عالم من أشهر علماء القراءات ، واللغة ، والنحو ، شيخ القراء ، ومقرئ أهل البصرة ، وزعيم المدرسة البصرية النحوية ، من أعلم الناس بالقرآن والعربية . اختلف في اسمه على عدة أقوال فقيل اسمه كنيته وقيل زبان وقيل غير ذلك . هو زيَّان ( زَبَّان ) بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحسين بن الحارث بن جلهمة بن حجر بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمر بن تميم بن مر بن أو بن طانجة بن الياس بن مضر بن معد بن عدنان الإمام السيد أبو عمرو التميمي المازني البصري أحد القراء السبعة . قال الحافظ أبو العلاء الهزاني هذا الصحيح الذي عليه الحذاق من النساب. ينتهي نسبة إلى عدنان ، وهو الإمام السيد أبو عمرو التميمي المازني البصرى أحد القراء السبعة.. ولد بمكة سنة سبعين وقيل سنة ثمان وستين، ونشأ بالبصرة، وتوجه مع أبيه لما هرب من الحجاج فقرأ بمكة والمدينة ، وقرأ بالكوفة و البصرة على جماعات كثيرة ، فليس في القراء السبعة أكثر شيوخاً منه. ـ سمع أنس بن مالك وغيره من الصحابة، فلذلك عد من التابعين، ويوثقه أهل الحديث ويصفونه بأنه صدوق . وقرأ على الحسن بن أبي الحسن البصرى ، وعلى أبي جعفر وحميد بن قيس الأعرج المكي وأبي العالية ويزيد بن رومان وشيبة بن نصاح، وعاصم بن أبي النجود، وعبد الله بن كثير، وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي ، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد المخزومي، وعكرمة مولى ابن عباس، ومجاهد بن جبر ومحمد بن محيصن ونصر بن عاصم ويحيى بن يعْمَر، وسعيد بن جبير . وقرأ الحسن على حطان بن عبد الله الرقاشي ، وأبي العالية الرياحي . وقرأ حطان على أبي موسى الأشعري . وقرأ أبو العالية على عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وابن عباس . وسيأتي سند أبي جعفر . وقرأ حميد على مجاهد وتقدم سنده في قراءة ابن كثير . وتقدم سند يزيد بن رومان وشيبة في قراءة نافع . وسند عبد الله بن كثير. وسيأتي سند عاصم بن أبي النجود . وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق على يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم . وقرأ عطاء على أبي هريرة وتقدم سنده . وقرأ عكرمة بن خالد على أصحاب ابن عباس . وقرأ عكرمة مولى ابن عباس على ابن عباس . وقرأ ابن محيصن على درباس ومجاهد وتقدم سندهما . وقرأ نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر على أبي الأسود . وقرأ أبو الأسود على عثمان وعلىِّ رضي الله عنهما. وقرأ أبو موسى الأشعري وعمر بن الخطاب وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعثمان وعلى رضي الله عنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أبو عمرو لجلالته لا يسأل عن اسمه ، وكان من أشراف العرب ووجوهها . مدحه الفرزدق وغيره من الشعراء، وكان أعلم الناس بالقرآن والعربية ، وأيام العرب والشعر مع الصدق والثقة والأمانة والزهد والدين . قال الأصمعي: قال لى أبو عمرو : لولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ لقرأت كذا وكذا من الحروف كذا وكذا . وروى عنه الأصمعي أيضاً أنه قال: ما رأيت أحداً قبلى أعلم منى. قال الأصمعي : وأنا لم أر بعده أعلم منه. قال الأصمعي: قال لي أبو عمرو لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها ولولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأ لقرأت كذا وكذا وكذا وذكر حروفا . وكان يونس بن حبيب النحوى يقول : لو كان هناك أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شيء لكان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء . وقال ابن كثير في البداية والنهاية: كان أبو عمرو علامة زمانه في القراءات والنحو والفقه، ومن كبار العلماء العاملين، وكان إذا دخل شهر رمضان لم يتم فيه بيت شعر حتى ينسلخ إنما كان يقرأ القرآن . وقال أبو عبيدة : كانت دفاتر أبي عمرو ملء بيت إلى السقف ثم تَنَسك فأحرقها وتَفَرغ للعبادة وجعل على نفسه أن يختم في كل ثلاث ليال . وروى عنه القراءة عرضاً وسماعاً أناس لا يحصون كثرة ، منهم : أبو زيد سعيد بن أوس ، وسلام ابن سليمان الطويل ، وسهل بن يوسف ، وشجاع بن أبي نصر البلخى ، والعباس بن الفصل ، وعبد الله بن المبارك ويحيى بن المبارك اليزيدى ، وسيبويه ويونس بن حبيب شيخاً النحاة . وأخذ عنه النحو يونس بن حبيب ، وسيبويه والخليل بن أحمد ويحيى اليزيدى . وأخذ عنه الأدب وغيره طائفة منهم : أبو عبيدة معمر بن المثنى ، والأصمعى ، ومعاذ بن مسلم النحوى. ويروى بعض المؤرخين عن أبي عمرو أنه قيل له متى يحسن بالمرء أن يتعلم ؟ قال : ما دامت الحياة تحسن به. وكان نقش خاتمة " وإن أمرأ دنياه أكبر همه ـ لمستمسك منها بحبل غرور " . وعن الأخفش قال : مر الحسن البصرى بأبي عمرو وحلقته متوافرة ، والناس عكوف على درسه ، فقال الحسن : من هذا ؟ فقالوا : أبو عمرو فقال الحسن : لا إله إلا الله كاد العلماء أن يكونوا أرباباً ، ثم قال الحسن : كل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل يؤول . وعن سفيان بن عيينة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت له يا رسول الله قد اختلفت على القراءات ، فبقراءة من تأمرني ؟ فقال : اقرأ بقراءة أبي عمرو بن العلاء وتوفي أبو عمرو بالكوفة سنة أربع وخمسين ومائة على قول أكثر المؤرخين وقد قارب التسعين. ـ قال أبو عمرو الأسدي : لما أتى نعي أبي عمرو أتيت أولاده لأعزيهم : فبينما أنا عندهم إذ أقبل يونس حبيب فقال نعزيكم ونعزي أنفسنا في من لا يرى شبهاً له آخر الزمان. والله لو قُسِّمَ علم أبي عمرو وزهده على مائة إنسان لكانوا كلهم علماء زهاداً ، والله لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسره ما هو عليه. وأشهـر مـن روى قـراءتـه. 1- حفـص الــدورى 2- الســوســيي . [1- حفص الدورى:] ـ هو ( أبو عمر) حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صُهبان بن عدى بن صهبان ( ويقال صهيب ) الدورى (نسبة إلى دور موضع ببغداد بالعراق ومحله بالجانب الشرقي ولد بها فهو الدوري ) الأزدى البغدادي ، النحوى المقرئ الضرير ( نزيل سامراء ) راوي الإمامين : أبي عمرو ، والكسائي. ـ ولد سنة خمسين ومائة في الدور في أيام المنصور . وقرأ على إسماعيل بن جعفر عن نافع ، وقرأ على نافع أيضاً ، وقرأ على يعقوب بن جعفر عن ابن جماز عن أبي جعفر. وقرأ على سليم عن حمزة وعلى محمد بن سعدان عن حمزة وقرأ على الكسائي. وعلى يحيى بن المبارك اليزيدي . وهو ثقة ثبت كبير ضابط ، وكان إمام القراء في عصره ، وشيخ الناس خصوصاً أهل العراق في زمانه ، وهو أول من جمع القراءات وصنف فيها . قال الأهوازي : إنه رحل في طلب القراءات ، وقرأ بسائر الحروف متواترها وصحيحها وشاذها وسمع من ذلك شيئاً كثيراً وقصده الناس من الآفاق لعلو سنده وسعة علمه ومن مصنفاته : ما اتفقت ألفاظه ومعانيه من القرآن، أحكام القرآن والسنن ، فضائل القرآن، أجزاء القرآن . وروى القراءة عنه أناس كثيرون منهم أحمد بن حرب شيخ المطوعى ، وأبو جعفر أحمد بن ( فرح بالحاء المهملة أبو جعفر المفسر المشهور ) ، وأحمد بن يزيد الحلواني . والحسن بن على بن بشار العلاف . ( والحسن بن الحسين الصواف، والحسن بن عبد الوهاب، والحسن الحداد ، والخضر بن الهيثم السطوسي ) وأبو عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير ، وعمر بن محمد بن برزة الأصبهاني . ومحمد بن أحمد (بن أبي واصل ) البرمكى ، ومحمد بن حمدون القطيعي ، وأبو عبد الله الحداد . ( قال أبو داود : ورأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري . وقال أحمد ابن فرح المفسر: سألت الدوري ما يقول في القرآن . قال : كلام الله غير مخلوق ) ـ وروى عنه بعض الأحاديث ابن ماجه في سننه ، أبو حاتم وقال : صدوق . ـ قال أبو داود رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري وطال عمره في القراءة والأقراء ، والأخذ و التلقين . وانتفع الناس بعلمه في سائر الآفاق حتى توفي في شوال سنة ست وأربعين ومائتين على الصحيح في عهد المتوكل ويليه أخوه في الأخذ عن أبي عمرو وهو السوسي [النشر (1/134) ، الأعلام (2/291)] . [ 2- الســوســي : ] هو أبو شعيب صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح الرستبي السوسي [ نسبة إلى سوس مدينة بالأهواز] الرقي [ قال في القاموس الرقة بفتح الراء بلد على الفرات واسطة ديار ربيعة ، وآخر غربي بغداد وجهه أسفل منها بفرسخ انتهى فلعل السوسي نسب إلى شيء من هذا ] وكنيته أبو شعيب ، مقرئ ضابط ، محرر ، ثقة ، اخذ القراءة عرضاً وسماعاً على أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ، وهو من أجل الصحابة وأكبرهم . وروى عنه القراءة ابنه محمد ، وموسى بن جرير النحوي ، وأبو الحارث محمد بن أحمد الطرسوسى الرقي ، ومحمد بن سعيد الحراني ، وعلى بن محمد السعدي ، ومحمد بن إسماعيل القرشي ؛ وموسى بن جمهور ، وأحمد بن شعيب النسائي الحافظ وآخرون . وتوفي بالرقة أول سنة إحدى وستين ومائتين وقد قارب التسعين [النشر(1/134)، الأعلام(31/276)] كما في النشر لابن الجزري . ولم أجد من كتب عن مولده ولكن عرف مولده بتاريخ وفاته تقريبا فقيل أنه توفي أول سنة إحدى وستين ومائتين وقد قارب السبعين . قال في النشر وقد قارب التسعين فرضي الله عنه ورحمه الله رحمة واسعة وأسكنه هو وأخواته من المقرئين أعلى الجنان . منهــج أبي عمــرو فـي القــراءة : 1- له بين كل سورتين البسملة ، السكت ، الوصل ، سوى الأنفال وبراءة فله القطع ، السكت ، الوصل ، وكل منها بلا بسملة . 2- له من رواية السوسي إدغام المتماثلين نحو الرحيم ملك ، والمتقاربين نحو وشهد شاهد ، والمتجانسين نحو ربكم أعلم بكم بشروط خاصة. 3- له في المد المتصل التوسط من الروايتين ، وله في المد المنفصل القصر والتوسط من رواية الدوري ، والقصر فقط من رواية السوسي. 4- يسهل الهمزة الثانية من الهمزتين الواقعتين في كلمة مع إدخال ألف بينهما. 5- يسقط الهمزة الأولى من الهمزتين الواقعتين في كلمتين المتفقتين في الحركة وبغير الهمزة الثانية من المختلفتين كما يغيرها ابن كثير . 6- يبدل الهمزة الساكنة من رواية السوسي نحو {المؤمنون}، {الذنب}، {اطمأنتم}، سوى ما استثناه له أهل الأداء. 7- يدغم ذال إذ في حروف مخصوصة نحو {إذ دخلوا} ، ودال في حروف معينة نحو {فقد ظلم}، وتاء التأنيث في بعض الحروف نحو {كذبت ثمود} ، ولام هل في {هل ترى من فطور بالملك}،{هل ترى لهم من باقية بالحاقة } ويدغم بعض الحروف الساكنة في بعض الحروف القريبة منها في المخرج نحو {نبذتها} ، {عذت} ، {ومن يرد ثواب}. 8- يقلل الألفات من ذوات الياء إذا كانت الكلمة التي فيها الألف على وزن فعلى بفتح الفاء نحو {السلوى} ، أو كسرها نحو {سيماهم} ، أوضحها نحو {المثلى} ، ويميل الألفات من ذوات الياء إذا وقعت بعدراء نحو {اشترى} ، {الذكرى}، {النصارى} ويميل الألفات التي وقع بعدها راء مكسورة متطرفة نحو {على أبصارهم} ، {من ديارهم} . ويميل الألف التي وقعت بين راءين الثانية منهما متطرفة مكسورة نحو {إن كتاب الأبرار} {من الأشرار}. ويميل ألف لفظ الناس المجرور من رواية الدوري . 9- يقف على التاءات التي رسمت في المصاحف تاء بالهاء نحو {بقيت الله خير لكم} {إن شجرة الزقوم}. 10- بفتح ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مفتوحة نحو إني أعلم أو مكسورة نحو فإنه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده ، والتي بعدها همزة وصل مقرونة بلام التعريف نحو {لا ينال عهدي الظالمين}، والتي بعدها همزة وصل مجردة عن لام التعريف نحو {هارون أخي أشدد} . على تفصيل يعلم من كتب الفن. 11- يثبت بعض ياءات الزوائد وصلاً نحو {أجيب دعوة الداع إذا دعان} ومن آياته {الجوار في البحر مالأعلام}.