون ويحاولون بل يفرضون آراءهم، من خلال هذا الموضوع تبين أن السورة تتحدث غالباً عن المنافقين، وأنها سورة مدنية، ثم تتحدث عن سياق الآيات، موقع هذا الموضوع في هذا السياق كما قلنا قبل قليل مع البقرة. سورة البقرة، البقرة جاء بعدها تكاليف شاقة، كما لا يخفى عليك، صلاة وزكاة وحج وإنفاق ورضاع... كما تعلم كلها شاقة قبل ما ندخل فيها انتبهوا ترى طلبنا منهم بقرة فتترددوا فتنزع منه النبوة والخيرية ونزعت منهم راية قيادة الأمة ودفعت لكن فاحذروا، مقدمات: حتى يستحضر الباحث هذه المعاني وهو يوجه دلالات هذه الآية في هذا المقام، ثم بعد ذلك يبدأ بالحديث في الآية هنا، في هذا المقام هو الآية هذه نقطة ارتكاز،وحجر الرحى كما يقول لك يدور معه المؤلف، لكنه لا يغض الطرف عن المواضع الأخرى، فقد وردت كلمة الفقراء والمساكين في مواطن كثيرة، ما دلالات هذه الآية في المواطن؟ ثم كما قلت لك: هي آية واحدة، من حقلك أن تتوسع، لو كان عندك 100 آية انقل لي يا أخي ما أستطيع أن أتوسع في البحث (رح) يصير عندي 500 صفحة، أقول لك هذه آية (إنما الصدقات) اللام هذه هل هي للتمليك أو للاستحقاق؟ يعني نتوقف مع كل قضية (إنما الصدقات للفقراء) هل هي ( إنما الصدقات للفقراء) كقولك إنما القلم... مثلاً أو ( إنما المفتاح للباب . الأولى تمليك والثانية استحقاق ، وهذا إذا حسمت هذه القضية فإنها تخفي خلفها خلافاً كبيراً جداً ولهذا الخلاف ثمرة عظيمة جداً، وما هو ؟ طويل باختصار:إذا قلنا اللام للتمليك وجب عليك إذا كان عندك أنت 80 ريال زكاة، يجب أن تعطي الثمانية أصناف كل واحد منه وإلا لا تجزئ لأن الله ملك الثمانية فملكهم. المقدم : كل واحد من هذه الأصناف لابد أن يأخذ حقه ؟ الضيف : نعم ،لأنهم أصحاب حق في ذمتك، إذا أعطيت 7 وأغفلت واحداً، أنت إذا كان المراد بها التمليك إذا كان المراد الاستحقاق، فما نعني بالاستحقاق هنا نعني إخراج ما سوى الثمانية يعني أعطيك مثالا: جاءك واحد وقال لك يا دكتور عبد الرحمن هذه 5000 ريال للمصلين في مسجدك معنى ذلك أنك تعطيها للمستحقين، إذا عندك مصلٍّ ما شاء الله (اللي) بنى المسجد يصلي خلفك تعطيه منها 50 ريال هل يعقل هذا ؟ لا لكن معنى هذا : إذا جاء واحد من مسجد جوارك تقول له يا أخي الكريم صاحبها جعلها لأصحاب المسجد، في هذا المسجد فقط، هب أنك بعد ما وزعت جاءك مستحق من هذا المسجد وقال لك يا دكتور أنت وزعت على الناس ولم تعطني؟ وأنا من أهل هذا المسجد. تقول له : والله المبلغ كان للمستحقين، وأنت واحد منهم ولكن ما كفى الجميع، ولعله إن جاءنا آخر نعطيك، يخرج يقول لك جزاك الله خيرا، لكن على المعنى الأول معنى التمليك يقول لك لا أريد حقي والذي أعطاك المبلغ لك لي، هذا كله أخذناه من حرف اللام، دلالة اللام. المقدم : معنا الأخ مخلص من السعودية تفضل. المتصل : عندي سؤال بالنسبة لو تكلمنا عن إبداعات القرآن من هم المستحقون للزكاة في زماننا هذا سمعنا في الآونة الأخيرة عن فتوى عن (اللي) راتبه 5 -4 آلاف غير مستحق للزكاة، ما رأيك؟ المقدم : عفواً نواصل في الآية: فأقول عندما يعرض للآية الواحدة لا يسمح له أن يتجاوز شيئاً منها، يعني يطالب بكل التفاصيل، ( إنما) يقف مع الإمام وقفة طويلة جداً، دلالة إنما تعطي هذا الحق لهؤلاء ليش قال : إنما ؟ واللام هنا ثم يقف مع الفقراء والمساكين، لماذا قال : الفقراء والمساكين؟ . الضيف : هذه قضية كبرى، الآن أنا أريد أن أوزع زكاتي، هب أنني أخذت بالرأي الأول الذي يقول أن اللام هنا للتمليك، وهو ما ذهب إليه الشافعية، إذاً أنا ملزم أن أعطيها الـ 8 أصناف. لا تقول لي لا توجد؟ الثمانية موجودة للعلم. أنا أريد أن أفرق بين الفقير والمسكين،، حتى تبرأ ذمتي عند الله تعالى، حديث طويل جداً، الناس يعني أنا أوضح فقط هنا: الخلاف بين الفقير والمسكين خلاف طويل عريض، أنا باختصار أقول من خلال دراستي لهذه الآية والآيات المصاحبة لها أن المسكين هو الفقير المحتاج المعروف لدى الناس. بهيئته، بعينه وهو يقبل ما تيسر ريال – خمسة – عشرة فائض طعام، هذا الذي يقبله المسكين، لأنه جمع إلى الحاجة مذلة وهي المسكنة، فأمره معروف ؛ ولهذا جعل الله له الكفارات، إطعام 60 مسكين، إن أعطيته يقبلها 10 مساكين – صاع تمر نصف كيلو رز يأخذها هذا هو المسكين ، الفقير هو المحتاج إلى علم الناس بحاله، ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ... لا يسالون الناس إلحافا) هؤلاء هم الفقراء. هذا محتاج متعفف مستور، وذاك محتاج متعفف مشهور، في هذا المقام، أدخل موضوع في موضوع من المسائل التي يحصل فيها التفسير الموضوعي: الاستعانة بالحديث . يأتي هنا دور حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماذا يقول : ليس المسكين الذي ترويه اللقمة واللقمتان، ولا التمرة والتمرتان، لكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يتفطن له) هذا تفسير للفقير، لا يجد غني يكفيه، ولا يتفطن له (اقرءوا إن شتم: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنتم تعتقدون المسكين الغلبان الذي ينبغي أن يبكي على حاله هو ذاك الذي يقف في الشوارع، تعطيه ريالا ويقول لك جزاك الله خيرا ليس هذا المسكين حقيقة، هناك مسكين أشد حالة، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( الذي يحسبه الجاهل غنياً من التعفف )، هذا الموظف أبو 4000، ربما يدخل في هذا قد يكون من ناس دخله 1000 أو 2000 ريال وتجده ما شاء الله لابس ثوب 200 ريال ومضبط عقاله ويخرج من بيته على الدوام يعود من العمل ما شاء الله ؟ وهو موظف صغير في شركة 1800 ريال، 1200 ريال هيئته تقول: ما يستحق لكن الحقيقة الأمر هذا المسكين هو لا يسأل ولا يتفطن له. ولهذا اختم فأقول: نأتي أيضاً لماذا قدم الله الفقراء على المساكين. هناك اتصال: المقدم : الأخ مخلص يقول إبداعات القرآن، أنا اطلعت على بحث الدكتور زيد: الإبداع العلمي في القرآن الكريم وبعضهم كتب الإبداع العلمي في سورة كذا، أنا ما قرأت الكتاب ولكني استغربت من العنوان هل مرعليك مثل هذا: الإبداع العلمي في القرآن العظيم؟ الضيف : أنا أظن أن الأخ يقصد تفردات القرآن الكريم، في بعض الأساليب التي لم يسبق إليها آه: إبداع من الأسلوب يعني ؟ وانفراد القرآن، مثل ( أصلحوا ذات بينكم) ( سقط في أيديهم) هذه كلها أساليب لم يسبق للقرآن أن استخدمها ومنها بعض المصطلحات مثل النفاق في دلالته القرآنية، هذه عرض لها ابن عاشور وكان يقف عندها. لعل الأخ يقصد هذا. الضيف : موضوع الجماليات: الجماليات لا تأتي لمجرد أن تقرأ في القرآن خاصة إذا كان الأخ ليس متخصصا، إذ الأخ يبحث عن الجماليات، أنا أرشده إلى كتاب واحد فقط وهو: (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) لفيروز آبادي، فكله جماليات وكله تفكه. المقدم : الأخت أم عبد الرحمن : نريد أن نفيدها: في قضية التفسير الموضوعي تقول أنت الآن عندما تحدث عن موضوع من خلال سورة: الضيف : سؤالها واضح ودقيق، التناول يختلف، يعني أنت تدرس آية أو موضوع من خلال سورة أنا قلت ( إنما الصدقات للفقراء) توقفت مع اللام، توقفي مع اللام هنا بحدود الحاجة . لفظة الفقراء والمساكين في حدود الحاجة فقط يعني ما يدعو له المقام في هذا الموضع فقط، بخلاف لو أفردتها في البحث ؟؟ الضيف : سأتوسع فيها كثيراً لا خلاف في ذلك، وهذا يدل على أن هذه الدراسات ليست سهلة. المقدم : يعني للمعلومية دكتور زيد وأنت أدرى ، هناك من كتاب في التفسير الموضوعي وتأصيله مثل الدكتور مصطفى مسلم، ما قسموه هذه التقسيمات التي ذكرتها يعني مقالة قرآنية هذه أول مرة أسمع فيها في كتابك. الضيف : يبقى لمشايخنا الذين ذكرتهم فضل السبق. المقدم : سألت: في قضية عندما أدرس في موضوع من خلال سورة؟ الضيف : هذا سؤال الطلاب جميعاً، كم كتاب يعني كونها إحدى الأخوات خليني أجاوبها بالبلدي، لو أنها نزلت للسوق قبل 10 أيام لتشتري لأولادها ملابس عيد هل ستحدد كم محل ستدخل؟ طبعاً لا لا يمكن تقول اسمعوا يا أولاد أنا سأدخل 4 محلات إن وجدنا فيها وجدنا وإن لم نجد نعود للبيت معقول! ستدخل جميع المحلات حتى تجد حاجتها، فإذا وجدتها عادت لبيتها وأقول لها: للبحث حاجات واحتياجات تدخلي كتب التفسير التي تلبي هذه الاحتياجات قد تكون 10 وقد تكون 100 أما أن نعطيها فلا وألف لا وهنا يبدو لي أن يظهر تميز الطلاب بعضهم عن بعض في قدرتهم على الرجوع إلى المراجع.. المقدم : الطالب أحياناً يقول لك: يكفي أربعة كتب، خمسة كتب؟ الضيف : هذا السؤال لا جواب عليه لأنه خطأ، والسؤال الخطأ ليس له جواب. المقدم : الموضوعات يعني تختلف؟ الضيف : تختلف، احتياجات قد تجد حاجتك في 5 كتب وقد لا تجدها في 50، ثم أيضاً أنا في تصوري لو أنها على سبيل المثال: ظن الباحث أنه قد استوعب، قد يأتي من يستدرك عليه فيجد مفردة في الموضوع الذي كتب فيه مخطوطة، فيظن الباحث أنه قد أغفل شيئاً مهماً وهذا وارد ، فأنت لا تستغرب عندما يستدرك عليك أحد في أنك أغفلت كذا أو أغفلت شيئاً مهماً في مسألة؟ الهدف من البحث يحدد مقدار الأساليب قد يكتب الشخص بحثاً مصغراً فهو ليس ملزماً بالاستيعاب، قد يكتب رسالة دكتوراه فهو ملزم بالاستيعاب، قد يكتب كتاباً يتوقع هذا الكتاب يكون مرجعاً للناس يجب عليه الاستيعاب فالغرض من الكتابة تحدد مقدار الاستيعاب . المقدم : أسأل الله أن يوفقك دكتور زيد، امتننا في هذه الحلقة وأنا الحقيقة أشكرك وأشكر هذه اللافتات الجميلة في التفسير الموضوعي: التأصيل التمثيل للدكتور زيد عمر ففيه موضوعات كثيرة في ختام هذا اللقاء نشكر الله تعالى الذي هيأ هذا اللقاء وأشكركم على المتابعة وأشكر باسمكم ضيفي في هذا اللقاء أستاذنا الدكتور زيد عمر العيص، شكر الله لكم. شكر الله لكم أيها الإخوة المشاهدون، نلقاكم في الأسبوع القادم إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،