شعبان والاستعداد لرمضان

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : عصام حسنين | المصدر : www.salafvoice.com


شعبان والاستعداد لرمضان

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمابعد،

أخي الحبيب: اعلم أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة عند الله -تبارك وتعالى- لاشتغال الناس بالعادات والشهوات، وإذا ثابر عليها طالب الفلاح دل على حرصه على الخير، قال -صلى الله عليه وسلم- : (عبادة في الهرج كهجرة إلي.)  رواه مسلم. أي: وقت غفلات الناس.

وقال -صلى لله عليه وسلم- (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة بالليل)، لأنه وقت نزول الرب -تعالى- ، وغالب الناس عن هذا الوقت غافلون.

وقد كان سلف الأمة -رضي الله عنهم- يستعدون لشعبان كما يستعدون لرمضان، فعن لؤلؤة -مولاة عمار-  قال: "كان عمار -رضي الله عنه-  يتهيأ لصوم شعبان كما يتهيأ لصوم رمضان."

وكان عمرو بن قيس الملائي -رحمه الله- إذا دخل شعبان أغلق حانوته، وتفرغ لقراءة القرآن في شعبان ورمضان.

أخي:  كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم الليل حتى تتورم قدماه، وهو الذي غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر،

وكان الصحابة يصبحون شعثًا غبرًا صفرًا، قد باتوا سجدًا وقيامًا،

وكان الواحد من سلف الأمة يقيم الليل، ولا يستطيع أن يأتي فراشه إلا حبوًا ويقول : سبقني العابدون.

كان سفيان الثوري -رحمه الله- ينام أول الليل، ثم يقوم فزعًا، وينادي: النار،النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثم يتوضأ ويصلي، ويقول: إلهي إنك علام بحاجتي غير معلم، ما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.

قالت امرأة لعامر بن عبد قيس -رحمه الله-: ما لي أرى الناس ينامون، وأنت لا تنام؟

قال:ذكر النار لا يدعني أنام.‍‍

كان الأحنف بن قيس شيخًا كبيرًا، وكان يصوم. فقيل له: إنك شيخ كبير، وإن الصيام يضعفك.

قال: إني أعده لسفر طويل.

قالت ابنة الربيع بن خيثم لأبيها: يا أبتاه، ألا تنام؟

قال: يا بنية، كيف ينام من يخاف البيات؟

ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود بكى، فقيل: ما يبكيك؟

قال: أسفًا على الصلاة والصوم، ولم يزل يقرأ القرآن، حتى مات.

كان العلاء بن زياد يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس والحسن فقالا: إن الله لم يأمرك بهذا كله. فقال كلمات تستحق أن تكتب بماء الذهب، وتنقش في قلب كل مؤمن:

"إنما أنا عبد مملوك، لا أدع من الاستكانة شيئاً إلا جئته"

وتعبد وبالغ، فكلم في ذلك، فقال: إنما أتذلل لله لعله يرحمني.

والأخبار عنهم -رحمهم الله- كثيرة طيبة، ولا يظنن ظانٌّ أن هؤلاء قوم مضوا، لا، بل ما زالت قافلة الصالحين تسير بخير، والحمد الله،فلست وحدك، بل على الدرب كثيرون.

فنسأل الله أن يرحمنا، وأن يحشرنا في زمرة الصالحين، وأن يعيننا على طاعته، وذكره، وشكره، وحسن عبادته.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.