كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فإن التجارة الناجحة في عصرنا هذا هي التي يحسن أصحابها عرضها, ولكن هناك تجارة أخرى هي سبب فلاحنا وحياتنا الطيبة، ألا وهي التجارة مع الله -تعالى-، هذه التجارة التي أرشدنا الله -تعالى- إليها فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(الصف:10-13)، إنها تجارة رابحة رائجة طيبة يجب علينا التعامل معها، ودعوة الناس جميعاً إليها، ونصرها بكل مستطاع ومتوفر، وإن من وسائل نصرها: الكتابة عبر -شبكة الإنترنت- هذه الشبكة العجيبة التي أنعم الله -تعالى- بها على عباده وواجب عليهم شكرها باستخدامها في طاعة الله لا في معصيته، وفي الدعوة إلى الله -تعالى- والتواصل بهذا الدين العظيم مع البشر أجمعين.
مستخدم الإنترنت:
معلوم أن الكتابة تنبع من نوعية القارئ والمادة المطلوب وصولها إليه، وإذا نظرنا إلى طبيعة هذا المستخدم نجده لا وقت لديه للمقالات الطويلة ولا للأبحاث إنما يريد المعلومة السهلة السريعة المركزة، ومن هذه المسلمة نبين -إن شاء الله- بعض النصائح التي تعين على كتابة المقال بطريقة صحيحة جذابة.
تعريف المقال:
المقال: هو قالب من النثر الفني يعرض فيه الموضوع عرضاً مسلسلاً مترابطاً، يبرز فكرة الكاتب وينقلها إلى القارئ نقلاً ممتعاً مؤثراً.
أنواع المقال:
والمقال من حيث الحجم إما أن يكون قصيراً يدور حول فكرة واحدة يعرض بطريقة مركزة مشوقة بأسلوب واضح وعبارات سهلة، وإما أن يكون طويلاً يتراوح بين صفحتين إلى عشر صفحات، ويتناول موضوعاً واحداً، يعرض بطريقة جذابة، وبلغة سهلة تحقق الإمتاع والتأثير، وعلى كل فالسمة الأساسية للمقال هي:
الإيجاز والوضوح:
وقد كان النقاد العرب يشيدون بالإيجاز والوضوح، ويكون ذلك بتحديد الأفكار ومراعاة الترابط والتسلسل بحيث تؤدي كل فكرة إلى ما بعدها وأن تكتب بأسلوب واضح بعيداً عن ضعف العبارة وعن الحشو والتطويل في الجمل وهذا هو الفرق بين المقالة والخطبة، فالخطبة تقوم على إثارة المشاعر والإطناب، وأما المقالة فهي تقوم على القصد في التعبير والإيجاز.
قبل أن تكتب:
لكي نتقن كتابة المقال فلابد من مراعاة ما يلي:
1- اعلم أنك مسئول أمام الله -تعالى- عن كل كلمة تكتبها يداك من خير أو شر.
2- وهذا يستوجب منك الإتقان وألا تكتب إلا خيراً بنية صالحة.
3- وأن تقرأ حول أفكار الموضوع قراءة واسعة موثقة.
4- وأثناء القراءة إن وجدت نصاً أو اقتباساً يفيدك من قريب أو بعيد في موضوعك فبادر بكتابته، والأفضل أن يكون كل اقتباس في بطاقة بمفردها، وتكتب مصدره ذاكراً العنوان المناسب له، وعلاقته بأفكارك وإن كان هناك تعليق عليه سارعت بكتابته في حاشية أسفله، وإن كان هناك تعديل منك على النص فاكتبه بين معقوفتين هكذا [ ].
5- لا تبدأ الكتابة إلا بعد حصر المسائل المتفرعة وإعادة النظر في البطاقات لتثبت ما تحتاجه، وتنحي ما لا تحتاجه.
6- راجع ما كتبت بإتقان، وإن رأيت أنه لابد من الكتابة مرة أخرى فلا بأس، فهذا أمر عادي فلا يسبب لك إحباطاً أو يأساً.
7- قد أفلح من استشار واستخار.
8- إن من أسباب البصيرة قوله -تعالى-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)(العلق: 19).
9- إن تعثر عليك أمر فاستغفر الله وراجع نيتك.
10- جدد إخلاصك باستمرار أثناء الجمع والكتابة.
11- كان من دأب العلماء الربانيين أنهم لا يكتبون إلا بعد وضوء وصلاة فليكن هذا منك على بال.
- اختم عملك باستغفار، وسله القبول.
معالجة أمر الكتابة:
بالنظر إلى طبيعة مستخدمي الإنترنت نجدهم متفاوتين في العقلية والثقافة والتدين، وبالتالي فلابد من التوجه في اختيار الموضوعات وطريقة طرحها إلى طريقة لا ترتفع إلى مستوى الذروة ولا إلى درك العامة، بل الوسط والوضوح، فيراعى:
1- أن يختار الموضوع بعناية.
2- أن يكون عنوانه جذاباً مطابقاً للموضوع لأن العناوين أنساب المضامين.
3- أن تكون المقدمة شيقة تبعث القارئ على مواصلة القراءة وأن تؤدي إلى الموضوع.
4- أن يكون عرض الموضوع بلغة سهلة، واضحة وشيقة.
5- أن تكون الأفكار واضحة مسلسلة.
6- لابد من تحقيق الوحدة الموضوعية بين المقدمة والعرض والخاتمة.
7- لا تكتب إلا بأسلوب وحيد من مبتدأ المقال إلى منتهاه.
8- تقوية الفكرة بالأدلة والبراهين القوية الموثقة.
9- أن تكون خاتمة المقال ملخصة لأفكار ونتائج المقال.
10- أعد قراءة ما كتبت حتى تطمئن نفسك عليه، ثم احمد الله على توفيقه وتيسيره
إن من البيان لسحراً:
سحر البيان المحمود هو ما يوضح الحق ويقرره، ويبطل الباطل ويذهبه ما لم يكن إسهاباً مملاً أو اختصاراً مخلاً, ومما يفيد في تحصيل حسن البيان ما يلي:
1- حفظ القرآن واستظهاره وكثرة تلاوته، وحفظ الكثير الطيب من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
2- اقرأ في المعجم الوجيز لتتعرف على مرادفات الكلمات ومصادرها وجموعها.
3- اقرأ في كتب الأدباء والبلغاء من أهل السنة لتأخذ منهم التعابير البليغة والأساليب الصحيحة الفصيحة.
4- اجعل لنفسك دفتراً تكتب فيه كل كلمة أو أسلوب أو بيت شعر عجبك ثم قم بحفظه.
5- اعلم أن البلاغة هي موافقة الكلام لمقتضى الحال أي: يفهمك السامعون والقارئون فلا تغرب في كلامك إنما تأتي باللفظة التي لا تحتاج إلى لفظة أخرى لبيانها.
سمات الأسلوب البليغ:
أخي الكريم: إليك بعض سمات الأسلوب السلس البليغ:
1- ينبغي أن ينبع أسلوب الكتابة وطريقة العرض من نوعية المخاطبين به.
2- اجعل أسلوبك واحداً، محدد الهوية وأن يكون مقالك على إيقاع واحد من أوله إلى آخره، لذلك ينبغي أن تصغي لأسلوبك حتى تكتشف نوع الإيقاع الذي تميل إليه.
3- حدد أفكارك أولاً، ثم ابحث عن الكلمات التي تلائمها، يقول أحد الكتاب: "دع المعنى يختار الكلمة لا العكس".
4- تجنب الجمل الطويلة أكثر من اللازم فهي عسيرة الفهم، وتتطلب مزيداً من التركيز الذي قد يشعر بالملل.
5- أقلل قدر الإمكان من الجمل المشتملة على عناصر كبيرة.
6- لا تجعل بين المبتدأ وخبره وبين الفعل وفاعله مسافة بعيدة.
7- تحاش الاستخدام المفرط للأفعال المبنية للمعلوم التي تقدم الأفكار للقارئ بأسلوب مباشر ومحدد.
8- احذف الكلمات الزائدة.
9- تجنب الجمل الاعتراضية الكثيرة فإنها تشتت الذهن.
10- قسم مقالك إلى فقرات كل فقرة تشتمل على مجموعة من الجمل تدور حول فكرة واحدة ذات كيان مستقل ومتكامل، ولها علاقة وثيقة بما قبلها وما بعدها من فقرات.
11- القدرة على معالجة فقرات المقال وحسن توزيعها، وهذه لها فائدة في جذب انتباه القارئ، وتحفيزه على مواصلة القراءة لأنه يشعر أنه قد انتهى من جزء أو فقرة.